وول ستريت: داعش أغنى منظمة إرهابية في العالم

29 اغسطس 2014
أيزيديون هجّرتهم داعش (Getty)
+ الخط -

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلاً عن مسؤولين غربيين وعرب، إن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" يدير اقتصاده بشكل ذاتي من خلال السيطرة على آبار النفط في سورية والعراق، فضلاً عن ضرائب يجمعها من نحو ثمانية ملايين شخص، مشيرة إلى أن ذلك يجعل "داعش" واحداً من أغنى الجماعات الإرهابية في العالم.

وحسب التقرير، فبعد أن كان "داعش" يعتمد على تمويلات من ممولين في المنطقة العربية  والتبرعات من العالم الإسلامي، بات الآن يعتمد على التمويل الذاتي بعد أن ابتلع أجزاء كبيرة من العراق وسورية.

وقال التقرير: يرى مسؤولون وخبراء في مكافحة الإرهاب أن محاصرة مصادر التمويل المحلي للجماعة تشكل معضلة للدول العربية والغربية الساعية إلى تقويض الدولة الإسلامية، وهذه المعضلة تكمن في أن محاولة تقويض النشاط الاقتصادي للتنظيم قد تؤدي إلى أزمة إنسانية حقيقية في المناطق التي تسيطر عليها بالفعل.

ويعتمد تنظيم الدولة الإسلامية على مجموعة من المتطرفين الذين يتبعون نظام الابتزاز وفرض الجزية على الأعمال الزراعية من الرقة في سورية إلى الموصل في العراق. هذا إضافة إلى فرض رسوم النقل العام وإتاوات تفرض مقابل حماية المسيحيين وأقليات دينية أخرى اختارت العيش تحت ظل المتشددين بدلا من الفرار.

وأكدت مصادر غربية وسورية وعراقية على معرفة بالمعاملات التجارية، للصحيفة الأميركية، أن داعش يقيم تعاملات تجارية مع رجال أعمال من الدول نفسها التي تحاول اجتثاث جذور التنظيم. وتسيطر داعش على مبيعات النفط والقمح والآثار، بالإضافة إلى تحفيز ما يسمى  بـ"السوق الرمادية" وعقد صفقات مع رجال أعمال سوريين وشيعة وأكراد من لبنان والعراق.

ويضيف المسؤولون الغربيون قولهم أن مدفوعات الفدية تعد مصدراً أساسياً لدخل التنظيم، ولكنها أقل بكثير من دخل الأنشطة المحلية.

وأثناء تحركات التنظيم في سورية العام الماضي، والعراق هذا العام، استولى داعش على حقول النفط والأراضي والمحاصيل وفروع البنوك المركزية. بيد أن خبراء في الشرق الأوسط يرون أن التنظيم لا يزال خليفة تنظيم القاعدة في العراق، والذي أصبح أغنى فرع للقاعدة باستخدامه أنواع الضرائب المحلية نفسها والابتزاز.

وقدر مسؤولون عراقيون ومعارضون سوريون للصحيفة عدد من يعيشون تحت ظل الدولة الإسلامية بشكل كامل أو جزئي بما لا يقل عن ثمانية ملايين سوري وعراقي.

وتروي إحدى العائلات المالكة لأراضٍ زارعية للصحيفة أنه في وقت سابق من هذا العام، حين انتشر متشددو الدولة الإسلامية في شمال سورية، أن العائلة فوجئت بالمتشددين يطرقون بابها ويطلبون منها دفع الزكاة سواء بالذهب أو الفضة أو أي مواد ثمينة أخرى كضريبة عن المحصول السنوي الذي يزرعونه. وأكدت العائلة أن هناك مزارعين اضطروا إلى دفع الزكاة عن الأراضي التي في حوزتهم بدلاً من الدفع على إنتاج محاصيلهم التي تأثرت بالجفاف.

ويشير مسؤولون عرب وغربيون في تعليقاتهم للصحيفة، إلى أن الحكومات لا تستطيع تقدير النشاط المحلي للجماعة، لأنه يختلف من منطقة إلى أخرى، مما يجعل أمر تعقبه صعباً على الحكومات. كما أنه من الصعب قياس الرسوم المحلية والابتزاز القائم على مبيعات النفط والمبيعات الزراعية بسبب شبكات التهريب والتجارة داخل سورية والعراق والدول المجاورة.

ووفقا لسوريين ولبنانيين مشاركين في تجارة النفط، فإن "داعش"  في سورية تسيطر على ثمانية حقول للنفط والغاز في محافظتي الرقة ودير الزور. ويتاجرون بمنتجات هذه الحقول مع أشخاص من دول تحاربهم. ويبيعون النفط الثقيل بمتوسط 26 دولاراً إلى 35 دولاراً للبرميل الواحد للتجار المحليين، أو لتجار عبر الحدود في العراق، ولمعامل تكرير أغنياء الحرب بتمويل من رجال أعمال أتراك ولبنانيين وعراقيين.

وبينما يباع النفط الخام الخفيف، والذي يعد الأغلى في الأسواق العالمية، إلى نحو 110 دولارات للبرميل الواحد، تبيعه داعش بنحو 35 دولاراً. أما المواد الخام المهربة فتباع بسعر أغلى من نظيرتها المحلية. وقدر المتمردون السوريون الحقول التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية بأنها تنتج بين ثلاثين ألف إلى سبعين ألف برميل يومياً.

كما انتعشت التجارة، فيما وراء الحدود السورية والعراقية من خلال شبكة رجال أعمال. وينقل التجار الأكراد النفط للعراقيين الأكراد ثم يباع إلى تجار أتراك أو إيرانيين. ويهرب هؤلاء التجار النفط داخل بلادهم أو يبيعونه للحكومة السورية.

وقالت وزارة الخارجية التركية إن كمية النفط التي ضبطت على الحدود التركية السورية تصاعدت بنسبة 300% منذ بداية الانتفاضة السورية في عام 2011. وأوضح مسؤول رفيع المستوى من الخارجية التركية، قائلا: "نحن نحاول أن نوقف هذا النشاط التجاري، ولكن سيطرة الشرطة على الحدود صعبة جداً".

يذكر أنه في وقت سابق من هذا الشهر، وضعت الأمم المتحدة لائحة عقوبات على ستة مواطنين قيل إنهم متورطون في تمويل الدولة الإسلامية وجبهة النصرة، الذارع السورية الرسمية للقاعدة، إذ مُنعوا من السفر وجُمدت أصولهم.

وتبرّأ تنظيم "القاعدة" من تنظيم الدولة الإسلامية هذا العام، بينما ما تزال جبهة النصرة على القوائم السوداء الدولية والأميركية.

وتعد عقوبات الأمم المتحدة الأولى دولياً لوقف إيرادات وعمليات التنظيم. بيد أن خبراء مكافحة الإرهاب يقولون إن الطرق الفعالة لتضييق الخناق قليلة بسبب كثرة العائدات المحلية للتنظيم فضلا عن إجرائه المعاملات نقدا فقط.

المساهمون