أجرى وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك مباحثات، اليوم السبت في العاصمة الإيرانية طهران، مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، ووزير الخارجية محمد جواد ظريف، تناولت العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية والدولية.
ووصل بلوك أمس الجمعة إلى الأراضي الإيرانية، وزار مدينة أصفهان وسط البلاد، قبل أن يعود إلى طهران، ويلتقي مع ظريف ومن ثم روحاني.
وبحسب موقع الرئاسة الإيرانية، أكد روحاني، خلال استقباله الوزير الهولندي، أن بلاده "ليست بصدد إنهاء الاتفاق النووي"، مشيرا إلى أنها "لم تغلق طريق الحوار مع الاتحاد الأوروبي في هذا الصدد"، مع توجيه انتقادات للموقف الأوروبي من تنفيذ الاتفاق النووي وما وصفه بـ"عجز أوروبي" في تنفيذ التعهدات.
كما أشار إلى الأمن في المنطقة، داعيا إلى مشاركة أبنائها في تحقيقه، معتبرا أن جذور الأزمات والاضطرابات الأمنية في الخليج تعود إلى حضور القوات الأميركية وسياسات واشنطن، مطالبا بخروج هذه القوات من المنطقة.
من جهته، ووفقا لما أورده موقع الرئاسة الإيرانية، أكد وزير الخارجية الهولندي، خلال اللقاء، على ضرورة الحفاظ على الاتفاق النووي، داعيا إلى الاستمرار في المفاوضات في هذا الخصوص، معتبرا أن "التفاوض يمكن أن يشكل حلا للمشكلات والخلافات".
وأضاف بلوك أن بلاده أبلغت واشنطن "سرا وعلانية" أن انسحابها من الاتفاق النووي "لم يكن عملا صحيحا". أما بالنسبة للمباحثات بين وزير الخارجية الهولندي ونظيره الإيراني، فذكرت الخارجية الإيرانية، أن الجانبين أجريا جولتين من المباحثات، مشيرة إلى أنهما وصفا العلاقات بين البلدين بـ"الجيدة والقديمة"، مؤكدين على "ضرورة تنمية هذه العلاقات".
وأشار بيان الخارجية إلى أن الوزيرين ناقشا خلال الجولة الثانية من لقائهما تطورات الاتفاق النووي وآلية "إنستكس" المالية، التي أسستها أوروبا للتبادل التجاري مع إيران، لكنها غير مفعلة بعد، وأبعاد اغتيال قائد "فيلق القدس" الإيراني قاسم سليماني، في غارة جوية أميركية في بغداد مطلع الشهر الماضي، وتطورات الأوضاع في العراق وأفغانستان واليمن وسورية، وكذلك حادث إسقاط الطائرة الأوكرانية بصاروخ إيراني في الثامن من يناير/كانون الثاني.
ما يزيد من أهمية زيارة وزير خارجية هولندا إلى إيران في هذا التوقيت، أنها تلي لقاء جمعه مع وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، في وقت سابق الشهر الحالي، وزيارته إلى كل من السعودية والإمارات أواخر الأسبوع الماضي. وتطرح هذه الزيارات واللقاءات تساؤلات، حول الأهداف التي تقف ورائها، إن كانت تأتي في سياق إطلاق حراك هولندي والدخول في معترك الوساطة بين إيران والولايات المتحدة وبقية أطراف الأزمة في منطقة الخليج أو إنها مجرد محاولة لخفض التوترات بين هذه الأطراف.
لكن من الواضح أن زيارة بلوك لطهران تأتي في سياق حراك أوروبي متزايد، حيث إنها تأتي استكمالا لزيارة أخرى لمنسق السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في وقت سابق من الشهر، وتسبق أيضا زيارة وزير الخارجية النمساوي ألكساندر شالنبيرغ إلى إيران.
والأربعاء الماضي، أشار المتحدث باسم الخارجية الإيراني، عباس موسوي، إلى أن عناوين أجندة مباحثات الوزيرين الأوروبيين يمكن اختصارها في أربعة، وهي العلاقات الثنائية، وتطورات الاتفاق النووي، وأمن الملاحة في الخليج ومضيق هرمز، والأوضاع في ساحات إقليمية متأزمة، مثل اليمن والعراق وسورية.
من جهته، كشف وزير الخارجية النمساوي، الأربعاء الماضي، أنه يحمل خلال زيارته لطهران، التي يفترض أن تبدأ اليوم لتستمر يومين، رسالة من الاتحاد الأوروبي إلى القادة الإيرانيين.
قال شالنبيرغ بعد لقائه مع نظيره الألماني، هايكو ماس، الذي أجرى من جانبه مباحثات مع ظريف على هامش المشاركة في مؤتمر ميونخ للأمن، إن "تكرار مواقفنا (لطهران) أمر مهم، وذكرها مرة واحدة للإيرانيين ليس كافيا". وأكد وزير الخارجية الألماني أيضا على ضرورة "بذل كل الجهد لخفض التوترات".
يتضح من التصريحات الأوروبية والإيرانية أن أوروبا تهدف من خلال حراكها الجديد إلى تحقيق أمرين، الأول إنقاذ ما تبقى من الاتفاق النووي والثاني خفض التوترات في المنطقة. لكن تحقيق الأخير يتوقف على تحقيق الأول، وإنقاذ أو إحياء الاتفاق النووي أيضا ليس أمرا سهلا، على ضوء الموقفين الإيراني والأميركي المتباعدين، حيث ترفض طهران العودة إلى تعهداتها النووية التي أوقفتها خلال الشهور الأخيرة، وتربط ذلك برفع واشنطن العقوبات التي فرضتها عليها.
لكن الإدارة الأميركية التي صعّدت المواجهة مع إيران باغتيالها سليماني، أبرز الجنرالات الإيرانية، تصر على مواصلة الضغوط القصوى، وعدم تقديم أي تنازلات لطهران، إلا اذا قبلت الأخيرة باتفاق شامل يطاول جميع الملفات المثارة معها تحت العناوين الثلاثة، أي البرنامج النووي والبرنامج الصاروخي والدور الإقليمي.
وتؤكد طهران أنها لن تتفاوض مجددا بشأن الاتفاق النووي، وتعتبر برنامجها الصاروخي خطا أحمر، رافضة إجراء أي تفاوض بشأنه. وفي الملف الإقليمي أيضا، رغم أنها سبق أن أجرت مباحثات مع أطراف أوروبية بشأن بعض الملفات، مثل الأزمة اليمنية، لكنها لم تفض إلى أي نتيجة بعد.