وقف التعيينات يفاقم محنة خرّيجي مصر

29 أكتوبر 2018
يتساءلون حول المستقبل (دايفيد سيلفرمان/ Getty)
+ الخط -


أثار قرار الحكومة المصرية بوقف التعيينات في جهاز الحكومة الإداري، حالة من السخط بين الخرّيجين في مصر، سواء أكانوا من أصحاب المؤهلات العليا أم المتوسطة أو فوق المتوسطة.

أصيب خرّيجو الجامعات والمعاهد العليا من طلاب مصر، خصوصاً الأوائل منهم، بحالة من الإحباط بعدما قضوا أعواماً من أعمارهم في التعلّم للحصول في النهاية على وظيفة تساعدهم في تأمين مستقبلهم. وكان هؤلاء قد فوجئوا أخيراً بتصريحات لوزيرة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري الدكتورة هالة السعيد، التي تؤكد فيها أنّ لا تعيينات في الجهاز الحكومي، قبل أن يطلق رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة الدكتور صالح الشيخ تصريحات مماثلة، موضحاً أنّه لن يتم التعيين إلا من خلال مسابقات معلنة تشمل الجميع، بمن فيهم الخرّيجون الأوائل الذين كانت الحكومة تسمح بتعيينهم في بعض المصالح الحكومية. وقد شدد الشيخ على عدم وجود وساطة في المسابقات، لافتاً إلى أنّ ربع الموازنة العامة للدولة تذهب لرواتب الموظفين والعاملين في الجهاز الإداري.

يكشف مصدر مصري مسؤول لـ"العربي الجديد"، أنّ "قانون الخدمة المدنية الذي وافقت عليه الحكومة المصرية في العام الماضي ينصّ على أنّها غير ملزمة بعقد مسابقات للتعيينات، وأنّ مواد قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016 نصّت صراحة على أنّ الإعلان عن مسابقات للتعيينات لا يتم إلا عند حاجة الجهات الحكومية إلى وظائف جديدة، وذلك بموجب قرار يصدر عن رئيس الجمهورية أو من يفوّضه. ويُنشر الإعلان عبر موقع بوابة الحكومة المصرية، ليأتي التعيين من خلال امتحان يجريه الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة عبر لجنة للاختيار، بزعم وجود ترهّل في الجهاز الإداري للدولة الذي يعمل فيه نحو 5.7 ملايين موظف، وفق إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء". يضيف المصدر المسؤول نفسه أنّ ذلك "يمثّل مفاجأة لعدد كبير من الخرّيجين العاطلين من العمل الذين كانوا يعلّقون آمالاً كبيرة على إجراء الحكومة مسابقتَي تعيينات جديدتَين في كل عام".




تجدر الإشارة إلى أنّ وزارات وجهات حكومية مهمة في مصر تحوّلت إلى "تكيّة" لتعيين أبناء الكبار وعلية القوم، على الرغم من قلة الكفاءة والخبرة في أحيان كثيرة. وصار لهؤلاء الحق في العمل في عدد من الوزارات الأساسية، مثل الكهرباء والبترول والشركات التابعة لهما وشركات قطاع الأعمال وقطاع البنوك، بالإضافة إلى وزارات الطيران والعدل والتموين، والكليات العسكرية في وزارتَي الداخلية والدفاع. بالتالي فإنّ عبارة "لا توجد وظائف خالية" لا تقلق أبناء المسؤولين إنّما الفقراء وأبناءهم.

ويشير المسؤول نفسه إلى أنّ "أكثر من 60 في المائة من موظفي شركات البترول المصرية بمعظمها، هم من أبناء الوزراء والمحافظين ورجال الأعمال وأعضاء مجلس النواب وكبار القوم، ويتقاضون أعلى الرواتب والحوافز والأرباح. والأمر شبيه بالنسبة إلى المعينين في قطاع الكهرباء وقطاع التموين، وفي كليات الشرطة والكلية الحربية وقطاع البنوك".

في السياق، تصف الخبيرة الاقتصادية الدكتورة بسنت فهمي، ما أتت به وزيرة التخطيط من تصريحات خاصة بوقف التعيينات بأنّه "غير واقعي وسوف يؤدّي إلى زيادة حدّة البطالة"، مطالبة بـ"ضرورة زيادة الاستثمار في القطاع الخاص لمواجهة البطالة التي تهدد كل أسرة مصرية، سواء في القرى أو المدن. فوجود عاطل من العمل أمر مسلّم به في كل بيت". وتؤكد على "المساواة في العمل، وعدم تعيين خرّيج دون آخر قد يكون حاصلاً على تقدير أعلى من الأوّل. من شأن ذلك أن يؤدّي إلى إحباط بين الخرّيجين".

استقبل ملايين الخرّيجين القرارات الرسمية التي عدّوها مجحفة، بسخط. يؤكد علي شقير، خرّيج كلية التجارة في عام 2012 بتقدير جيّد، أنّ "تلك القرارات ظالمة والدولة لا تراعي حقّ الخرّيجين في العمل لتأمين مستقبلهم، خصوصاً في ظل توقف القطاع الخاص عن التعيين بسبب سوء الأحوال الاقتصادية". من جهته، يسخر محمد عبد العزيز، خرّيج كلية التربية في عام 2007، من تلك القرارات التي "لا تراعي الوضع العام للخريجين"، متسائلاً: "أين الحكومة من الخرّيجين؟ الغلابة منسيون في قرارات الحكومة".




من جهته، فإنّ صلاح حسن، خرّيج كلية الآداب في عام 2009، يعمل في سوبر ماركت، ويخبر بأنّه تقدّم للحصول على وظيفة "إلا أنّ فرصتي في طابور انتظار طويل. خرّيجون كثيرون من الأعوام التي سبقت عام تخرّجي ما زالوا ينتظرون وظيفة حتى اليوم ومن دون أمل". ويشير إلى أنّ "ثمّة أقارب لي حصلوا على وظائف مرموقة، وهو ما أصابني بالإحباط". أمّا رمضان حماد، خرّيج كلية التجارة في عام 2010، فيتحدّث عن "آلاف الخرّيجين الذين يحصلون على جنسيات أجنبية من جرّاء الزواج بأجانب من أجل الهروب من البطالة". أمّا رمضان حماد، خرّيج كلية التجارة في عام 2010، فيتحدّث عن "آلاف الخرّيجين الذين يحصلون على جنسيات أجنبية من جرّاء الزواج بأجانب من أجل الهروب من البطالة". لا تختلف حال عبد السلام حسن، خريج كلية الآداب في عام 2009، عن حال كثيرين، ويخبر بأنّه كان يعمل في إحدى شركات القطاع الخاص في مدينة 6 أكتوبر وجرى فصله بسبب الظروف التي تمر بها شركات القطاع الخاص، لذلك "رحت أعمل بائعاً متجوّلاً لتأمين مصاريف أسرتي. وكثيرون من زملائي يعملون في القيادة أو في قطاع المطاعم".
دلالات