أعلن رئيس الوزراء التركي الجديد، بن علي يلدرم، أمس الثلاثاء، عن تشكيل حكومته الجديدة، بعد لقاء جمعه بالرئيس رجب طيب أردوغان، قبل أن يتوجه إلى البرلمان التركي، في جلسة مخصصة لنيل الثقة. وبذلك، نجح أردوغان في تكريس النظام الرئاسي كأمر واقع وفي جعل الحكومة كناية عن هيئة تنفيذية تلتزم بخطط الرئاسة التركية.
وبعد موافقة أردوغان على التشكيلة الحكومية، ألقى يلدرم خطابه الأول أمام الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، والذي يترأسه. وخصص القسم الأكبر من كلمته للحديث عن الخطوط العريضة لبرنامج الحكومة المقبلة المتوافقة بشكل كامل مع آراء رئاسة الجمهورية، كما ركّز على الأمور الداخلية المتمثلة في الاستمرار في قتال حزب العمال الكردستاني ومكافحة الكيان الموازي، في إشارة إلى حركة "الخدمة" بقيادة فتح الله غولن.
ووضع يلدرم مسألة التحول إلى نظام رئاسي على رأس الأولويات، بالقول: "لدينا فرصة تاريخية خلال الأيام المقبلة، وهي تحويل الدستور التركي ليتناسب مع العلاقة الحالية بين رئاسة الوزراء ورئيس الأمة"، مضيفاً "هذا من أهم الأمور التي سنعمل عليها بل هو دَيْن في رقبتنا".
وبدا كأن الرئيس التركي هو من تولى تشكيل الحكومة الجديدة، فإضافة إلى المقربين منه في الحكومة، يتبيّن أن معظم الوزراء الجدد عملوا كمستشارين لأردوغان، مثل الوزيرة سايان كايا، أو كانوا وزراء في الحكومات التي ترأسها أردوغان في السنوات الماضية، على غرار فاروق جيلك الذي شغل وزارة العمل والتأمين الاجتماعي قبل أن يتولّى، في الحكومة الجديدة، وزارة الغذاء والثروة الحيوانية، أو رجب أكداغ وزير الصحة في الحكومة الجديدة، والذي تولى المنصب نفسه منذ 2002 حتى 2013.
من جهته احتفظ وزير الداخلية، أفكان آلا، بمنصبه، في حين حلّ وزير العلوم والصناعة، فكري إيسيك، محل عصمت يلمظ في وزارة الدفاع. أما يلمظ فقد تم تعيينه وزيراً للتعليم بدلاً من نابي أفجي الذي استلم وزارة السياحة والثقافة. وتولى وزارة الصناعة والتكنولوجيا، فاروق أوزلو، والذي أشرف وساهم في جميع مشاريع الصناعات العسكرية التركية منذ التسعينيات وحتى الآن، بدءاً بمشاريع الدبابة التركية "ألتاي" ومروراً بتصنيع أول سفينة حربية تركية الصنع، والنظام الدفاعي الصاروخي بعيد المدى، وانتهاء بالعديد من المشاريع المشتركة مثل تصنيع قطع من المقاتلة الأميركية "إف 35" وتحديث الدبابات التركية وتصنيع السلاح الفردي التركي الجديد.
ويبدو من الواضح أنه لن يحصل أي تغيير في التوجهات الخارجية لأنقرة، لا سيما أن الدبلوماسية التركية باتت بشكل نهائي بيد رئاسة الجمهورية، حيث حافظ وزير الخارجية مولود جاووش أوغلو على حقيبته، بينما تولّى عمر جيلك وزير الثقافة السابق ومستشار أردوغان السابق للشأن الخارجي حقيبة شؤون الاتحاد الأوروبي.
كما في شؤون السياسة الخارجية كذلك في الشؤون الاقتصادية. فإضافة لتولي لطفي علوان، الذراع الأيمن لرئيس الحكومة السابق، أحمد داود أوغلو، وزارة التنمية، تمثلت المفاجأة الأهم في الحكومة الجديدة في الحفاظ على الإدارة الاقتصادية على حالها. فقد تم استثناء نهاد زيبكج، عن حقيبة الاقتصاد بعد ستة أشهر من مغادرته لها، وذلك على الرغم من الأحاديث التي كان يتم تداولها في دوائر صنع القرار في أنقرة، حول إحداث تغييرات جوهرية في الإدارة الاقتصادية.
في هذا الصدد، بقي نائب رئيس الوزراء، مسؤول الملف الاقتصادي، محمد شيمشك، في منصبه. كذلك تم الاحتفاظ بكل من وزير الجمارك والتجارة، بولنت توفكجي، ووزير المالية ناجي أغبال، ووزير الطاقة برات البيرق، أي صهر أردوغان.
أما على مستوى نواب رئيس الحكومة، فقد تولى وزير التجارة السابق نور الدين جانيكلي، وهو أحد أبرز المشاركين في إعداد مشروع الدستور الرئاسي الجديد، منصب نائب رئيس الوزراء، وانتقل نائب رئيس الوزراء السابق، لطفي علوان، إلى وزارة التنمية ليحل محل النائب ويسي كايناك، بينما استمر كل من نعمان كورتولموش وتوغرول توركيش في منصبيهما كنائبين لرئيس الوزراء.