بينما تحتاج عائلات اليمن إلى أبنائها المغتربين، لا يتمكن هؤلاء من العودة إلى أسباب مختلفة. فقد أدى ضعف فرص العمل في اليمن إلى حرص العاملين في المهجر على المكوث هناك طويلاً لزيادة دخلهم وتحويل ما أمكنهم إلى عائلاتهم، كتعويض عن عدم وجودهم بين زوجاتهم وأبنائهم خصوصاً.
على هذا الحال، لا ينوي عشرات آلاف اليمنيين ممن يعملون في السعودية من دون تأشيرات العودة إلى بلادهم قريباً. فهؤلاء لن يسمح لهم بالعودة إلى السعودية مرة أخرى في حال رحلوا عنها. كذلك، لن يتمكنوا من دخول السعودية عن طريق التهريب خوفاً على حياتهم بسبب المواجهات الحدودية المسلحة.
في هذا الإطار، أنهى وليد عبد الله عامه الثالث وهو بعيد عن أفراد أسرته. قرر عدم العودة إلى اليمن من مكان عمله في السعودية في إجازاته السنوية. يقول لـ "العربي الجديد": "ملايين اليمنيين يتمنون الخروج من اليمن في هذه الأيام، فلا مصادر للدخل ولا أعمال ولا أوضاع آمنة". يشير إلى أنّ هذا الوضع يجعل العودة إلى اليمن مخاطرة بالرغم من إمكانية العودة.
يضيف: "أتحمل أنا العمل المتواصل وأتغلب على الشوق لأفراد أسرتي من أجلهم كي يعيشوا بكرامة. هم يتفهمون ذلك تماما". يلفت إلى أنّ العودة تعرضه وعمله للخطر، كما أنها تقضي على ما جمعه خلال السنوات الماضية من مال، في الوقت الذي يتوجب عليه أن يرسل كلّ ما يحصل عليه إلى أسرته في اليمن بدلاً من صرفه في تكاليف السفر.
يؤكد عبد الله أنّ غيابه الطويل يؤثر على أبنائه بشكل مباشر، كونه لا يشرف بشكل على تعليمهم وتربيتهم. يواصل: "يكبر أبنائي بعيداً عني، ولا أتواصل معهم إلاّ عبر الهاتف والإنترنت، لكنّي مطمئن عليهم لأنّهم تحت إشراف ومتابعة أشقائي وأخوالهم".
وشكّل انقطاع معظم الخطوط الجوية والبرية والبحرية إلى اليمن، وإغلاق معظم المطارات والمرافئ والمعابر، بالإضافة إلى المخاطر الأمنية على الطرق في المنافذ المفتوحة، سبباً مهماً في عزوف الكثيرين عن زيارة بلدهم وزيارة أسرهم.
كذلك، تنتشر ظاهرة الاغتراب في المجتمعات الداخلية الريفية الغربية، حيث المجاعة في مناطق إب وتعز التي تدور فيها اشتباكات عسكرية متفرقة. ويجد المغتربون من أبناء تلك المناطق في طول فترة الغياب عن بلدهم مبرراً طبيعياً وهو تحسين معيشة عائلتهم بشكل يؤمّنها مذلة الاحتياج والجوع مثل كثير من العائلات الأخرى.
اقــرأ أيضاً
على هذا الحال، لا ينوي عشرات آلاف اليمنيين ممن يعملون في السعودية من دون تأشيرات العودة إلى بلادهم قريباً. فهؤلاء لن يسمح لهم بالعودة إلى السعودية مرة أخرى في حال رحلوا عنها. كذلك، لن يتمكنوا من دخول السعودية عن طريق التهريب خوفاً على حياتهم بسبب المواجهات الحدودية المسلحة.
في هذا الإطار، أنهى وليد عبد الله عامه الثالث وهو بعيد عن أفراد أسرته. قرر عدم العودة إلى اليمن من مكان عمله في السعودية في إجازاته السنوية. يقول لـ "العربي الجديد": "ملايين اليمنيين يتمنون الخروج من اليمن في هذه الأيام، فلا مصادر للدخل ولا أعمال ولا أوضاع آمنة". يشير إلى أنّ هذا الوضع يجعل العودة إلى اليمن مخاطرة بالرغم من إمكانية العودة.
يضيف: "أتحمل أنا العمل المتواصل وأتغلب على الشوق لأفراد أسرتي من أجلهم كي يعيشوا بكرامة. هم يتفهمون ذلك تماما". يلفت إلى أنّ العودة تعرضه وعمله للخطر، كما أنها تقضي على ما جمعه خلال السنوات الماضية من مال، في الوقت الذي يتوجب عليه أن يرسل كلّ ما يحصل عليه إلى أسرته في اليمن بدلاً من صرفه في تكاليف السفر.
يؤكد عبد الله أنّ غيابه الطويل يؤثر على أبنائه بشكل مباشر، كونه لا يشرف بشكل على تعليمهم وتربيتهم. يواصل: "يكبر أبنائي بعيداً عني، ولا أتواصل معهم إلاّ عبر الهاتف والإنترنت، لكنّي مطمئن عليهم لأنّهم تحت إشراف ومتابعة أشقائي وأخوالهم".
وشكّل انقطاع معظم الخطوط الجوية والبرية والبحرية إلى اليمن، وإغلاق معظم المطارات والمرافئ والمعابر، بالإضافة إلى المخاطر الأمنية على الطرق في المنافذ المفتوحة، سبباً مهماً في عزوف الكثيرين عن زيارة بلدهم وزيارة أسرهم.
كذلك، تنتشر ظاهرة الاغتراب في المجتمعات الداخلية الريفية الغربية، حيث المجاعة في مناطق إب وتعز التي تدور فيها اشتباكات عسكرية متفرقة. ويجد المغتربون من أبناء تلك المناطق في طول فترة الغياب عن بلدهم مبرراً طبيعياً وهو تحسين معيشة عائلتهم بشكل يؤمّنها مذلة الاحتياج والجوع مثل كثير من العائلات الأخرى.
مع ذلك، هناك مشاكل عديدة تنتج عن طول فترة الغربة، أبرزها المشاكل العاطفية، خصوصاً لدى النساء اللواتي يتحرجن من الإفصاح عنها حتى للزوج نفسه. ففي حال تواصلهما يكون محور الحديث بينهما غالباً حول إهمال الأبناء وفقدان الزوجة السيطرة على وضع البيت، وعدم جدوى التواصل الهاتفي لتصحيح مشاكل الأبناء بالشكل المطلوب.
يؤكد محمد ثابت أنّ صهره المغترب طاهر كان حريصاً في السابق على "زيارة زوجته وابنيه لمدة شهر في كلّ عام، إلا أنّ ظروف الحرب الاستثنائية، خلال العامين الأخيرين، تجعل من بقائه في المهجر ضرورة، لزيادة الدخل ومواجهة ارتفاع الأسعار، وتوفير ما أمكن من المدخرات للآتي من الأيام". يضيف: "لم نستشر زوجة طاهر حول قرار بقائه، كون هذا الأمر يرتبط بي وبولديه وليس لزوجته علاقة بالأمر"، في إشارة إلى العادات المحلية التي تعاب على أساسها الزوجة في حال الإفصاح عن معاناتها من طول اغتراب زوجها.
من جهتها، تقول الإعلامية المتخصصة في شؤون الأسرة في إذاعة صنعاء، سامية العنسي لـ "العربي الجديد": "العلاقة بين المغترب اليمني وزوجته تنجح مادياً وتفشل عاطفياً. لكنّ كثيرين خارج الأسرة يعدون مثل هذه العلاقة بالجيدة ما دام الطرفان مستمرين كزوجين، ولو بالاسم لا أكثر". تتساءل: "كيف يمكننا تسمية علاقة بين امرأة ورجل بالزواج بينما لا يجتمع الزوج بها إلا شهرين بعد سنوات من الغياب. ففي أحيان كثيرة يضيع مستقبل العلاقة ويضيع مستقبل الأبناء".
بدورها، تقول الأكاديمية في جامعة صنعاء والمتخصصة في الإعلام الاجتماعي، فاطمة الأغبري: "ينبغي أن يعتمد القرار حول مدة الاغتراب على إجماع الزوجين، كونه لا يخص الزوج وحده، فإذا لم تكن هناك ثقة، وكانت هناك غيرة حد الشك البعيد، فيمكن لهذا الأمر أن يسبب عدداً من المشاكل الخطيرة، خصوصاً لو أهمل الزوج المغترب شريكة حياته ولم يشركها في خططه، وهي التي تتولى دوري الأم والأب معاً في تربية الأطفال".
مع ذلك، تؤكد الأغبري أنّ الوضع السيئ لليمن لا يمنح خياراً آخر في معظم الحالات: "كثير من الأسر مبنية على هذا الأساس. تبقى الأم والأبناء في الوطن ويسافر الأب ليوفر لهم لقمة العيش التي لم تتح له الفرصة في توفيرها وهو إلى جانبهم".
تعتبر المملكة العربية السعودية في مقدمة البلدان العربية المستقبلة لليمنيين. أما المهاجرون اليمنيون في البلدان الآسيوية فيتواجدون بكثافة في كلّ من إندونيسيا والهند وماليزيا. كذلك، هناك يمنيون في أوروبا، والولايات المتحدة، وأفريقيا خصوصاً في كينيا وتنزانيا.
اقــرأ أيضاً
يؤكد محمد ثابت أنّ صهره المغترب طاهر كان حريصاً في السابق على "زيارة زوجته وابنيه لمدة شهر في كلّ عام، إلا أنّ ظروف الحرب الاستثنائية، خلال العامين الأخيرين، تجعل من بقائه في المهجر ضرورة، لزيادة الدخل ومواجهة ارتفاع الأسعار، وتوفير ما أمكن من المدخرات للآتي من الأيام". يضيف: "لم نستشر زوجة طاهر حول قرار بقائه، كون هذا الأمر يرتبط بي وبولديه وليس لزوجته علاقة بالأمر"، في إشارة إلى العادات المحلية التي تعاب على أساسها الزوجة في حال الإفصاح عن معاناتها من طول اغتراب زوجها.
من جهتها، تقول الإعلامية المتخصصة في شؤون الأسرة في إذاعة صنعاء، سامية العنسي لـ "العربي الجديد": "العلاقة بين المغترب اليمني وزوجته تنجح مادياً وتفشل عاطفياً. لكنّ كثيرين خارج الأسرة يعدون مثل هذه العلاقة بالجيدة ما دام الطرفان مستمرين كزوجين، ولو بالاسم لا أكثر". تتساءل: "كيف يمكننا تسمية علاقة بين امرأة ورجل بالزواج بينما لا يجتمع الزوج بها إلا شهرين بعد سنوات من الغياب. ففي أحيان كثيرة يضيع مستقبل العلاقة ويضيع مستقبل الأبناء".
بدورها، تقول الأكاديمية في جامعة صنعاء والمتخصصة في الإعلام الاجتماعي، فاطمة الأغبري: "ينبغي أن يعتمد القرار حول مدة الاغتراب على إجماع الزوجين، كونه لا يخص الزوج وحده، فإذا لم تكن هناك ثقة، وكانت هناك غيرة حد الشك البعيد، فيمكن لهذا الأمر أن يسبب عدداً من المشاكل الخطيرة، خصوصاً لو أهمل الزوج المغترب شريكة حياته ولم يشركها في خططه، وهي التي تتولى دوري الأم والأب معاً في تربية الأطفال".
مع ذلك، تؤكد الأغبري أنّ الوضع السيئ لليمن لا يمنح خياراً آخر في معظم الحالات: "كثير من الأسر مبنية على هذا الأساس. تبقى الأم والأبناء في الوطن ويسافر الأب ليوفر لهم لقمة العيش التي لم تتح له الفرصة في توفيرها وهو إلى جانبهم".
تعتبر المملكة العربية السعودية في مقدمة البلدان العربية المستقبلة لليمنيين. أما المهاجرون اليمنيون في البلدان الآسيوية فيتواجدون بكثافة في كلّ من إندونيسيا والهند وماليزيا. كذلك، هناك يمنيون في أوروبا، والولايات المتحدة، وأفريقيا خصوصاً في كينيا وتنزانيا.