وفاة معتقل مصري في سجن جمصة نتيجة الإهمال الطبي

31 أكتوبر 2017
المعتقل المصري العربي أبو جلاله مقيدا قبل وفاته (فيسبوك)
+ الخط -

كشف المصري عبد الرحمن أبو جلالة، عن موت والده، العربي أبو جلالة، والذي كان معتقلا في سجن جمصة العمومي، شمال غرب القاهرة، متهمًا السلطات المصرية بـ"القتل عن طريق الإهمال الطبي المتعمد".

وكتب الابن عبر حسابه على موقع "فيسبوك"، أمس، "إنا لله وإنا إليه راجعون. تقبّلك الله أبي من الشهداء، وأسكنك الفردوس الأعلى، وجمعني بك وإخواني الشهداء في الفردوس الأعلى. قسما لن يضيع حقك في الدنيا قبل الآخرة. قسما سيندم الجميع".
وينتمي أبو جلالة إلى قرية "البصارطة" الشهيرة التي تحاصرها قوات الشرطة منذ ثلاثة أعوام وتقتحمها بشكل متكرر، وسبق موته انتشار صور تظهره مقيدا في لحظاته الأخيرة بسريره رغم كونه مريضًا بسرطان الكبد وغيره من الأمراض التي لم تشفع له للحصول على عفو صحي، أو حجزه في مستشفى خارج السجن لتلقِّي العلاج المناسب.

وكتب ابنه اليوم الثلاثاء، على "فيسبوك"، عن "تعنت الداخلية في خروج جثمان والدي، وكأنهم يتمسكون به حيا وميتا، وزيادة القوات المحاصرة لقريتنا بقوات دعم، وكأن الخوف من جرائمهم يرهبهم ويرعبهم. لعنة الله على الظالمين وأعوانهم ومن أيدهم".

ورثى المعتقل الراحل صديقه إبراهيم مرعي، قائًلا "مات العربي أبو جلالة. مات صديقي العزيز. مات رفيق شبابي. إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا صديقي لمحزونون. نُشهد الله أنك كنت من أهل الخير والصلاح، محبًا للناس جميعًا ومساعدًا لكل محتاج، ونسأل الله أن يثيبك بقدر ما أعطيت من خير ومحبة، وأن يجعل صبرك وابتلاءاتك من ظلم ومرض شفيعين لك يوم القيامة".




أما أسامة بدر، فسرد قصة اعتقال أبي جلالة، منذ لحظة القبض عليه، وصولًا إلى رقوده في غرفة العناية المركزة بالكلبشات، عندما قال ضابط بدم بارد: "مش هنفك الكلبش لو هيموت، واحنا عارفين إنه بيموت".
وكتب بدر "استشهد أبو جلالة بعد اعتقال سنتين. ظل محبوسا احتياطياً فيهما على ذمة قضية ملفقة. استشهد بعد رفض الظالمين العفو الطبي عنه وهو في سكرات الموت. استشهد العربي لأنه لم يرض بالظلم. اعتقلوه ولم يكن يعاني من مشاكل صحية، وأصيب في السجن بفيروس سي، والسكري. وحاول زملاؤه المعتقلون من الأطباء أن يعالجوه بما توافر لهم، ولكن السجن منع عنه الرعاية الطبية اللازمة حتى أصيب بغيبوبة كبد. لينقل في منتصف الليل منذ شهرين إلى مستشفى بلقاس، بعد ثورة داخل سجن جمصة لإنقاذ حياته".

وتابع "في المستشفى، بالفحص اكتشف الأطباء إصابته بورم بالكبد، وطلبوا تحويله إلى مستشفى جامعي. لتعود الترحيلة به مرة أخرى إلى السجن فتزداد حالته سوءًا. وبعد تدهور الحالة، ولكي يتهرب مأمورو السجن من المسؤولية، نقلوه إلى مستشفى المنصورة. وعندما رأته الطبيبة صرخت من هول المنظر في الضباط: إنتم عملتوا فيه إيه يوصله لكده؟".
وأضاف "ظل مقيدًا بالكلبشات بالسرير أسبوعين حتى استشهد في غرفة العناية المركزة ليأخذ إفراجا نهائيا من كل أنواع الظلم. لتذهب روحه تشكو إلى الله ظلم العسكر ومن أيّدهم".




ولا يوجد في مصر عدد دقيق لحالات الموت داخل مقار الاحتجاز المختلفة، بينما تشير بعض التقديرات الحقوقية إلى أن عددهم تخطى الـ600 سجين خلال السنوات الثلاث الماضية فقط، ولا يزال هناك حوالي 2000 سجين مرضى بأمراض مزمنة، ويعرضهم الإهمال الطبي للموت.

وأصدر مركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية في مايو/أيار الماضي، تقريرًا مشتركًا عن الإهمال الطبي في السجون بعنوان "يا تعالجوهم يا تفرجوا عنهم. الإهمال الطبي في السجون جريمة"، تناول واقع الرعاية الصحية للمسجونين في عددٍ من سجون مصر، بالإضافة إلى شهادات للسجناء وذويهم.
وسلط التقرير الضوء على المنظومة الصحية داخل السجون، ولا سيما بعد تزايد حالات الوفاة نتيجة الإهمال الطبي والامتناع عن توفير الرعاية الطبية اللازمة المنصوص عليها في الدستور المصري والقوانين والمواثيق الدولية التي وقعت عليها مصر، والخاصة بالحق في الحياة، والحق في الصحة، والحق في السلامة الجسدية.