وقفة مع عيسى ديبي

01 مايو 2017
(عيسى ديبي)
+ الخط -
تقف هذه الزاوية، مع مبدع عربي في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع متلقيه.


ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
- في هذه المرحلة أقوم بتلخيص تجربتي الأكاديمية، وخاصةً التجربة المصريّة التي كانت مرحلة مفصليّة في تجربتي الأكاديميّة، وساهمت بشكلٍ كبيرٍ في تعميق الوعي الذاتيّ، وطورت لديّ رؤيةً أوسع حول مستقبل وحاضر الثقافة البصريّة في العالم العربي. أنا الآن منهمكٌ في هذه التجربة، وأُعِد كتابًا حول الفنّ والسّلطة في العالم العربي. وأنا منشغلٌ بشكلٍ موازٍ بعدّة مشاريع فنيةٍ، منها معرضٌ قادمٌ في متحف جامعة بيرزيت، ومشاريع أُخرى قيد البحث، منها كتاب استرجاعيٌّ حول تجربة الفنان البحريني جمال عبد الرحيم.


ما هو آخر عمل صدر لك وما هو عملك القادم؟
- "أرض الأُمّهات" – و"المحاكمة"، أرض الأُمّهات هو عمل تجهيز ينتمي إلى فن فيديو وسيعرض في شهر يونيو/ حزيران في مدينة أُوسبورغ الألمانية، يعالج علاقتي بالمكان والأُمومة، وهو عملٌ أنتجته لبينالي شنكالي في تركيا، وهو احتفاءٌ بوالدتي المرحومة. والمحاكمة هو عمل فيديو أدائي بمشاركة مسرحيين هم صالح بكري وعامر حليحل وحنان حلو، يُعِيد انتاج خطاب المناضل داوود تركي أمام المحكمة الإسرائيلية عام 1972. عُرِض هذا العمل في بينالي البندقية وفي أماكن عديدةٍ في العالم. سَيُعرض العملان في متحف جامعة بيرزيت في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم، في معرضٍ جديدٍ. وأيضًا لديّ كتابٌ بعنوان "المنفى عملٌ شاقٌ" وآخر عن "الفن والسلطة".


هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟
- هذا سؤالٌ مركبٌ، أنا اقوم الآن بتلخيص التجربة الأكاديمية، وأنا راضٍ عما أنجزته في مصر، حيث نجحنا في زمن ثورة 25 يناير بتأسيس برنامج الدراسات الثقافية في الجامعه الأميركية، وبرأيي هذا أفضل برنامجٍ أكاديميٍّ حاليًا في مجال الثقافة البصرية على مستوى العالم العربي. أنا غير راضٍ عن جزءٍ هامٍ هو أنّ البرنامج كان نخبويًا وشمل طبقةً صغيرةً في المجتمع المصريّ، ولم نستطع تحويله إلى برنامجٍ عربيٍّ شاملٍ، والسبب يعود إلى تركيبة الجامعة الأميركيّة سياسيًّا وأكاديميًّا، ودورها السياسيّ والمجتمعيّ الذي هو في تناقضٍ عميقٍ مع أيّ مشروعٍ نهضويٍّ ذي رؤيةٍ عربيةٍ، وهذا يعود لأسبابٍ مركبةٍ، في صميمها تحويل التعليم إلى مشروعٍ تجاريٍّ بحت، وهذا ما أكتب عنه الآن في كتابي المقبل. فنيًّا أنا بعيدٌ عن تحقيق أحلامي الكبيرة، ولكن أنا متفائلٌ.


لو قيض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟
- لا أعتقد أنني كنت سأختار أيّ مسارٍ آخر غير الذي اخترته، لكن طبعًا يجب المراجعة بشكلٍ دائمٍ وتصحيح الأخطاء. كنت أودّ أن يكون لديّ وقتٌ كاملٌ للتفرّغ للبحث البصريّ، وهذا غير متاحٍ الآن بشكلٍ كاملٍ.


ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
- هذا سؤالٌ تصعب الإجابة عنه، أُفَضِل أن أكون واقعيًّا أكثر وبعيدًا عن لغة الشعارات الواسعة، لديّ أحلامٌ صغيرةٌ جدًا، هي أن أؤسس أكاديميّةً للفنون البصريّة تلخّص ما يمكن من التجارب العربيّة وتجمعها تحت سقفٍ واحدٍ، تكون مفتوحةً لجميع الطلبة العرب في الوطن العربي والمهجر. هذا ما أُريده الآن وغدًا- أنا أؤمن أنّ الثقافة لها الدور الأهم في بلورة المستقبل العربي.


شخصية من الماضي تود لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- الكثير، لكن ليس لديّ أيّ فضولٍ نوستالجي، لديّ أسئلةٌ، كنت سأُحب جدًا أن أتحاور أنا وفرانشيسكوغويا حول أعماله العظيمة. قبل عامٍ وقفت أمام لوحة 5 مايو في متحف مدريد، بكيت بصمت من شدّة البهجة والألم.


صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟
- أعود دائمًا إلى كتاب غرهارد ريختر، الفنان الألمانيّ المثقف، “تجربتي اليومية مع الرسم”. قرأته مراتٍ عديدةٍ . ريختر ملهمٌ عظيم برغم اختلاف الاهتمامات، لكن هو موسوعةٌ متحركةٌ من الأفكار.


ماذا تقرأ الآن؟
- أقرأ كتبًا متعددةً بشكلٍ موازٍ للبحث، أمّا للمتعة فأقرأ كتب الأطفال مع ابني نسيم-جمال.


ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- موسيقى فيلم نوارة للفنانة ليلى وطفي، لها تجربةٌ متميزة في موسيقى الأفلام، وهي سوريةٌ تعيش في الإمارات. باعتقادي تجربتها ممتازة، برغم صغر سنها.



بطاقة
فنان وباحث فلسطيني يعيش بين جنيف ونيويورك: أعماله الفنية الأولى، "أيام كهذه" (1997)، "مكان" (1998)، "بيت أحلامي" (1999) و"لا شيء جديد فقط منسي" (2000)، وتبحث في تعقيدات الحياة اليومية في فلسطين بعد عام 1948. أبحاثه الأخيرة "أبطال عراة" (2003)، "زمن القتل" (2004)، "الحلو الميت" (2004)، و"تل السمّك" (2011) تبحث في العلاقة بين فكرتي الهجرة والغربة، خاصةً في السياق المعقد منذ أحداث 11 سبتمبر في الولايات المتحدة الأميركية.

في عام 2012، دعّم ديبي بحثه المكرس بتحليل نقدي عن الشتات كفضاء إبداعي في جامعة ساوثهمبتون. في 2013، مثّل ديبي فلسطين في بينالي فينيسيا الخامس. حاضر ديبي مُدرّساً في العديد من الجامعات، مثل مدرسة وينشستر للفن، جامعة ساوثهمبتون، جامعة شولالونج كورن - بانكوك تايلند. وأسس وترأس قسم الثقافات البصرية في الجامعة الأميركية في القاهرة. منذ ثلاث سنوات تولى د.ديبي رئاسة قسم الفنون في جامعة مونتكلير في الولايات المتحدة الاميركية، ويعمل الان كأستاذ مشارك وبروفيسور زائر في عدة جامعات. وهو مؤسس ورئيس مشروع الأكاديمية العربية للفنون.


دلالات
المساهمون