تزايدت في السنوات الأخيرة عمليات العنف التي تستهدف مدارس اليمن وتلاميذها. وفي خلال الصراعات المسلحة الأخيرة في محافظات عمران وإب والبيضاء والعاصمة صنعاء في خلال العام الماضي، استهدف أطراف الصراع المدارس والتلاميذ، ما أدى الى مقتل وإصابة عشرات منهم وتضرّر عشرات المدارس أو احتلالها. وهو ما أثار استنكاراً واسعاً وذعراً في نفوس الأهالي، فأحجم بعضهم عن إرسال أبنائهم إلى المدارس.
ومن اللافت أن تلميذات اليمن يستهدفن أكثر من زملائهم. ففي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، سقطت 16 طالبة في الصفوف الابتدائيّة في مدرسة الخنساء للبنات بقذيفة استهدفت حافلة مدرسيّة في مدينة رداع في محافظة البيضاء، وسط اليمن. وبعد أيام على تلك الحادثة، تمكّن خبراء المتفجرات من تفكيك عبوة ناسفة زُرعت عند سور مدرسة أروى، كبرى مدارس البنات في العاصمة صنعاء، الأمر الذي دفع بعدد من أولياء الأمور إلى منع بناتهم من الالتحاق بصفوفهنّ. وتخبر أم نادية إسماعيل أنها وزوجها اتخذا قراراً بعد ذلك بعدم إرسال ابنتهما إلى المدرسة هذا العام، إلى حين استقرار الأوضاع.
لم يقف الأمر عند هذه الحوادث، بل تلتها حادثة تفخيخ سور مدرسة الوحدة للبنات ومقتل شخص وإصابة آخرين عند محاولة تفكيكها في مدينة ذمار. من جهته، يقول إبراهيم الخالدي إن "زرع عبوات ناسفة في المدارس وإصابة أخرى إثر اشتباكات مسلحة في جوارها أو حتى احتلال المدارس من قبل الجماعات المسلحة المتصارعة في اليمن، يجعلني أفكر جدياً في إبقاء أبنائي الثلاثة في المنزل لبقيّة هذا العام، على أن يستأنفوا دراستهم العام المقبل". يضيف: "فذلك أفضل بكثير من خسارتهم".
بالنسبة إلى الروائي اليمني محمد الغربي عمران، وهو رئيس نادي القصة في اليمن، فإن "ثمّة جماعات دينيّة مسلحة ترفض التعليم، خصوصاً تعليم الفتاة. وهي تحاول الضغط على الأهالي لإخراج أبنائهم من المدارس". يضيف أن "العلم يتصادم مع أفكار هذه الجماعات ولا يخدم توجهاتها، لذا يعملون على إرهاب الناس وإبعاد التلاميذ عن المدارس من خلال زرع عبوات ناسفة فيها". ويسأل عن جدوى قيام الحكومة بتحديد عام 2015 عاماً للتعليم في اليمن، بينما ثمّة مَن يقوم بممارسات تحدّ من التحاق التلاميذ بالمدارس.
من جهته، يؤكد عضو اللجنة المركزيّة للحزب الوحدوي الناصري، مانع المطري، ما ذهب إليه عمران، مشيراً إلى أن استهداف المدارس عمليّة مقصودة ومنظمة تهدف إلى "إرهاب الأهالي". يقول: "تقوم جهات في منطقة نهم، شمال صنعاء، بتحريض الآباء ضدّ المدارس بذريعة أنها غير مناسبة لأطفالهم ولا تقدم لهم ما يفيدهم في حياتهم. وفي المقابل، يطلبون منهم إدخال أبنائهم إلى مدارس تقليديّة دينيّة".
ولمواجهة هذه الظاهرة، نفّذ بعض شباب منطقة نهم حملة توعوية للآباء تعرّفهم بأهميّة التعليم وضرورة إدخال أولادهم المدارس الحكوميّة الرسميّة، إذ إن مناهجها تربويّة معتدلة ومناسبة لهم.
ويشير المطري إلى إمكانيّة تسجيل الممارسات نفسها في مدارس مناطق نائية مختلفة في اليمن. ويطالب وزارة التربية والتعليم ومنظمات المجتمع المدني بضرورة العمل على حماية العمليّة التعليميّة عبر وضع "برامج تحفز الأهالي على تسجيل أبنائهم في المدارس وإبعادهم عن التطرّف وحمل السلاح". إزاء هذا الواقع، تكتفي وزارة التربية والتعليم بمناشدة الأطراف المتصارعة في اليمن بعدم إقحام المدارس والتلاميذ في خلافاتها السياسيّة أو المسلحة، موضحة عدم امتلاكها الأدوات التي تمكّنها من الحدّ من محاولات استهداف المدارس المتكررة. ويقول مصدر مسؤول في الوزارة، فضّل عدم ذكر اسمه، إن الوزارة عاجزة عن حماية المدارس والتلاميذ بسبب الأحداث الأخيرة، سائلاً: "كيف لنا كموظفين حماية ستة ملايين تلميذ وتلميذة وآلاف المدارس؟".