وزير المالية السوداني: لن نفرض أسعاراً إجبارية والدعم مستمر

01 أكتوبر 2014
وزير المالية السوداني بدر الدين محمود (الأناضول)
+ الخط -
رأى وزير المالية السوداني، بدر الدين محمود، أن اقتصاد بلاده اجتاز العديد من العقبات وأن إعادة هيكلة الدعم ستراعي المواطن، مؤكدا أن حكومة بلاده سباشر إصلاح نظام الدعم دون أن تشكل عبئا كبيرا على المواطنين. وإلى نص المقابلة:

*استندتم في وضع البرنامج الخماسي (السنوات الخمس المقبلة) على أساس البرنامج الثلاثي الذي قلتم إنه لم يحقق كل الأهداف المرجوة منه لأسباب عديدة، فما هي ضمانات نجاحه؟
البرنامج الثلاثي حقق جزءاً معتبراً من الهدف وتجاوز نجاحه نسبة 70% من المستهدف، صحيح هنالك عقبات وافتراضات بني عليها البرنامج لم تتحقق، وهي افتراضات رئيسية مثل الاتفاق مع الجنوب ورسوم العبور على نفط الجنوب والترتيبات المالية الانتقالية وتجارة الحدود كان يمكن أن تدخل علينا موارد من النقد الأجنبي يغطي الفجوة في القطاع الخارجي، وهذا ما لم يتحقق رغم أنه افتراض رئيسي، لكن البرنامج في المحاور كلها حقق إنجازات كبيرة، واستطاع أن يعبر بالاقتصاد السوداني إلى بر الأمان خلال الفترة الماضية، كما تم تعويض جزء من البرنامج عبر الذهب البالغة صادراته 2.1 مليار دولار، واستطعنا أن نسير خطوة نحو استعادة الاستقرار بالتوازن الداخلي لدرجة كبيرة ومرحلة معتبرة في الميزان الخارجي، وهناك إجراءات أخرى سنعتمد عليها خلال السنوات الخمس المقبلة ستساهم في حل العديد من المشكلات وتذليل العقبات من أجل تحسين أداء الاقتصاد، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على المواطن السوداني.

*كيف تقولون إن البرنامج حقق خطوة نحو استعادة الاستقرار الاقتصادي في ظل عدم شعور المواطن بأي تحسن في الأوضاع المعيشية؟
في حالة عدم تنفيذ البرنامج كان من المفترض أن يصل التضخم إلى أكثر من 166%، وكان التدهور سيكون كبيراً جداً في سعر الصرف وكان سيحدث عدم توازن في كل قطاعات الاقتصاد وفجوة كبيرة بين الأسعار والدخول.

*نرجو إلقاء الضوء على محاور وفرضيات البرنامج الخماسي؟
سنبني البرنامج الخماسي على ما تحقق فعلاً في 2014 ليكون العام الأساسي للبرنامج، وهذه هي أول خطوات نجاح البرنامج القادم لأنه سيقوم على قاعدة حقيقية لما تحقق على الأرض في العام الجاري من الناحية العملية، سواء كان في سياسات المالية العامة أو النقدية والمصرفية والإصلاحات التي تمت في هذا المجال، وما تحقق من تحسن في القطاعات الإنتاجية، وما حدث من تحسن في شبكات الضمان والحماية الاجتماعية وتقدم نسبي في بعض الجوانب من الناحية الفنية في زيادة إنتاجية بعض السلع، كل هذا سيبنى عليه البرنامج الخماسي.

*وما هي مصادر تمويل البرنامج؟
سيكون هنالك عدة مصادر للتمويل، الأول الموازنة نفسها، لأن بها موارد تنمية ودعم اجتماعي والقروض الخارجية يمكن أن نخصص جزءا منها ليذهب إلى القطاعات الإنتاجية بدلاً من البنية الأساسية، وأيضا التمويل من الجمهور عبر أدوات الدين الداخلي والتمويل المصرفي وتحويلات المغتربين وتدفقات الاستثمار الخارجي وموارد المستثمرين الوطنيين والقطاع الخاص.

*ماذا عن تفاصيل إعادة هيكلة الدعم على مدار السنوات الخمس المقبلة؟
نتأهب لهيكلة الدعم بعدد من الإجراءات حتى تتم بصورة أكثر سلاسة وعلى الدولة أن تتخذ عدداً من التدابير المخططة بصورة لا تشكل عبئاً كبيراً على المواطن.

وما طبيعة الإجراءات والتدابير التي ستتخذها الدولة في هذا الإطار؟
ستقوم الحكومة بعمل تدابير في ضبط استيراد السلع المدعومة واستخداماتها وتوزيعها حتى تصل لمستحقيها جملة من الإجراءات لتقليل الدعم تدريجياً بالإضافة إلى الاهتمام بمسألة المخزون الاستراتيجي.

*هل هذا يعني أن موازنة عام 2015 ستكون خالية من رفع الدعم؟
لا يوجد رفع دعم، وإنما إعادة هيكلته خلال سنوات البرنامج الخماسي بتدابير سلسة ومتدرجة نراعي فيها تهيئة الحكومة لوضع معالجة مناسبة بما لا يشكل العبء الأكبر على المواطن، كما سنتخذ تدابير أخرى للإصلاح في زيادة الإيرادات وتحسين الإنتاج.

هنالك خبراء اقتصاديون يرون أن الحكومة تلجأ للخيارات السهلة في الإصلاح رغم وجود خيارات أخرى مثل تقليص عدد الوزارات وإعادة هيكلة الولايات؟
هذا ما أقوله بعد أن نستنفد البدائل، سنذهب لإعادة الهيكلة، فهي ليست رأس الرمح في قضية الإصلاح حتى لا يعمل الناس على تعبئة الراي العام وخلق جو من الشك والجذب بين الحكومة والمواطن.

* انفلات كبير بالأسعار وما تزال الدولة تتمسك بسياسة السوق الحر، أين وزارة المالية من ضبط الأسواق؟
لابد أن نفرق بين مسألة تنظيم الأسواق، والتحكم في الأسواق، وهناك جملة من القوانين في تنظيم السوق في إطار الحرية الاقتصادية، وهذه مسؤولية الحكومة ممثلة في وزارات المالية والتجارة والقطاع الاقتصادي، بالتعاون مع الولايات المعنية بتنظيم الأسواق، بما يمنع المضاربات والغش والتدليس.
ويجب تقوية آليات الرقابة القانونية والتشريعية والقضائية في مسألة تنظيم الأسواق، فلا بد من منع المضاربة والاحتكار والغش، ومنع الاستغلال والربا، وكل ذلك مقر بالقوانين، وبالتالي تساهم هذه الإجراءات على حماية السوق وبالتالي عدم تحمل المواطنين أعباء إضافية.

* ولكن هذه السياسية مضرة بالمواطن حسب العديد من خبراء الاقتصاد؟
نحن حريصون على مراعاة حق المستهلك وحق المنتج معا، هل يمكن أن أحدد سعرا قسريا للمنتجات كي أعطيها للمستهلك بأسعار رخيصة وأقل من تكلفتها مثلا.
لا بد من مراعاة حق المنتج بأسعار فيها ربح له، وتدفعه لزيادة الإنتاج، هذه موازنة مهمة، الحديث فقط عن دعم الاستهلاك حديث غير متوازن، والحديث المتوازن هو دعم الإنتاج وهو المدخل الحقيقي لدعم المستهلك.
عندما نوسع الإنتاج ويزيد العرض في الاقتصاد بما يقابل الطلب، يصبح هناك سعراً معادلاً، لذلك ينبغي إحداث توازن بين العرض والطلب وبين الإنتاج والاستهلاك بشكل عام.

* في موازنة 2014 قلتم إنكم ستنتهجون سياسة سعر الصرف المرن، هذه السياسية لم تطبق حتى الآن بشكل واضح هل هناك تخوف منها؟
هذه السياسية مطبقة، لكن يجب أن تكون هنالك مرونة أكثر في السعر، ويجب أن نعمل على تقليص الفجوة بين السعر في السوق الموازي (السوق السوداء) والسوق المنظم.
وهناك زيادة في طلب الاستيراد على البضائع، خاصة من قبل بعض الفئات التي تتخذ من النقد الأجنبي مستودعا للقيمة ويحولون مدخراتهم من النقد المحلي للنقد الأجنبي، وهو ما خلق طلبا إضافيا.
ورغم زيادة تدفقات النقد الأجنبي في بعض الفترات العام الجاري إلا أن استمرار المضاربات في العملات الأجنبية ومواجهة الاقتصاد العديد من العقبات أثر بشكل كبير على سعر صرف الجنيه السوداني.

* ولكن لا تزال هناك مشاكل المستوردين الذين يلجأون إلى السوق الموازي من أجل توفير احتياجاتهم، لأن المصارف لا تفتح لهم خطابات اعتماد للاستيراد؟
بالنسبة للمستوردين هناك مفهوم خاطئ بأنه يجب أن يقوم المصرف المركزي والمصارف بتوفير النقد الأجنبي، وهذا غير صحيح، فالقطاع الخاص في شكل مصدرين هم الذين يوفرون النقد الأجنبي.
المركزي لا يطبع الدولار، وإنما يطبع نقدا محليا، ولذلك النقد الأجنبي يأتي من عائد الصادر وتحويلات المغتربين، ومن تحويلات الاستثمار الأجنبي هذه هي موارد النقد ومصادرها.

المساهمون