وزير خارجية إيران... أسئلة صريحة وأجوبة مراوغة

14 نوفمبر 2018
وصف سياسات بلاده تجاه المحيط الإقليمي بأنها "منطقية"(العربي الجديد)
+ الخط -

نشرنا في "العربي الجديد"، الثلاثاء، حواراً مع وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف. وجاء الحوار في سياق التطورات التي تعصف بالمنطقة، والتي يشكّل الحدث الإيراني فيها محرّكاً رئيسياً، خصوصاً تداعيات الحزمة الثانية من العقوبات الأميركية، التي بدأت في الرابع من الشهر الحالي. ولكن نشر الحوار من جانبنا؛ لا يعني، بأي حال من الأحوال، التسليم بما جاء فيه، ولا الاتفاق مع الكثير من سياسات إيران ومواقفها.

طرحنا على الوزير أسئلة صريحة، تبحث عن إجابات، تلقي الضوء على الملفات الرئيسية التي تخصّ إيران والمنطقة، ولكنّه لم يرد بصراحة، واعتمد أسلوب المراوغة، من أجل تمرير سياسات بلاده التي بات جزءٌ من العالم العربي ضحيةً لها، كما هو الحال في سورية والعراق واليمن ولبنان.

وهذه ليست المرة الأولى، ولا الأخيرة التي نقف فيها موقف المختلف مع هذه السياسات، وسبق لنا أن ردَدْنا على ما جاء في أكثر من مقال اختار الوزير نشره لدينا، وسجّلنا بوضوح وصراحة رأينا بالسياسات الإيرانية التي تخالف علاقات حسن الجوار، وتتدخل في الشؤون الداخلية العربية، إلى حد الوقوف ضد خيارات الشعب السوري في الحرية والكرامة، التي عبّر عنها في ثورة مارس/آذار 2011.

وساهم دعم طهران المباشر من جهة، وعن طريق مليشياتها الطائفية من جهة ثانية، في تمكين النظام وتوجيه ضربة كبيرة للثورة السورية، وهذه السياسة مستمرة حتى اليوم، وهي تتحمّل مسؤولية كبيرة عن كل ما لحق بسورية وشعبها.

ويصف الوزير في الحوار سياسات بلاده تجاه المحيط الإقليمي بأنّها "منطقية وواقعية"، على عكس ما يجري عليه الحال، وخلافاً لذلك حاول العرب، أكثر من مرة، أن يفتحوا صفحة جديدة مع إيران، ولكن سياسات طهران التوسّعية لم تتغير منذ قيام الثورة الإسلامية ومحاولات تصديرها، وأمامنا مثال صارخ، في الأيام الأخيرة، على هذه السياسة التي تقوم على عدم احترام سيادة البلدان العربية.

وقد أعلنت، منذ أيام، عن استمرار العمل بمد خط سكة حديد يربطها مع العراق، وصولاً إلى البحر الأبيض المتوسط في سورية، مروراً بالقامشلي ودير الزور والرقة، وذلك في وقت تعاني من العقوبات الأميركية، وتحتاج إلى التضامن معها، لا تأجيج العداوة مع الشارع العربي.

وهذا أمر يحيل إلى مواقف سابقة؛ منها ذلك التصريح الشهير الذي صدر عن وزير الاستخبارات الإيراني السابق حيدر مصلحي عام 2015، وقال فيه إنّ إيران باتت تسيطر على أربع عواصم عربية: بيروت وبغداد ودمشق وصنعاء؛ وهذا أمر صحيح إلى حد كبير وليس تهمة.


يطول الحديث عن سياسات إيران العدوانية تجاه العرب، ويمكن له أن يبدأ ولا يتوقف، والمفارقة هي أنّ إيران لا تستمع لأحد من العرب، وتردّد، منذ عدة عقود، نفس المقولات وتواصل نفس الممارسات.

ويقول الوزير جواد ظريف، في حواره: "بالنتيجة ليست سياستنا هي التي تؤدي إلى إشكالات في المنطقة، بل سياسات أصدقاء أميركا والغرب". وهو هنا يقفز مرة أخرى عن المشكلة الأساسية التي سبّبتها سياسات بلاده في المنطقة، ولا يريد أن يعترف بأنّ أصل التوتر مع إيران ليس سببه اختلاف سياسات ثنائية أو صداقة هذا الطرف مع أميركا أو ذاك، بل إنّ كافة المشاكل عبارة عن نتائج سياسات التوسّع الإيراني في المنطقة العربية.

ويعيد الوزير دعوةً سبق أن وردت في مقال سابق نشرناه له، من أجل حوار إقليمي، ووضع صيغ تعاون بين دول المنطقة. ولا يحتاج الوزير إلى من يبرهن له تهافت هذا المنطق الذي يحتاج كي يأخذ به أهل المنطقة إجراءات بناء ثقة تقوم بها إيران، وتكون أول خطوة فيها وقف كل أشكال تدخلها في الشأن العربي.

المساهمون