تخطو تونس للخروج من عباءة الحماية، التي فرضتها الدولة لسنوات على القطاعات الاقتصادية، وسط جهود لجذب الاستثمارات لكافة المجالات، وفق تأكيد وزير التنمية والاستثمار والتعاون الدولي محمد الفاضل عبد الكافي في حوار لـ"العربي الجديد".
وإلى نص الحوار:
وإلى نص الحوار:
ـ ثلاثة أشهر تقريباً، مرت على انعقاد الندوة الدولية للاستثمار 2020، أين وصلت الحكومة في تنفيذ التعهدات التي حصلت عليها من الدول والمؤسسات المالية؟
تمكنت تونس من تعبئة 34 مليار دينار (14.9 مليار دولار) بين اتفاقيات وتعهدات خلال ندوة الاستثمار (مؤتمر الاستثمار)، التي عقدت نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
وبعد انتهاء الندوة عادت العديد من الوفود المشاركة إلى تونس، منها الصناديق العربية والبنك الدولي ومؤسسات مالية أخرى، وكذلك شركاؤنا الأوروبيون، لمتابعة تنفيذ التعهدات والاطلاع بدقة أكثر على دراسات المشاريع التي تم تقديمها خلال الندوة، وهناك تقدم كبير وسنرى قريباً بعض المشاريع في طور الإنجاز ربما في الربع الثالث من العام الحالي 2017.
ولا بد أن نذكر أنه بالإضافة إلى النتائج المالية، التي تحققت من ندوة الاستثمار، كسبت تونس عاملاً مهماً يتمثل في عودتها إلى خارطة الاستثمار الإقليمية والعالمية، وإعادة الاعتبار لصورتها الاقتصادية، بعد أن حققت مكاسب سياسية مهمة على طريق الانتقال الديمقراطي والتي تعد تجربة نموذجية فريدة.
اقــرأ أيضاً
ـ ما هي المشاريع التي سترى النور قريباً؟
هناك بعض المشاريع انطلقت في الإنجاز في القطاع السياحي، وهذا أعتبره مكسبا مهما لأن مواصلة الاستثمار في قطاع يشهد صعوبات على غرار القطاع السياحي، يؤكد النظرة الاستشرافية للمستثمرين من مجموعات سياحية عالمية كبرى، بأن السياحة التونسية قطاع واعد ومربح.
كما ستنطلق أشغال مصنع السيارات الفرنسية بيجو قريباً، وهو من الاستثمارات الخاصة الفرنسية المهمة التي أقرت في ندوة الاستثمار.
ـ ماذا عن التعهدات القطرية التي وصفت بالأكثر سخاءً؟
الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، أعلن عن تعهد قطري بقيمة 1.25 مليار دولار، وهو فعلاً رقم مهم جداً يؤكد عمق العلاقات الأخوية ومتانة التعاون الاقتصادي بين البلدين، وهو في شكل وديعة وقروض ميسرة بنسبة فائدة ضعيفة وكذلك استثمارات.
وهناك جانب مهم جداً تمثل في فتح أول مكتب لصندوق قطر للتنمية خارج الدوحة، وهذا الصندوق بالإضافة إلى رمزية اختياره لتونس لفتح أول مكتب خارجي له، سيكون ذراعاً مالية مهمة لتمويل المشاريع القطرية في تونس، ولا سيما أن قطر تعد حاليا ثاني مستثمر أجنبي في تونس.
ولنا في تونس تجارب ناجحة في التعاون الاقتصادي عبر الصناديق السيادية على غرار الصندوق الكويتي، الذي يمول مشاريع في قطاعات متعددة منذ 1972.
اقــرأ أيضاً
ـ قلتم في لقاء إعلامي عقب ندوة الاستثمار إن تنفيذ التعهدات مرتبط بصندوق النقد الدولي، كيف ولماذا؟
الحكومة تقود مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن صرف أقساط البرنامج الائتماني، الذي أعلن عنه الصندوق لتمويل الاقتصاد المحلي في حدود 2.8 مليار دولار على خمس سنوات، وهذه المفاوضات مرتبطة بمدى تقدم الإصلاحات التي تعهدت بها الحكومة، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى تعهدت بتمويل الاقتصاد أو بإنجاز مشاريع تم عرضها في ندوة الاستثمار وهي بدورها تراقب نتائج المفاوضات. لأن الوصول إلى اتفاقات مع صندوق النقد الدولي هو بمثابة الضامن لهذه الأطراف في صلابة الاقتصاد التونسي وقدرة البلاد على الإيفاء بتعهداتها إزاء الممولين.
ـ لكن هناك انتقادات كبيرة تواجهها الحكومة من أحزاب برلمانية ومنظمات مجتمع مدني، بسبب طريقة إدارة المفاوضات مع صندوق النقد، بل هناك من يعتبر أن الحكومة فقدت سلطة القرار بسبب خضوعها لما يوصف بالإملاءات المجحفة للصندوق؟
علينا توضيح بعض النقاط، فالحكومة هي التي ذهبت أو طلبت مساعدة صندوق النقد الدولي، وهي أيضا من تملك القرار في قبول الشروط من عدمه.
ثم لا بد من الاقتناع بأن الاقتصاد التونسي يحتاج إلى إصلاحات عدة وعميقة وأن مرحلة الاقتصاد المحمي كليا قد انتهى، ونحن الآن في مرحلة جديدة يجب أن يقتصر فيها دور الدولة على المشاريع الكبرى والمشاريع ذات الصبغة العمومية لتهيئة الأرضية للاستثمار، وكذلك الاستثمار في القطاعات الاجتماعية، ما عدا ذلك فهو دور القطاع الخاص الذي يجب أن يضطلع بدوره كمحرك أساسي للتنمية ولخلق فرص العمل ورفع نسب النمو.
فاليوم لا مجال لأن تقوم الدولة بنفس الدور، الذي كانت تضطلع به في السبعينيات ببعث مصانع والاعتماد على التوظيف الحكومي، لأن كل النماذج الاقتصادية الناجحة في العالم تخلت على النموذج الحمائي واتجهت نحو تشجيع المبادرة الخاصة.
وهيأنا بالفعل الأرضية التشريعية والقانونية اللازمة للانطلاق في مرحلة جديدة، فقط نحتاج إلى الإيمان بقدراتنا وإمكانياتنا لكسب هذا الرهان.
قد نحتاج إلى بعض الوقت وقد نصطدم بصعوبات اجتماعية لقبول السياسة الاقتصادية الجديدة، ولكني على اقتناع تام أننا سنتجاوز المرحلة بنجاح وستعم الفائدة على الجميع.
اقــرأ أيضاً
ـ لكن ألا توجد مطالب جديدة لصندوق النقد؟
قطعنا خطوات مهمة على طريق الإصلاحات الاقتصادية وهي تخصنا، وأمامنا تحديات أخرى من بينها إصلاح الصناديق الاجتماعية والتحكم في كتلة الأجور وهذه إصلاحات تتطلب جرأة وشجاعة، وقد تصطدم بالرفض، ولكن لا خيار أمام تونس إذا أرادت اليوم معالجة مشاكل المالية العمومية ووقف نزيف الاقتراض سوى إصلاح وضعية الصناديق ومعالجتها جذريا لأنه من شبه المستحيل أن تواصل الدولة سنويا ضخ اعتمادات للصناديق، هذا بالإضافة إلى ضرورة إصلاح وضعيات المؤسسات الوطنية والقطاع البنكي العمومي.
ـ الملاحظ من خلال الزيارات الأخيرة لرئيسي الجمهورية الباجي قائد السبسي والحكومة يوسف الشاهد إلى إيطاليا وألمانيا أن هناك تركيزا كبيرا على استقطاب شركات كبرى لبعث مشاريع في تونس، فما هي نتائج هذه المساعي؟
فعلا الحكومة أخذت خيار تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية بالتوازي مع الدبلوماسية السياسية، وقد كنت ضمن الوفد المرافق لرئيس الجمهورية في زيارته إلى إيطاليا، وكانت لنا اتصالات ولقاءات عديدة مع مستثمرين وشركات إيطالية كبرى في قطاعات مختلفة، ولا سيما الصناعات الإلكتروميكانية، ومن المنتظر أن تكون هناك زيارة لوفد إيطالي إلى تونس في مايو/أيار القادم قد يفضى إلى اتفاقات مع مصنعين مهمين.
كذلك زيارة رئيس الحكومة إلى ألمانيا فيها أيضا جانب اقتصادي مهم، ونعمل على استقطاب مصنعين ألمان في قطاع السيارات، وهناك محادثات متقدمة في المجال، ولكنها لم تحسم بعد.
اقــرأ أيضاً
ـ هناك من يقول إن الاتفاق حول ضخ استثمارات ألمانية في تونس مرتبط بما تطلبه برلين بشأن إحداث مخيم للاجئين في الجنوب التونسي، فما هو ردكم؟
الموقف التونسي بخصوص مخيمات للاجئين واضح، ورئيس الحكومة أكد رفضه لهذا المقترح، والاستثمار الألماني في تونس غير مشروط وغير مرتبط بهكذا مواضيع.
ـ تبدي في كل تصريحاتك الكثير من التفاؤل بشأن الوضع الاقتصادي ومستقبل الاستثمار، بينما تقوم وكالات التصنيف بوضع تونس في الاتجاه السلبي، فما سر هذا التفاؤل؟
سألخص لك سر التفاؤل، صحيح أن الوضع متأزم لكن الإمكانيات كبيرة، فتونس لها مقومات وإمكانيات تنافسية مميزة عن باقي الدول في المحيط المتوسطي، وحتى بالنسبة للدول الآسيوية التي بلغت مرحلة الإشباع الاقتصادي، وهو ما يجعلنا قادرين على كسب التحدي الاقتصادي.
قدر تونس أن تواجه الصعوبات وقدرها أيضا أن يكون الحل محلياً تخطيطاً وإنجازاً. وفي ما يخص تصنيف تونس السيادي، فإن الوكالات الدولية تعتمد في تقييمها على وضع المالية العمومية والمخاطر السيادية وعناصر التقييم هذه بالنسبة لتونس سلبية في الوقت الحالي، ولكن لا يعني أنها ستبقى سلبية، فمجمل المؤشرات الاقتصادية قابلة للتحسن سريعاً إذا تمكنا من استعادة نسق الإنتاج في قطاعات أساسية على غرار الفوسفات والسياحة، والاستثمار والإسراع في المصادقة على قانون الطوارئ الاقتصادية الذي طلبت الحكومة من البرلمان استعجال النظر فيه.
ـ تعرض مخطط التنمية الموضوع للانتقاد فهل هناك مجال لتعديل بعض نقاطه؟
من الطبيعي أن يتعرض المخطط للتعديل، كما لا يمكن إنجاز جميع ما ورد فيه، فالمخطط هو عبارة عن خارطة طريق لمدة 5 سنوات، يتضمن المحاور الكبرى لمسار التنمية ويبقى الأمر مرتبطاً بالإمكانيات المتاحة، التي ستتوفر وربما تتوفر إمكانيات أفضل في المستقبل تسمح بتجاوز ما جاء في المخطط.
اقــرأ أيضاً
تمكنت تونس من تعبئة 34 مليار دينار (14.9 مليار دولار) بين اتفاقيات وتعهدات خلال ندوة الاستثمار (مؤتمر الاستثمار)، التي عقدت نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
وبعد انتهاء الندوة عادت العديد من الوفود المشاركة إلى تونس، منها الصناديق العربية والبنك الدولي ومؤسسات مالية أخرى، وكذلك شركاؤنا الأوروبيون، لمتابعة تنفيذ التعهدات والاطلاع بدقة أكثر على دراسات المشاريع التي تم تقديمها خلال الندوة، وهناك تقدم كبير وسنرى قريباً بعض المشاريع في طور الإنجاز ربما في الربع الثالث من العام الحالي 2017.
ولا بد أن نذكر أنه بالإضافة إلى النتائج المالية، التي تحققت من ندوة الاستثمار، كسبت تونس عاملاً مهماً يتمثل في عودتها إلى خارطة الاستثمار الإقليمية والعالمية، وإعادة الاعتبار لصورتها الاقتصادية، بعد أن حققت مكاسب سياسية مهمة على طريق الانتقال الديمقراطي والتي تعد تجربة نموذجية فريدة.
كما كان من بين أهداف الندوة تعبئة الأموال لمخطط التنمية 2016 ــ 2020 الذي يستهدف جذب استثمارات بقيمة 25 مليار دولار وتمويل المشاريع الوطنية، خاصة في مجال البنية التحتية، والتي ستساعد على جلب الاستثمارات للمحافظات الداخلية.
وأعتقد أن تونس قد وفقت في هذا، حيث كانت المشاركات مكثفة وتمكنا من توقيع اتفاقيات تمويل بقيمة 15 مليار دينار (6.5 مليارات دولار) مع تعهدات تناهز 19 مليار دينار (8.3 مليارات دولار).
وأعتقد أن تونس قد وفقت في هذا، حيث كانت المشاركات مكثفة وتمكنا من توقيع اتفاقيات تمويل بقيمة 15 مليار دينار (6.5 مليارات دولار) مع تعهدات تناهز 19 مليار دينار (8.3 مليارات دولار).
ـ ما هي المشاريع التي سترى النور قريباً؟
هناك بعض المشاريع انطلقت في الإنجاز في القطاع السياحي، وهذا أعتبره مكسبا مهما لأن مواصلة الاستثمار في قطاع يشهد صعوبات على غرار القطاع السياحي، يؤكد النظرة الاستشرافية للمستثمرين من مجموعات سياحية عالمية كبرى، بأن السياحة التونسية قطاع واعد ومربح.
كما ستنطلق أشغال مصنع السيارات الفرنسية بيجو قريباً، وهو من الاستثمارات الخاصة الفرنسية المهمة التي أقرت في ندوة الاستثمار.
ـ ماذا عن التعهدات القطرية التي وصفت بالأكثر سخاءً؟
الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر، أعلن عن تعهد قطري بقيمة 1.25 مليار دولار، وهو فعلاً رقم مهم جداً يؤكد عمق العلاقات الأخوية ومتانة التعاون الاقتصادي بين البلدين، وهو في شكل وديعة وقروض ميسرة بنسبة فائدة ضعيفة وكذلك استثمارات.
وهناك جانب مهم جداً تمثل في فتح أول مكتب لصندوق قطر للتنمية خارج الدوحة، وهذا الصندوق بالإضافة إلى رمزية اختياره لتونس لفتح أول مكتب خارجي له، سيكون ذراعاً مالية مهمة لتمويل المشاريع القطرية في تونس، ولا سيما أن قطر تعد حاليا ثاني مستثمر أجنبي في تونس.
ولنا في تونس تجارب ناجحة في التعاون الاقتصادي عبر الصناديق السيادية على غرار الصندوق الكويتي، الذي يمول مشاريع في قطاعات متعددة منذ 1972.
ـ قلتم في لقاء إعلامي عقب ندوة الاستثمار إن تنفيذ التعهدات مرتبط بصندوق النقد الدولي، كيف ولماذا؟
الحكومة تقود مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن صرف أقساط البرنامج الائتماني، الذي أعلن عنه الصندوق لتمويل الاقتصاد المحلي في حدود 2.8 مليار دولار على خمس سنوات، وهذه المفاوضات مرتبطة بمدى تقدم الإصلاحات التي تعهدت بها الحكومة، والمؤسسات المالية الدولية الأخرى تعهدت بتمويل الاقتصاد أو بإنجاز مشاريع تم عرضها في ندوة الاستثمار وهي بدورها تراقب نتائج المفاوضات. لأن الوصول إلى اتفاقات مع صندوق النقد الدولي هو بمثابة الضامن لهذه الأطراف في صلابة الاقتصاد التونسي وقدرة البلاد على الإيفاء بتعهداتها إزاء الممولين.
ـ لكن هناك انتقادات كبيرة تواجهها الحكومة من أحزاب برلمانية ومنظمات مجتمع مدني، بسبب طريقة إدارة المفاوضات مع صندوق النقد، بل هناك من يعتبر أن الحكومة فقدت سلطة القرار بسبب خضوعها لما يوصف بالإملاءات المجحفة للصندوق؟
علينا توضيح بعض النقاط، فالحكومة هي التي ذهبت أو طلبت مساعدة صندوق النقد الدولي، وهي أيضا من تملك القرار في قبول الشروط من عدمه.
ثم لا بد من الاقتناع بأن الاقتصاد التونسي يحتاج إلى إصلاحات عدة وعميقة وأن مرحلة الاقتصاد المحمي كليا قد انتهى، ونحن الآن في مرحلة جديدة يجب أن يقتصر فيها دور الدولة على المشاريع الكبرى والمشاريع ذات الصبغة العمومية لتهيئة الأرضية للاستثمار، وكذلك الاستثمار في القطاعات الاجتماعية، ما عدا ذلك فهو دور القطاع الخاص الذي يجب أن يضطلع بدوره كمحرك أساسي للتنمية ولخلق فرص العمل ورفع نسب النمو.
فاليوم لا مجال لأن تقوم الدولة بنفس الدور، الذي كانت تضطلع به في السبعينيات ببعث مصانع والاعتماد على التوظيف الحكومي، لأن كل النماذج الاقتصادية الناجحة في العالم تخلت على النموذج الحمائي واتجهت نحو تشجيع المبادرة الخاصة.
وهيأنا بالفعل الأرضية التشريعية والقانونية اللازمة للانطلاق في مرحلة جديدة، فقط نحتاج إلى الإيمان بقدراتنا وإمكانياتنا لكسب هذا الرهان.
قد نحتاج إلى بعض الوقت وقد نصطدم بصعوبات اجتماعية لقبول السياسة الاقتصادية الجديدة، ولكني على اقتناع تام أننا سنتجاوز المرحلة بنجاح وستعم الفائدة على الجميع.
ـ لكن ألا توجد مطالب جديدة لصندوق النقد؟
قطعنا خطوات مهمة على طريق الإصلاحات الاقتصادية وهي تخصنا، وأمامنا تحديات أخرى من بينها إصلاح الصناديق الاجتماعية والتحكم في كتلة الأجور وهذه إصلاحات تتطلب جرأة وشجاعة، وقد تصطدم بالرفض، ولكن لا خيار أمام تونس إذا أرادت اليوم معالجة مشاكل المالية العمومية ووقف نزيف الاقتراض سوى إصلاح وضعية الصناديق ومعالجتها جذريا لأنه من شبه المستحيل أن تواصل الدولة سنويا ضخ اعتمادات للصناديق، هذا بالإضافة إلى ضرورة إصلاح وضعيات المؤسسات الوطنية والقطاع البنكي العمومي.
ـ الملاحظ من خلال الزيارات الأخيرة لرئيسي الجمهورية الباجي قائد السبسي والحكومة يوسف الشاهد إلى إيطاليا وألمانيا أن هناك تركيزا كبيرا على استقطاب شركات كبرى لبعث مشاريع في تونس، فما هي نتائج هذه المساعي؟
فعلا الحكومة أخذت خيار تنشيط الدبلوماسية الاقتصادية بالتوازي مع الدبلوماسية السياسية، وقد كنت ضمن الوفد المرافق لرئيس الجمهورية في زيارته إلى إيطاليا، وكانت لنا اتصالات ولقاءات عديدة مع مستثمرين وشركات إيطالية كبرى في قطاعات مختلفة، ولا سيما الصناعات الإلكتروميكانية، ومن المنتظر أن تكون هناك زيارة لوفد إيطالي إلى تونس في مايو/أيار القادم قد يفضى إلى اتفاقات مع مصنعين مهمين.
كذلك زيارة رئيس الحكومة إلى ألمانيا فيها أيضا جانب اقتصادي مهم، ونعمل على استقطاب مصنعين ألمان في قطاع السيارات، وهناك محادثات متقدمة في المجال، ولكنها لم تحسم بعد.
ـ هناك من يقول إن الاتفاق حول ضخ استثمارات ألمانية في تونس مرتبط بما تطلبه برلين بشأن إحداث مخيم للاجئين في الجنوب التونسي، فما هو ردكم؟
الموقف التونسي بخصوص مخيمات للاجئين واضح، ورئيس الحكومة أكد رفضه لهذا المقترح، والاستثمار الألماني في تونس غير مشروط وغير مرتبط بهكذا مواضيع.
ـ تبدي في كل تصريحاتك الكثير من التفاؤل بشأن الوضع الاقتصادي ومستقبل الاستثمار، بينما تقوم وكالات التصنيف بوضع تونس في الاتجاه السلبي، فما سر هذا التفاؤل؟
سألخص لك سر التفاؤل، صحيح أن الوضع متأزم لكن الإمكانيات كبيرة، فتونس لها مقومات وإمكانيات تنافسية مميزة عن باقي الدول في المحيط المتوسطي، وحتى بالنسبة للدول الآسيوية التي بلغت مرحلة الإشباع الاقتصادي، وهو ما يجعلنا قادرين على كسب التحدي الاقتصادي.
قدر تونس أن تواجه الصعوبات وقدرها أيضا أن يكون الحل محلياً تخطيطاً وإنجازاً. وفي ما يخص تصنيف تونس السيادي، فإن الوكالات الدولية تعتمد في تقييمها على وضع المالية العمومية والمخاطر السيادية وعناصر التقييم هذه بالنسبة لتونس سلبية في الوقت الحالي، ولكن لا يعني أنها ستبقى سلبية، فمجمل المؤشرات الاقتصادية قابلة للتحسن سريعاً إذا تمكنا من استعادة نسق الإنتاج في قطاعات أساسية على غرار الفوسفات والسياحة، والاستثمار والإسراع في المصادقة على قانون الطوارئ الاقتصادية الذي طلبت الحكومة من البرلمان استعجال النظر فيه.
ـ تعرض مخطط التنمية الموضوع للانتقاد فهل هناك مجال لتعديل بعض نقاطه؟
من الطبيعي أن يتعرض المخطط للتعديل، كما لا يمكن إنجاز جميع ما ورد فيه، فالمخطط هو عبارة عن خارطة طريق لمدة 5 سنوات، يتضمن المحاور الكبرى لمسار التنمية ويبقى الأمر مرتبطاً بالإمكانيات المتاحة، التي ستتوفر وربما تتوفر إمكانيات أفضل في المستقبل تسمح بتجاوز ما جاء في المخطط.