نعى حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي، أحد أقدم الأحزاب اليسارية المصرية، رفعت السعيد، الرئيس الشرفي للحزب والقيادي اليساري، الذي وافته المنية، مساء الخميس، في منزله عن عمر ناهز الـ85 عاماً.
ووصف رئيس الحزب، سيد عبد العال، الراحل، بالرجل "المخلص لوطنه ولحزبه طيلة حياته". مضيفًا "فقدنا رجلًا لا يعرف إلا مصلحة الوطن قبل المصالح الشخصية والحزبية الضيقة".
ورغم وجود السعيد، ضمن حزب يصنف على أنه معارض، فقد كان لافتاً أنه دعم جميع أنظمة الحكم الشمولية في تاريخ مصر الحديث، من حسني مبارك إلى الحكم العسكري وصولاً إلى عبد الفتاح السيسي، رغم أنه من المفترض أن يكون في صف المعارضة.
وكانت آخر مواقفه تجاه السلطة، والرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، قبل وفاته، أنه كان أول من أعلن رسميًا دعمه للسيسي، لتولي رئاسة البلاد لفترة ثانية، موضحًا أن دعم حزب التجمع للرئيس مرتبط باستكمال الخطة التنموية من جانب، واستمرار محاربة الإرهاب فكرًا وحركة من جانب آخر، مبررًا ذلك أنه "من الخطأ الاعتقاد أن الأوضاع فى مصر مستقرة؛ فالدولة ما زالت فى مرحلة انتقالية خطيرة، وقد تتراجع إذا لم نحافظ على ما يتم إنجازه".
وقال "إن بيانات "داعش" الأخيرة بعد العمليات الإرهابية فى مصر، توضح مدى الأخطار التي تواجهها البلاد"، مفسراً التأييد التام للسيسي في الانتخابات الرئاسية القادمة، بقوله: "إن الأحزاب السياسية ليس لديها مرشحون للرئاسة".
وأضاف في تصريحات صحافية سابقة، أنه في حال تصدرت وجوه من الأحزاب المدنية والسياسية مشهد الانتخابات الرئاسية مع السيسي، فسوف ينجح.
وكان السعيد أحد أبرز الأسماء في الحركة الشيوعية في سبعينات القرن الماضي، واعتقل في نهاية الأربعينات، وكان عمره وقتها لا يتجاوز 16 عاماً، واستمرّ نشاطه السياسي في عهد جمال عبدالناصر، ثم بدا معارضاً للرئيس الراحل أنور السادات، بسبب مواقفه الاقتصادية، واعتقل عام 1978، بعد كتابة مقال ينتقد فيه زوجته جيهان السادات بعنوان "يا زوجات رؤساء الجمهورية اتحدن".
تحول السعيد بعد ذلك إلى تأييد نظام حسني مبارك، خصوصًا بعد تعيينه في مجلس الشورى. وفي عهده انشق عدد من أعضاء الحزب، وأسسوا حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، متهمين إياه بمشاركته في تحويل الحزب من مُعارض إلى مُهادن لمبارك، على رأسهم عبد الغفار شكر. ثم جاءت ثورة 25 يناير 2011، فأيّدها السعيد مؤقتًا، لكنه سرعان ما تقرب من قيادات المجلس العسكري، واجتمع بهم أكثر من مرة عقب تنحي مبارك، حسبما قال.
وكان السعيد من أشد المعارضين لحكم الرئيس المعزول، محمد مرسي رغم انتخابه بشكل ديمقراطي، كما أنه كان معارضاً دائماً لجميع التيارات الإسلامية، منذ ظهورها على الساحة السياسية، وهم في نظره "مجموعة من الإرهابيين".
وكان رئيس "التجمع" السابق، واحداً من الداعين لإسقاط مرسي، وحث الشعب على التمرد ضد الجماعة، وكان رأيه أن تداول السلطة سينتهي مع استمرار الجماعة في الحكم. سقط الإخوان، وبارك انقلاب الجيش بقيادة عبد الفتاح السيسي، آنذاك، وقال "أُحب السيسي، لأنه أنقذ رقبتي في 30 يونيو".
كما عرف عنه أنه من أشد المؤيدين لمجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، وانتقد محمد البرادعي لتخليه عن منصبه نائباً لرئيس الجمهورية اعتراضًا على المجزرة، وقال إنه نادم على تأييده في جبهة الإنقاذ إبان عهد الإخوان.
وتأسس حزب التجمع الذي ترأسه السعيد مع إعادة تأسيس الأحزاب في مصر وحل الاتحاد الاشتراكي العربي الذي كان يمثل الحزب السياسي الوحيد في البلاد سنة 1976. وتأسس الحزب على كاهل مجموعة من أصحاب التوجهات اليسارية بصفة عامة، الاشتراكيون والشيوعيون والناصريون والقوميون وبعض الليبراليين، غير أن الشيوعيين كانوا في قلب المجموعة الداعية لإنشاء الحزب.