يبحث وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، اليوم الأربعاء مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو فرص الوصول إلى وقف إطلاق النار في جنوب سورية، على وقع معاناة عشرات الآلاف من النازحين السوريين العالقين على الحدود الأردنية المقفلة في وجههم والفارين من الموت نتيجة تصاعد حملة النظام السوري وروسيا منذ أكثر من أسبوعين.
من المنتظر أن تتركز المناقشات بين الرجلين على الملف السوري والتسوية الفلسطينية - الإسرائيلية، بحسب بيان وزارة الخارجية الروسية.
وتتزامن زيارة الصفدي إلى موسكو مع موجة من التصعيد العسكري جنوب سورية واقتراب موعد عقد قمة بين الرئيسين الروسي، فلاديمير بوتين، والأميركي، دونالد ترامب، في هلسنكي في 16 يوليو/تموز الجاري.
ووصفت صحيفة "كوميرسانت" في عددها الصادر، اليوم، محادثات الصفدي في موسكو بأنها "جزء من الاستعدادات للقاء هلسنكي"، مشيرة إلى دور الأردن في استئناف المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في درعا.
وفي مقال بعنوان "الأردن يمهد التربة لقمة هلسنكي"، ذكّرت الصحيفة بأن "عمان وموسكو وواشنطن دعت قبل عام إلى إقامة المنطقة الجنوبية لخفض التصعيد في محافظات درعا والقنيطرة والسويداء، وأن الصفدي أعلن عشية زيارته إلى موسكو أن هدفه هو التوصل إلى وقف إطلاق النار والعنف جنوب سورية في أسرع وقت.
وكانت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية قد ذكرت، نقلاً عن مصادر دبلوماسية، أن الولايات المتحدة مستعدة للقبول بإعادة جنوب سورية إلى سيطرة النظام شرط عدم ملاحقة المعارضة في هذه المنطقة وإقصاء جميع القوى الموالية لإيران، بما فيها "حزب الله" اللبناني.
بدروها، ذكرت "كوميرسانت" أن موسكو مستعدة أيضاً لمناقشة انسحاب جميع القوى غير السورية من المناطق على الحدود مع إسرائيل والأردن وحتى نشر شرطتها العسكرية هناك، مشككة في الوقت نفسه في استعداد طهران للحلول الوسط في ظل عدم امتلاك روسيا نفوذا حقيقيا على الوحدات الموالية لإيران.
وترافق زيارة الوزير الأردني تسريبات كثيرة عن طروحات أردنية محتملة، منها إقامة منطقة آمنة داخل الأراضي السورية يتم فيها تجميع النازحين السوريين، الذين ترفض عمان إدخال أي منهم إلى أراضيها.
كما تحدثت تسريبات أخرى عن طرح أردني بعودة النظام السوري لاستلام معبر نصيب الحدودي الذي تعتمد المملكة في جزء من اقتصادها عليه، في ظل كلام عن ضغوط يمارسها الأردن على الفصائل السورية المسلّحة للقبول بـ"الاستسلام" وفق "المصالحات" التي تحاول روسيا فرضها عليهم، وسط صمت دولي هو أقرب إلى التواطؤ لمصلحة موسكو ودمشق.
وسبق للأردن أن أعلن عن أكثر من وقف لإطلاق النار في الأيام الماضية، لم يلتزم النظام السوري ولا روسيا بأي منها في الجنوب، الذي ظلت تحكمه اتفاقية خفض تصعيد منذ العام الماضي بموجب صفقات مسار أستانة قبل أن تقرر موسكو ودمشق السير بالمعركة العسكرية الشاملة وسط موافقة ضمنية أميركية وإسرائيلية.
وكان الصفدي قد قال، يوم الإثنين الماضي، لوسائل الإعلام إن "روسيا طرف رئيسي للحل وإن التحركات الأردنية تهدف إلى وقف إطلاق النار بأسرع وقت ممكن، لأن ذلك يعني حقن الدم السوري وتجنيب السوريين المزيد من الخراب والدمار، وضمان الظروف على الأرض التي تسمح ببقاء الناس على أرضهم وتشعرهم بالأمن والأمان، وإيصال كل ما يحتاجونه من مساعدات".
وأضاف: "نحن منخرطون مع الجميع من أجل المساعدة في وقف إطلاق النار، نتحدث مع كل الأطراف في ظل التطورات السريعة على الأرض، ونتحرك في كل الجهات"، معبراً عن أمله في أن "ينجح الاجتماع في خلق تفاهمات لحل الأزمة ومنع وقوع المزيد من الدمار".
وأشار إلى "أن المحادثات مع لافروف، ستركز على كيفية تهيئة الظروف على الأرض بحيث يشعر الناس بالأمان للعودة إلى بلداتهم وقراهم".
ونفى الصفدي وجود "نقص في إمدادات الإغاثة الإنسانية المخزنة على طول الحدود الأردنية، لكن الأمر يرجع إلى الأمم المتحدة للحصول على الموافقات الضرورية من دمشق للسماح بدخول الإمدادات لمحافظة درعا".
ويتسع حجم المعاناة الإنسانية يوماً بعد يوم، فقد وصل عدد النازحين في جنوب غربي سورية، نتيجة تصاعد القتال، منذ أسبوعين، إلى 270 ألف شخص، وفقاً لتصريحات المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن، محمد الحواري، في حين تتحدث الأمم المتحدة عن وصول الرقم إلى 330 ألفاً.
وناشد مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، زيد رعد الحسين، ومفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين ــ الأردن، أمس الثلاثاء، فتح حدوده أمام السوريين الذين يحاولون الفرار من الصراع المتصاعد في منطقة درعا.
وقالت المتحدثة باسم مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان، ليز ثروسيل، في إفادة صحافية: "ندعو الحكومة الأردنية إلى إبقاء حدودها مفتوحة، كما ندعو الدول الأخرى في المنطقة إلى تكثيف الجهود واستقبال المدنيين الفارين".
بدورها، قالت المنظمة الطبية السورية - الأميركية (سامز)، إن حملة النزوح المتزامنة مع استمرار القصف على مدن وبلدات درعا، وصلت إلى اكثر من 350 ألف مدني، نزحوا من مدنهم وبلداتهم، مشيرة إلى أن مئات آلاف المدنيين تجمعوا على الشريط الحدودي مع الأردن، والشريط الحدودي مع الجولان المحتل، في ظل غياب أدنى مقومات الحياة.
ويحاول الأردن الذي يقيم فيه نحو 1.3 مليون لاجئ سوري منذ اندلاع الثورة، تبرير رفضه استقبال المزيد من السوريين بالحجج الأمنية والاقتصادية.
وفي هذا السياق، قال قائد المنطقة العسكرية الشمالية العميد الركن خالد المساعيد، في تصريحات صحافية، أمس، إن النازحين الموجودين على الشريط الحدودي لا نعرف خلفياتهم الأمنية، مضيفاً: "لا بد من وجود أشخاص مندسين بين هؤلاء من التنظيمات الإرهابية".
وكان رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز، قال في تصريحات صحافية، الأسبوع الماضي، إنه "لا بد من حل سياسي للأزمة السورية، وإن الأردن لن يستقبل أي لاجئين جدد من سورية تحت أي ظرف، فالأردن استقبل لاجئين بأعلى من قدرته ولن يتمكن من استقبال المزيد".