شهدت مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، ومدينة رام الله وسط الضفة، وقفتين رافضتين لاتفاق التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، بالتزامن مع انطلاق أعمال الدورة الـ154 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية، والتي أفضت إلى سقوط مشروع القرار الفلسطيني الرافض للاتفاق بسبب عدم توافق الدول العربية عليه.
وفي رام الله، وجه العشرات من النشطاء والقيادات الفلسطينية، خلال وقفة على ميدان المنارة وسط المدينة، رسالة إلى الدول والشعوب العربية بتحمل مسؤولياتها لرفض التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي.
ورفع المشاركون لافتات ضد التطبيع ورفعوا الأعلام الفلسطينية، خلال الوقفة التي نظمتها القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رام الله والبيرة، رفضا لمشاريع التطبيع بكل أشكالها، ورفضا لمحاولات الاعتراف بدولة الاحتلال، وعزم بعض الدول نقل سفاراتها للقدس المحتلة، وللتأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني، وإسنادا لحركة الشعوب العربية في رفض التطبيع، ومن أجل الضغط على أنظمتها للتراجع عن التطبيع.
وقال عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، رمزي رباح لـ"العربي الجديد"، على هامش الوقفة، "إن التحرك الشعبي الفلسطيني بدأ وسيشهد تصاعدا في ملف التطبيع وغيره وأهمها مقاومة الاحتلال والاستيطان، ونحن نعتبر التحرك هو نداء للدول العربية والجامعة العربية لتحمل مسؤولياتها الوطنية والقومية برفض التطبيع ورفض إقامة علاقات مع دولة الاحتلال لا بالسر ولا بالعلن".
وتابع: "نحن ندعو إلى إدانة ما جرى، لأنه يتوجب على الجامعة العربية أن تحمي قرارات قممها ومبادرة السلام العربية، فهي تفقد مصداقيتها في حال لم تقم بذلك".
ووجه رباح نداء للشعوب العربية بأحزابها وقواها وبنقاباتها وبمؤسساتها لتتحرك بالضغط عبر برلماناتها على أنظمتها برفض التطبيع ورفض الضغوط الأميركية بالانضمام للمحور الأميركي الإسرائيلي، الذي سيجلب الكوارث على شعوب المنطقة وعلى القضية الفلسطينية بتداعيات متواترة، كما تريد الإدارة الأميركية أن تعيد تشكيل المنطقة بتحالف جديد على رأسه إسرائيل وفي القلب منه والقوة الأكبر إسرائيل.
من جانبه، قال منسق القوى الوطنية والإسلامية في محافظة رام الله والبيرة، عصام بكر، لـ"العربي الجديد"، على هامش الوقفة: "إن هذه الفعالية للتأكيد على التمسك بحق الشعب الفلسطيني بحقوقه المشروعة، ورفضا لكل مشاريع التطبيع والهرولة العربية، ونطالب بالعودة لقرارات الإجماع العربي القاضية بمقاطعة دولة الاحتلال حتى تنصاع للقانون الدولي ووقف أية علاقات مع دولة الاحتلال".
وشدد بكر على أنه "تتوجب على العرب العودة للتمسك بقرارات القمة العربية وقرارات الجامعة العربية الداعية لقطع العلاقات مع دولة الاحتلال، مشيرا إلى وجود محاولات حثيثة من أكثر من جانب عربي باتجاه القضاء على المشروع الفلسطيني القاضي بالمقاطعة، وهناك جهود تحاول الانتقاص من القرارات العربية وتهيئتها باتجاه قرارات ذات طابع فيه من الميوعة الشيء الكثير".
أما الناشط عمر عساف فقال لـ"العربي الجديد": "إن هذه الوقفة رسالة برفض الإجراءات الإماراتية، وعلى اجتماع الجامعة أن يرتقي إلى احترام قراراته مع تحفظنا على الكثير، ولكن لا بد للجامعة أن تكون ملتزمة بقراراتها".
نابلس: لإدانة واضحة للتطبيع
وفي نابلس، شارك العشرات من الفلسطينيين، في وقفة احتجاجية رفضا لاتفاق التطبيع بين الإمارات ودولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث رفع المشاركون، في الوقفة التي نظّمتها لجنة التنسيق الفصائلي، لافتات منددة بذلك الاتفاق، ورددوا شعارات تحث الجامعة العربية على دعم وإسناد القضية الفلسطينية، وعدم الهرولة للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي.
وهتف المشاركون بهتافات مثل: "يا جامعتنا العربية.. كوني مع القضية"، "يا أمتنا العربية.. كوني مع القضية"، "فلسطين عربية"، "يا مجلس الجامعة كونوا إلنا رافعة".
وقال القيادي في حزب الشعب خالد منصور لـ"العربي الجديد" على هامش التظاهرة، "إن حكام الإمارات طعنوا الفلسطينيين في ظهورهم، وخانوا الأمانة التي أودعها لهم الشيخ زايد، كانوا يخدعوننا طيلة عقدين من الزمان، يظهرون أنهم معنا، لكنهم كانوا يطبخون الاتفاق المخزي مع العدو في السر".
وأشار منصور إلى أنه "خلال الأيام القليلة القادمة وتحديدا في 13 سبتمبر/أيلول القادم، تأتي الذكرى السابعة والعشرون لتوقيع منظمة التحرير والاحتلال الإسرائيلي في ساحة البيت الأبيض لاتفاق أوسلو، وقد أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أنه سيذهب خلال الأيام القادمة إلى الولايات المتحدة لتوقيع الاتفاق مع الإمارات، وهنا أقول لحكام الإمارات إن عليهم أن ينظروا إلى ما حل بنا نتيجة ذلك الاتفاق، فنحن لم نحصل على دولة ولا على دويلة، لأن الاحتلال ينكث دوما بوعوده، ولا يعطي شيئا، بل يأخذ ويتوسع على حساب الأمة العربية، وقضاياها المركزية".
أما منسق لجنة التنسيق الفصائلي نصر أبو جيش، فقال لـ"العربي الجديد": "إن هذه الوقفة جاءت في الوقت الذي يجتمع فيه وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الـ154، ونحن نرسل لهم رسالة أن يقفوا مع القضية الفلسطينية التي هي قضية العرب وكل الأحرار في العالم، فلا تكونوا خنجرا في ظهر الشعب الفلسطيني، أوقفوا الهرولة نحو التطبيع مع المحتل، هذا الكيان مجرم ولا يتوانى عن تقديم مصلحته على كل المصالح الأخرى".
وشدد أبو جيش على أن الشعب الفلسطيني لم يفوض أحدا بالحديث نيابة عنه، وقال: "ونحن نرفض المزايدات علينا، لا يمكن أن ننسى ما قدمه لنا العرب من دعم، لكن ذلك أبدا لن يكون على حساب الثوابت".
وأكدت مصادر دبلوماسية رفيعة، لـ"العربي الجديد"، أن مشروع القرار الفلسطيني الرافض للاتفاق الثلاثي الأميركي الإسرائيلي الإماراتي قد سقط في اجتماع وزراء الخارجية العرب اليوم بسبب عدم توافق الدول العربية عليه.
وقال المصدر الذي فضّل عدم نشر هويته إنه "كان هناك إصرار من دولة فلسطين على نقطة واحدة وهي: إدانة الخروج على مبادرة السلام العربية، وكان واضحا أن وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي لديه تعليمات صارمة من الرئيس محمود عباس بأن لا يتنازل عن هذه النقطة".
وتابع المصدر: "لقد سعت الدول العربية، وعلى رأسها الإمارات والبحرين ومصر، جاهدة على مدار ساعتين لإسقاط هذه النقطة، مما دفع المالكي للقول أمام رؤساء الخارجية المجتمعين: لديكم اقتراحان؛ إما تعليق الاجتماع لساعات أو أيام حتى يتم التوافق، أو تسقطون البند من جدول الأعمال، وبالتالي عندما رفضوا التعليق تم إسقاط البند، أي أن مشروع القرار الفلسطيني قد سقط".
وعلى ضوء ذلك، دانت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"، رفض المجلس الوزاري للجامعة العربية اعتماد مشروع القرار الفلسطيني- على عموميته ونواقصه- بشأن الاتفاق الثلاثي الأميركي الإسرائيلي الإماراتي.
وأشارت الجبهة في بيان وصلت إلى "العربي الجديد" نسخة منه إلى أن ذلك تأكيد إضافي على خواء وسقوط مؤسسة الجامعة العربية، وتحولها عملياً إلى "أداة استخدامية من قبل دول التبعية والخيانة لتمرير ودعم سياساتها المناقضة لمصالح شعوب الأمة العربية وقضاياها العادلة، وفي القلب منها قضية فلسطين".
واعتبرت الجبهة أن موقف المجلس الوزاري للجامعة هو "انحياز وقح" لدولة الإمارات العربية، وتشجيعٌ لها ولدول أخرى بالسير قدماً في التطبيع والاعتراف بالكيان الصهيوني وعقد ما يسمى باتفاقات "السلام" معه.