الحديث عن الحرب في سورية والبراميل المتفجرة والحصار والجوع والتشرّد لم يعد كافياً لإقناع غيرهم من المعذّبين على الأرض، بأن هذا الشعب يعيشُ مأساةً، طالما أتيحت له فرصة الوصول إلى أوروبا. وما قاله المفوّض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أنطونيو غوتيريس أخيراً، حول إن عدد اللاجئين في الدول المجاورة لسورية يقدَّر بنحو أربعة ملايين لاجئ، ومن المتوقّع أن يصل إلى 4.27 ملايين لاجئ مع نهاية عام 2015 الجاري، لم يعد له أهمية أيضاً.
مأساة الشعب السوري هذه، لم تمنع بعض العرب من التمنّي: "يا ليتنا كنّا سوريّين"، علّهم يحظون بفرصة بلوغ أوروبا ويصبحون مواطنين أوروبيّين في المستقبل. من بين هؤلاء، لبنانيّون اختاروا أيضاً الهجرة بطريقة غير شرعيّة، "بحجّة السوريّين". هم أيضاً لديهم أسبابهم. بالنسبة إليهم، الحرب ليست الدافع الوحيد. ويتحدّثون عن الجوع والعوز والبحث عن الأمن والأمان.
أخيراً، أوقف الجيش اللبناني مركباً في عرض البحر على متنه 53 مهاجراً غير شرعي من جنسيات لبنانيّة وفلسطينيّة وسوريّة، بينهم نساء وأطفال، على بعد ثلاثة أميال من جزر النخيل، قبالة مدينة طرابلس (شمال لبنان). يُذكر في هذا السياق، أن عائلة لبنانيّة مؤلفة من 11 فرداً من آل صفوان، غرقت في أثناء توجهها عبر البحر من تركيا إلى اليونان بطريقة غير شرعيّة.
لا ينحصر الأمر باللبنانيّين والفلسطينّيين، بل يشمل العراقيّين أيضاً إلى جانب آخرين من دول أفريقيا وآسيا. وأخيراً، أُوقِف مصري ادّعى أنه سوري حتى يتمكّن من الوصول إلى أوروبا.
وهو ما أشار إليه متحدّث باسم الخارجيّة الألمانيّة، قائلاً إنّ نحو ثلث طالبي اللجوء إلى ألمانيا ينتحلون الجنسيّة السوريّة وهم ليسوا بسوريّين.
وتلفت تقارير عديدة إلى أن الحروب المتتالية في عدد من بلدان الشرق الأوسط وعدم الاستقرار الأمني بالإضافة إلى غياب الخطط الحكوميّة طويلة الأمد لاحتواء المواطنين وغيرها من الأسباب، تجعل من الهجرة هاجس عدد كبير من العرب. وسط هذه الظروف، لا شكّ في أنّ كثيرين من دول عربيّة أخرى، غير سورية، سوف يجازفون بحياتهم، علّهم يصلون إلى أوروبا. وهم لن يترددوا في استخدام جوازات سفر سوريّة مزوّرة، إن كانت تسهّل بلوغ هدفهم. لا يهمّهم غير تحقيق حلم مؤجّل، وقد حان الوقت بالنسبة إليهم، طالما أن الدول الأوروبيّة لم تغلق حدودها بعد. أما إذا كُشفت هويّتهم الحقيقيّة، فهم سوف يؤكّدون أن معاناتهم شبيهة بما يعيشه السوريون، وإن كان بعضهم لا يتعرّض للقصف بالبراميل المتفجّرة وغيرها يومياً. هؤلاء يريدون الحياة في بلاد تحترم الإنسان وحقوقه، لا أكثر.
اقرأ أيضاً: موت في الثلاجة