تقف هذه الزاوية، مع شخصية ثقافية عربية في أسئلة سريعة حول انشغالاتها الإبداعية وجديد إنتاجها وبعض ما تودّ مشاطرته مع قرّائها.
■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟
- تشغلني في هذه الأيام مسائل عديدة، من بينها التحضير لمشروع فكري أسعى فيه إلى بلورة رؤية مزدوجة تهتمّ مباشرةً بالنصوص الفلسفية العربية التي تنبني على فكرة النضال، بينما يذهب شقٌّ آخر جهة الفكر الغربي لمناقشة قضايا الفعل، والاختلاف، والهوية، وعلاقة ذلك بالفضاء الفلسفي العربي، فانشغالاتي متقاطعة من أجل البحث عن رؤية عربية حداثية.
■ ما هو آخر عملٍ صدر لك، وما هو عملك القادم؟
- آخر عمل صدر لي هو كتابٌ بعنوان "أسئلة قلقة في الراهن العربي"، و هو في الأصل مجموعة مقالات كُتبت في ظروف مختلفة، لكن الخيط الناظم الذي يتحكّم فيها هو: منطق الراهن، الذي يعني بالنسبة إليَّ التصدّي للواقع المتغيّر باستمرار، ومناقشة قضاياه والاشتباك مع أسئلته الحارقة. وسأجتهد في المقبِل من الأيّام أن أبلور رؤية جديدة حول: شخصيات معرفية عربية؛ مثل: إدوارد سعيد، ومحمد أركون، وجورج قرم.
■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟
- هناك علاقة صدامية بين الرضا والكتابة، فكلّما ارتفع منسوب الكتابة، ارتفع معه تلقائياً منسوب الانزعاج؛ لأن الكتابة الحقّة هي، في عمقها، منفتحة على ممكنات جديدة وطريفة من الأسئلة والهواجس والآفاق، وعدم الرضا نابع أصلاً من أن الكتابات السابقة كانت مجرّد تدريب على طَرْق عوالم أخرى من التأليف، والوقوف على آليات التفكير والنقد والتجاوز عند المفكّرين والفلاسفة.
■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أيَّ مسارٍ كنت ستختار؟
- البداية فكرةٌ فلسفية بامتياز. وهنا والآن، أتحدّث عنها بالمعنى الفكري، وليس بالمعنى الرقمي، فأن تبدأ يعني أن تستكشف قدراتك الذاتية، وأن تعيد تشكيل ذاتك وفق منطق الراهن الذي يفرض عليك أن تكون ذاتاً ناقدةً. وعليه، فأنا دوماً أريد أن أكون كاتباً مناضلاً في سبيل الأمكنة والفضاءات التي نستنشق فيها عبق الحرّية والنقد والمسؤولية والأمل في إنسان عربي جديد.
■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟
- برأيي، فإن التغيير لا يُصنَع بين الجدران، التغيير فعلٌ يومي مستمرّ، ويكون بالضرورة خارج الأنساق والأيديولوجيات التي تنشغل فقط بالفرجة، وتذهب جهة الأفراح الزائفة. التغيير يريد أن يتوجّه جهة الإنسان العربي الجديد، بحيث يصبح الأخير قادراً على التواجد في الزمن الراهن بكلّ ثقة.
■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟
- من بين الشخصيات التاريخية التي أودّ الالتقاء بها الفيلسوف "الوليد ابن رشد"، فهو شخصية فكرية متمرّدة على زمنها، عاشت في جغرافيا الغرب "الأندلس"... فكّر ابن رشدٍ بطريقة اختراقية، لم ينافق في أفكاره، ولم يتملّق في السياسة، كانت أفكاره من أسباب نهضة الغرب، وحدثت لها مع هذا الغرب المسيحي المأساة ذاتها، فهو شخصية نصية وثورية في عمقها.
■ صديق يخطر على بالك أو كتابٌ تعود إليه دائماً؟
- حسب نيتشه، الصديق هو الذي يفتح لك أفقاً. وهنا، أتذكّر دوماً الكثير من الأصدقاء الذين ساهموا في تكويني. أمّا الكتب، فأنا أقرأ دوماً أعمال بعض المتصوّفة، وبخاصة كتابات محمد بن عبد الجبّار النفري، إضافةً إلى أعمال إدوارد سعيد، ومارتن هايدغر، وجاك دريدا؛ فهي تُلهمني على مستوى اللغة وعلى صعيد الفكر.
■ ماذا تقرأ الآن؟
- أقرأ الآن كتاب الفيلسوف والاقتصادي الهندي أمارتيا كومار سِن "العقلانية والحرية".
■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟
- أحب دوماً الاستماع إلى الغناء الشعبي الجزائري، وخصوصاً الهاشمي قروابي ودحمان الحراشي، إضافةً إلى أغنيات جوليا بطرس.
بطاقة
كاتبٌ وأستاذ فلسفة من مواليد 1967 في رأس الوادي بمحافظة برج بوعريريج الجزائرية. من إصداراته: "مطارحات في العقل والتنوير: عبد الوهاب المسيري أنموذجاً" (2012) عن "دار الفارابي"، و"استشكالات ودروب، في قضايا الفكر الفلسفي المعاصر"، (2017) عن "دار القرن21"، و"أسئلة قلقة في الراهن العربي" (2018) عن منشورات "ضفاف" و"الأمان" و"الاختلاف"، إضافةً إلى كتاب جماعي بعنوان "السؤال عن الهوية في التأسيس والنقد والمستقبل" (2016).