في الوقت الذي تشتعل فيه الأراضي الفلسطينية والعالمان العربي والإسلامي احتجاجا على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وصل، أمس السبت، وفد بحريني، في أول زيارة علنية لإسرائيل تستمر أربعة أيام.
وكشفت قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية، الليلة الماضية، أن الوفد البحريني الذي يمثل جمعية "هذه البحرين" يضم 24 شخصية ينتمون لمختلف الأديان والمذاهب، لافتة إلى أن هذه الزيارة تمثل تجسيدا لتوجيهات مباشرة من ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، بإحداث تحول دراماتيكي على علاقة بلاده بإسرائيل.
وأشارت القناة إلى أن الزيارة تدلل على التناقض في مواقف البحرين من إسرائيل والقضية الفلسطينية، مشيرة إلى أن زيارة الوفد تأتي بعد إصدار وزارة الخارجية البحرينية بيانا نددت فيه بقرار ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وعرضت القناة، صورا لأعضاء الوفد وهم يتجولون في شوارع البلدة القديمة من القدس، في الوقت الذي كان فيه العشرات من الشباب الفلسطينيين يُنقلون إلى المستشفيات نتيجة إصابتهم برصاص الجيش الإسرائيلي في المواجهات التي احتدمت احتجاجا على قرار ترامب في بعض أحياء المدينة ومحيطها.
وفي حديث مع القناة، قال عدد من أعضاء الوفد، إن الزيارة تمثل تجسيدا للتوجيهات التي أصدرها الملك حمد بن عيسى، والذي يحث على تشجيع "التسامح والتعايش والحوار بين الأديان".
وفي حديث مع القناة، قال عضو الوفد رجل الدين الشيعي، فضل الجمري: "جئنا لنحمل رسالة سلام لكل الأديان، نحن في البحرين لا نحمل أي بغض وكراهية لأتباع أي دين".
وأعادت القناة إلى الأذهان أن الزيارة التي قام بها الوفد البحريني تدلل على أنه سيكون مسموحا لأي بحريني من الآن وصاعدا القيام بزيارة إسرائيل بشكل اعتيادي.
وعرضت القناة مشاهد الحفل الراقص الذي نظمته حركة "حباد" الدينية اليهودية المتطرفة في العاصمة البحرينية المنامة قبل حوالي عام، حيث شارك في الرقص شخصيات ورجال أعمال بحرينيون.
بخلاف رسالة "التسامح" التي يقول أعضاء الوفد البحريني إنهم معنيون بنشرها، فإن حركة "حباد" تضم غلاة الحاخامات المتطرفين، وعلى رأسهم الحاخامان يوسيف إليتسور وإسحاق شابيرا، اللذان ألّفا المصنّف الفقهي "شريعة الملك"، حيث ضمّناه "مسوغات فقهية" توجب قتل الرضّع العرب خشية أن يتحولوا إلى مصدر خطر عندما يكبرون؛ فضلا عن أن معظم عناصر التنظيمات الإرهابية اليهودية ينتمون لهذه الحركة.
وقالت القناة إن العلاقة الوثيقة بين العاهل البحريني ورؤساء معهد "فازنتال" اليهودي في لوس أنجليس، وتحديدا الحاخامين ماريون هير وأبراهام كوفر، لعبت دورا كبيرا في دفع ملك البحرين إلى تحسين علاقته بإسرائيل.
وربطت القناة بين الحرص البحريني على تعزيز العلاقة مع إسرائيل والتقاء المصالح المشتركة بين الجانبين في مواجهة إيران و"التطرف الإسلامي"، على حد قولها.
إلى ذلك، منع ناشطون مقدسيون وحراس من المسجد الأقصى، اليوم، الوفد البحريني من دخول الأقصى، منددين بتطبيعه مع الاحتلال.
وقال أحد حراس الأقصى لـ"العربي الجديد"، والذي فضل عدم ذكر اسمه، إن الوفد كان قد وصل ظهر اليوم، إلى باب المجلس (أحد أبواب الأقصى) إلا أن الناشطين منعوه من الدخول، مؤكدين أن من يطبع مع الاحتلال غير مسموح له بدخول الأقصى.
وكان المعلق الإسرائيلي بن كاسبيت قد كشف مؤخرا، في تقرير نشره موقع "يسرائيل بالس"، النقاب عن أن معهد "فيزنتال" يقوم سراً بتنظيم رحلات من البحرين إلى إسرائيل، مشيراً إلى أن كثيراً من البحرينيين قاموا فعلاً بزيارة إسرائيل سراً، بفعل الآلية التي اعتمدها القائمون على معهد "فيزنتال".
وأفاد بأن النظام البحريني يحرص أيضاً على توثيق علاقاته بالمنظمات اليهودية الأميركية، من أجل تعزيز مكانته في واشنطن.
ولفت إلى أن مجاهرة الملك البحريني بالتنديد بمقاطعة إسرائيل وكشفه عن سماح نظامه لمواطني البحرين بزيارة إسرائيل، يعّان تحولاً دراماتيكياً في التعاطي مع إسرائيل.
واعتبر كاسبيت أن سلسلة "المواقف المؤيدة" لإسرائيل، التي عبّر عنها العاهل البحريني، والتي كان آخرها رفضه مقاطعة إسرائيل، تعد "انتصاراً كبيراً" للسياسة التي ينتهجها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
وأشار إلى أن مواقف ملك البحرين "تدلل على التطور الكبير الذي شهدته العلاقات السرية بين إسرائيل والدول العربية المنتمية للمحور السني المعتدل"، وتعد "تجسيداً واقعياً لإعلان نتنياهو الأخير، والذي كشف فيه عن تطور غير مسبوق على طابع العلاقات التي تربط إسرائيل بدول المحور السني المعتدل"، وفق تعبيره.