الإحصاءات التي تتحدث عن أعداد وكلفة العلماء المهاجرين قليلة وقديمة بعض الشيء، أي أنها سابقة للموجة الطاغية هذه الأيام. مع ذلك يمكن الاستئناس ببعض أرقامها. لكنّ السؤال الملحّ هو: ما مدى حجم الظاهرة بالأساس؟
تبيّن من إحصاء أخير أجرته "الشركة الدولية للمعلومات"، مطلع الشهر الماضي، أنّ عدد المهاجرين من خريجي الجامعات اللبنانية في غضون السنوات الثلاث الأخيرة يعادل عدد الخريجين تماماً، أي أنّ من خرّجناهم من جامعاتنا جرى تصديرهم من دون أي فائض لمصلحة البلاد. أيضا أظهر الاستطلاع أنه في غضون السنوات الثلاث هاجر من لبنان 174 ألفاً و704 مواطنين، وهو رقم يعادل عملياً نسبة 13 في المائة من التعداد الإجمالي للسكان.
يزداد المشهد قتامة متى علمنا أن 46 في المائة من المهاجرين هم خريجون جامعيون، يضاف إليهم 1.6 بالمائة يحملون شهادات دراسات عليا، أي قرابة النصف من مجموع المهاجرين.
وفي دراسة أعدت، مطلع العام الجاري، ظهرت مفارقة ملفتة. فقد تم احتساب حجم الدين العام على لبنان وتبين منه أن الرقم الاجمالي هو 65 مليار دولار، وتم احتساب أعداد الخريجين المهاجرين وكلفة إعدادهم ليتبين منها أنّ الكلفة هي 65 مليار دولار، بمعنى أنّ الدَّيْن الداخلي والخارجي على لبنان هو كلفة عقول تم تصديرها.
وفي المنطقة العربية حديث متصاعد عن أنّ نسبة الكفاءات العربية المهاجرة هي 31 % مما تقدمه الدول النامية للدول المتقدمة، وأنّ كلفة تعليم هؤلاء هي 200 مليار دولار. وهذا يعني أنّ المنطقة العربية تدفع أكلاف التعليم، أما المردود فتحصده الدول الغربية.
المدير العام لمنظمة العمل العربية، الدكتور إبراهيم قويدر، يشير إلى أنّ 54 % من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى أوطانهم. أما نسبة العلماء العرب في أميركا بحسب جنسياتهم فهي: المصريون 60 %، والعراقيون 10 %، واللبنانيون 10 %، ومجموع السوريين والأردنيين والفلسطينيين 15 %، وبقية البلدان العربية 5 %.
وتستقطب أميركا وكندا وبريطانيا 75 % من العقول العربية المهاجرة، فيما تشير تقارير التنمية العربية إلى أنّ أميركا وأوروبا وحدهما تضمان 450 ألف عربي من ذوي الشهادات العليا.
نحن نتحدث عن أكثر من مليون عالم عربي. هذا قبل الموجة الأخيرة. وكأنّ كل أشكال الموت التي نسمعها لا تكفي، حتى يأتينا الموت من خسارة عقولنا، وبالتالي خسارة إمكانية النهوض مجدداً، ونحن لمّا نزل وسط هذا الخراب العظيم!!
(أستاذ في كلية التربية، الجامعة اللبنانية)
تبيّن من إحصاء أخير أجرته "الشركة الدولية للمعلومات"، مطلع الشهر الماضي، أنّ عدد المهاجرين من خريجي الجامعات اللبنانية في غضون السنوات الثلاث الأخيرة يعادل عدد الخريجين تماماً، أي أنّ من خرّجناهم من جامعاتنا جرى تصديرهم من دون أي فائض لمصلحة البلاد. أيضا أظهر الاستطلاع أنه في غضون السنوات الثلاث هاجر من لبنان 174 ألفاً و704 مواطنين، وهو رقم يعادل عملياً نسبة 13 في المائة من التعداد الإجمالي للسكان.
يزداد المشهد قتامة متى علمنا أن 46 في المائة من المهاجرين هم خريجون جامعيون، يضاف إليهم 1.6 بالمائة يحملون شهادات دراسات عليا، أي قرابة النصف من مجموع المهاجرين.
وفي دراسة أعدت، مطلع العام الجاري، ظهرت مفارقة ملفتة. فقد تم احتساب حجم الدين العام على لبنان وتبين منه أن الرقم الاجمالي هو 65 مليار دولار، وتم احتساب أعداد الخريجين المهاجرين وكلفة إعدادهم ليتبين منها أنّ الكلفة هي 65 مليار دولار، بمعنى أنّ الدَّيْن الداخلي والخارجي على لبنان هو كلفة عقول تم تصديرها.
وفي المنطقة العربية حديث متصاعد عن أنّ نسبة الكفاءات العربية المهاجرة هي 31 % مما تقدمه الدول النامية للدول المتقدمة، وأنّ كلفة تعليم هؤلاء هي 200 مليار دولار. وهذا يعني أنّ المنطقة العربية تدفع أكلاف التعليم، أما المردود فتحصده الدول الغربية.
المدير العام لمنظمة العمل العربية، الدكتور إبراهيم قويدر، يشير إلى أنّ 54 % من الطلاب العرب الذين يدرسون في الخارج لا يعودون إلى أوطانهم. أما نسبة العلماء العرب في أميركا بحسب جنسياتهم فهي: المصريون 60 %، والعراقيون 10 %، واللبنانيون 10 %، ومجموع السوريين والأردنيين والفلسطينيين 15 %، وبقية البلدان العربية 5 %.
وتستقطب أميركا وكندا وبريطانيا 75 % من العقول العربية المهاجرة، فيما تشير تقارير التنمية العربية إلى أنّ أميركا وأوروبا وحدهما تضمان 450 ألف عربي من ذوي الشهادات العليا.
نحن نتحدث عن أكثر من مليون عالم عربي. هذا قبل الموجة الأخيرة. وكأنّ كل أشكال الموت التي نسمعها لا تكفي، حتى يأتينا الموت من خسارة عقولنا، وبالتالي خسارة إمكانية النهوض مجدداً، ونحن لمّا نزل وسط هذا الخراب العظيم!!
(أستاذ في كلية التربية، الجامعة اللبنانية)