يقول رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، الدكتور عبد الرحيم منار أسليمي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن تحليل مسارات الأشخاص يعطي مؤشرات على المسار الذي ستتخذه السياسة الأميركية في فترة حكم ترامب، لذلك سيكون لوجود تيلرسون، رجل النفط في الخارجية الأميركية، أثره على إدارة العديد من الملفات في العالم. واستبعد أن تكون منطقة شمال أفريقيا أولوية كبيرة في أجندة تيلرسون، معتبراً أن هذا الأمر سيفتح المجال أمام تأثير "البنتاغون" أكثر من الخارجية، عكس ما كان عليه الأمر في مرحلة وزير الخارجية، جون كيري، خلال إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما. وأضاف أسليمي "من شأن أن يكون للبنتاغون تأثير أكبر من الخارجية في منطقة شمال أفريقيا أن يربك الجزائر، ويخلق نوعاً من الامتياز للمغرب، بصفته شريكا استراتيجيا للولايات المتحدة"، موضحاً "كثيراً ما كان للبنتاغون دور الحسم في توترات وقعت بين خارجية جون كيري والمغرب حول ملف الصحراء، مثل ما حصل في 2013". واعتبر أنه لن "يكون باستطاعة الجزائر توظيف النفط لاستمالة تيلرسون، لكون التكتل الاستراتيجي للمغرب مع دول الخليج سيحد من ورقة النفط التي قد تلعبها الجزائر ضد المغرب في ملف الصحراء". وأشار إلى أن عوامل كثيرة تحد من التقارب الأميركي الجزائري، منها اقتسام السوق الجزائرية بين الروس والبريطانيين، وريبة الجهات الأمنية الجزائرية من القاعدة العسكرية الأميركية في تونس، وقاعدة "أفريكوم" في السنغال، وتورط الجزائر في شمال مالي وليبيا.
من جهته، يرى المستشار الدبلوماسي والخبير في ملف الصحراء، الدكتور سمير بنيس، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن وزير الخارجية الجديد، بصفته رجل أعمال جرب صفقات النفط، قد يتأثر بما ستقدمه الجزائر في هذا المضمار، وقد تميل الكفة إليها في موضوع نزاع الصحراء، لكنه يضيف أنه و"رغم هذا التخوف من الجانب المغربي بخصوص هذا المنحى الخاص بصفقات النفط المحتملة، فإن للمغرب ورقة محورية يمكن أن يلعب بها، وهي خوضه حرباً شرسة ضد الإرهاب، فقد راكم ما يكفي من الخبرات لتجعله من أكبر الرواد في محاربة الإرهاب". وتابع "لعل خير دليل على ذلك منع السلطات المغربية وقوع أي هجمات في البلاد خلال السنوات الست الماضية، في الوقت الذي تتعرض فيه دول الجوار في المنطقة إلى هجمات إرهابية بشكل منتظم، فضلاً عن دور المملكة في درء العديد من الهجمات الإرهابية في العديد من البلدان الأوروبية، مثل فرنسا وإسبانيا، بالإضافة إلى مساعدتها فرنسا في القبض على العقل المدبر للهجمات الإرهابية التي استهدفت باريس في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015". واعتبر بنيس أن المغرب لم ينجح فقط في التصدي بشكل فعال للمخططات الإرهابية لما يسمى بـ"الدولة الإسلامية" (داعش)، بل "برز نجمه في نشر قيم التسامح وإشاعة المبادئ السمحة للإسلام، وذلك من خلال تكوين أئمة المساجد في العديد من البلدان الأفريقية والأوروبية، بدليل الطلبات التي قدمتها الكثير من الدول، مثل فرنسا وإسبانيا والسنغال والغابون ومالي، للسلطات المغربية لمساعدتها على تكوين الأئمة".
وبالنظر لكون محاربة الإرهاب ومواجهة "داعش" تعتبر من أولى أولويات ترامب، يؤكد بنيس أنه ينبغي على الدبلوماسية المغربية توظيف كل هذه الأوراق، التي لا تتوفر للجزائر، ولا أي دولة أخرى في المنطقة. وقال إن "العلاقات الدولية في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وباقي مناطق العالم ستدخل منعطفاً جديداً بعد تسلم ترامب مقاليد الرئاسة، لهذا يتعين على المغرب عدم الاعتماد على الأساليب التقليدية، أو على المجاملات، من قبيل أن المغرب هو أول دولة اعترفت بالولايات المتحدة الأميركية". وأكد أن "الإدارة الأميركية الجديدة، على غرار سابقاتها، ستعمل على خدمة المصالح الأميركية بشكل براغماتي بعيداً عن العواطف أو المجاملات، وستتعامل مع كل بلد بناءً على مبدأ الأخذ والعطاء"، معتبراً أن المغرب مطالب بأن يظهر للإدارة الأميركية كيف أنه عنصر فعال ومحوري في الحفاظ على استقرار المنطقة، وصون المصالح الأميركية والأوروبية.