ياسر عبد ربه...نهاية حقبة في أمانة سرّ اللجنة التنفيذية

02 يوليو 2015
أمضى 44 عاماً في اللجنة التنفيذية (عباس المومني/فرانس برس)
+ الخط -
يقيم ياسر عبد ربّه في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ 44 عاماً، بلا انقطاع. يذكّرنا بكل هذه السنوات، القرار الذي كانت "العربي الجديد" أول من كشفت عنه، أي قرار إخراجه من أمانة سر اللجنة، والذي صدر في اجتماع لها في رام الله، ليلة الثلاثاء، كان عبد ربه غائباً عنه، لوجوده في لندن، وعلم بالقرار الذي اعترض عليه من وسائل الإعلام، واعتبر أن رئيس اللجنة التنفيذية محمود عباس لا يملك قرار إعفائه من موقعه، قانوناً وعملياً، مع العلم أنه تقرر تعيين أعضاء اللجنة العتيدة، التي تعد بمثابة حكومة منظمة التحرير، بترشيحات من المجلس الوطني الفلسطيني، المعطل منذ سنوات، والذي ينوب عنه المجلس المركزي للمنظمة.

اقرأ أيضاً: خلافات حادّة بين عباس وعبد ربه تجرده من مهامه

لم يعد الوضع المؤسسي الرسمي الفلسطيني يتيح ترف النقاش القانوني، من هذا النوع خصوصاً، والذي يؤثر عبد ربه تصويب الأنظار إليه، بدل الانصراف إلى القيل والقال، والشائعات الصحيحة وغير الصحيحة، عن أسباب هذا الإعفاء الذي يعكس توتراً واضحاً في العلاقة بين عباس وعبد ربه، وهما صديقان مزمنان، وحليفان عريقان، وعلى اتفاق مطلق في الخيارات السياسية، وكانا من الفلسطينيين الستة الذين طبخوا اتفاق أوسلو السري، في العام 1993، من دون كل الشعب الفلسطيني ومؤسسات منظمة التحرير التي صادقت تالياً على الاتفاق الشهير.

فيما سيجنح أمين سر اللجنة التنفيذية المقال، ياسر عبد ربه (70 عاماً)، إلى إحالة الانتباه إلى قانونية الإجراء الذي تم اتخاذه بصدد عضويته المستمرة منذ العام 1971، فإن بازار التكهنات بشأن هذا الأمر سيذهب إلى مقدمات سبقته، ومنها الهجمات والانتقادات الإعلامية التي تم تصويبها في تلفزيون فلسطين، على الأمين العام لحزب الاتحاد الفلسطيني (فدا)، وهذه صفة الرجل التي (تمتع) من خلالها بعضوية اللجنة التنفيذية، بعد انشقاقه عن الجبهة الديمقراطية للتحرير الفلسطينية، في أوائل التسعينيات، بعد أن كان نائب نايف حواتمة في قيادة الجبهة. وأفيد أن تلك الانتقادات التلفزيونية كانت موجهة من الرئيس عباس الذي بادر أيضاً إلى سحب صلاحيات مالية وإدارية من خلفه في أمانة سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، منذ العام 2005، إبّان تولي عباس مواقع الرئيس الراحل ياسر عرفات.

وأمام سيولة الراهن المؤسسي لمنظمة التحرير وأجهزتها التي يصح وصفها بأنها شبحية إلى حد كبير، حيث الهياكل الشائخة، والاتحادات والفصائل والتكوينات المهترئة، بحيث أصبحت مجرد عنوان سياسي، في تمثيل الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات، وأمام ابتلاع مؤسسات السلطة الوطنية منظمة التحرير، في تفاصيل مالية وإدارية كثيرة، أمام هذا الحال، لا يبدو أن الجمهور الفلسطيني سيحظى بمعرفة حقائق إعفاء عبد ربه من موقعه وأسباب غضبة عباس منه. تماماً كما أن الشفافية الغائبة هي التي طبعت جولات الخلافات المتتالية بين الرئاسة الفلسطينية مع هذا أو ذاك من الشخصيات، في حركة فتح وفي خارجها، وإن وجدت بعض هذه الخلافات تصريفات لها في المحاكم وفي دعاوى قضائية، كما في حالة المفصول من حركة فتح، محمد دحلان، والذي يحتفظ بصفته نائباً في المجلس التشريعي. وقد استجد أخيراً وضع رئيس الوزراء السابق، سلام فياض، في دائرة الشبهة والشكوك، فيما يتعلق بأموال مؤسسة فلسطين الغد التي يرأسها، وهو الذي نفى أي اتهامات له بفساد. وبالقياس على حالات أخرى، ليس متوقعاً أن تصارح مؤسسة منظمة التحرير الشعب الذي تمثله بشأن قضية عبد ربه الجديدة، وإن يظل احتمالاً وارداً أن تتدحرج فصول هذه القصة تباعاً، إذا ما اختار الرجل تصعيداً إعلامياً، وجنح إلى فتح ملفات، وإشاعة ما قد يخدمه في التشويش على عباس ورئاسته.

يعزز ملف ياسر عبد ربه، بملابساته غير الظاهرة تماماً، القناعة العريضة لدى الشعب الفلسطيني ببؤس حال منظمة التحرير التي طالما طالع عن جولات حوار وفاقية ومصالحات بلا عدد في السنوات العشر الماضية، انتهت وثائقها إلى تجديد هياكل هذه المنظمة وإحياء مؤسساتها، الأمر الذي يتأكد يوماً بعد آخر أنه أمر بعيد التحقق، وتؤكد إزاحة ياسر عبد ربه من أمانة سر اللجنة التنفيذية، بالكيفية التي تم فيها، عن موقعه فيها، دليلاً على ذلك، أما بقاؤه عضواً في الموقع القيادي في اللجنة 44 عاماً فقصة أخرى.

اقرأ أيضاً: منظمة التحرير بين الإصلاح وإنتاج البديل
المساهمون