يحيا القيصر

20 مارس 2015
لم يظهر انزعاج عون لدى تقبيل يده
+ الخط -
في لبنان قيصر جديد يعمل على بناء أمبراطوريته منذ عقود. قائد للجيش، زعيم منفي، رئيس تكتل نيابي، مرشح رئاسي، وعائلة صغيرة حوله قادرة على شلّ البلد والحياة السياسية. وإلى جانب كل هذا المشروع، جمهور وحشد يصرخ "يحيا القيصر! يحيا القيصر!".

كل هذه الأسس باتت جاهزة وواضحة، ولم يكن ينقصها سوى لمسة أخيرة لتكريس القيصر على عرشه فوق كل البشر والقوانين والاعتبارات. كان ينقص الجنرال ميشال عون أن ينحني له أحد ويقبّل يده. وهذا ما حصل فعلياً في احتفال للتبرعات أقامه عون وتياره في ذكرى "حرب التحرير"، أي الحرب التي أطلقها عون عام 1989 وانتهت بهروبه من القصر الرئاسي ودخول الجيش السوري إليه محتلاً ووصيّاً ومنتدباً وحاكماً للبنان واللبنانيين. جاءت قبلة اليد من فنان مفترض يدعى سمير صفير، على وقع أناشيد وطنية وعسكرية تدعو إلى انتخاب عون رئيساً للجمهورية اللبنانية. لم يمانع عون كثيراً في انحناءة صفير. لم يسحب يده قبل طبع القبلة عليها. من موقع القيصر قد يحلو له أن يرى الناس تمرّ من تحته لتتبارك وتؤدي فروض الطاعة. بالطبع ليس هذا مشهد للتعميم على جمهور عون والمسؤولين فيه.

إلا أنّ تعليقات هؤلاء ودفاعهم عن تلك الانحناءة يوحي وكأنهم جميعاً سيتصرّفون وفق هذا المنطق لو سنحت لهم فرصة الاقتراب من قيصرهم. يحيا القيصر على عرشه ولتتعطّل الانتخابات الرئاسية طالما أن الجميع لم يوافقوا بعد على انتخاب عون رئيساً. يحيا القيصر على عرشه وليُنسف تشكيل الحكومات طالما أنّ الخصوم يرفضون توزير صهره، جبران باسيل. يحيا القيصر على عرشه ولتُهدَّد قيادة الجيش اللبناني بالفراغ طالما أن التوافق غائب عن تنصيب صهره الآخر، العميد شامل روكز، على رأس الجيش. يحيا القيصر على عرشه وليحصل طلاب لبنان على إفادات بدل شهادات طالما أنّ الوزير إلياس بو صعب (أحد مموّلي التيار العوني) يريد ذلك.

يحيا القيصر على عرشه ولينحني الشعب إجلالاً وتكريماً واحتراماً أمام القائد المفدّى. عون يمدّ يده ليقبّلها ناس البلاط، أما حليفه حزب الله فيهدّد بقطع الأيدي أيضاً، بما أن "اليد التي ستمتدّ إلى سلاح المقاومة سنقطعها".