رغم وعود سابقة قدّمها رئيس الوزراء الجديد بالقضاء على المحاصصة الطائفية والحزبية، وتسمية وزراء تكنوقراط، إلا أن أيّ من ذلك لم يتحقّق، حيث صُدم العراقيون بقائمة وزراء من أقارب زعامات سياسية عراقية أو عناصر في كتل سياسية ومليشيات مسلّحة.
وكشف مسؤول عراقي رفيع في بغداد، اليوم الأحد، أن مليشيا "العصائب" ستقدّم بديلاً لمرشحها الذي رفضه البرلمان أول مرة، وهو حسن طعمة، بسبب عدم امتلاكه أي صلة بالعمل الثقافي والأدبي في العراق.
وفقاً للمسؤول ذاته، فإن رئيس الحكومة طلب من "حركة صادقون"، وهي الجناح السياسي لمليشيا "العصائب"، تقديم مرشح آخر غير طعمة لتقديمه إلى البرلمان ضمن قائمة الوزراء المتبقين، وهم ثمانية، بعد أن صوّت البرلمان على 14 حقيبة الأسبوع الماضي ومنحها الثقة رسميا، مؤكداً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "تقسيم الحقائب المتبقية مفروغ منه حسب الاستحقاقات الانتخابية، وكل حقيبة لجهة سياسية معينة".
وأجرى مساء أمس السبت زعيم مليشيا "العصائب"، قيس الخزعلي، لقاءات مع عدد من الفنانين والأدباء العراقيين تم استدعاؤهم الى مقرّ إقامته في بغداد مع مسؤولين في وزارة الثقافة.
وقال بيان لزعيم "العصائب" إن اللقاء جاء بهدف "الاستماع من المثقفين إلى آراءهم وما يتعلّق بتسمية الوزير الجديد".
نقابة الفنانين العراقيين حذّرت من "مغبة منح الوزارة إلى جهات لا علاقة لها بالثقافة"، معتبرة هذه الخطوة "إهانة للثقافة العراقية".
وقالت النقابة، في بيان صحافي، إنّ "طرح شخصية لحقيبة الثقافة لا نعرفها وليس لها باع في الثقافة العراقية، مع وجود عشرات من المبدعين والإداريين التكنوقراط داخل الوزارة، لا نقبل به".
وأضافت: "نشجب غاضبين هذه الطريقة العشوائية باختيار شخصية دون الرجوع لنقابة الفنانين أو اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، أو غيرها من النقابات المعنية بالملف الثقافي العراقي"، محذرة الطبقة السياسية بمجملها من أنّ "وزارة الثقافة تتعرّض إلى الإهانة كما أهينت في الدورات السابقة باختيار أشخاص لا علاقة لهم بالثقافة"، مهدّدة بـ"حملة إعلامية وفنية وسينمائية وتلفزيونية وتشكيلية معارضة، تعمل على تعرية هذا الخطأ المركزي، الذي يؤشر إلى اعتباطية القرار السياسي في البلاد، وعدم احترامه للثقافة".
من جهته، وجه اتحاد الأدباء العراقيين نداءً إلى رئيس الحكومة، ناشده بـ"إخراج وزارة الثقافة من حسابات المحاصصة".
وقال الأمين العام للاتحاد، إبراهيم الخياط، في الرسالة: "يجب ألا يكون اختيار الوزير بمعزل عن رأي الاتحاد"، مؤكداً أنّه "بخلاف ذلك، فإنّ التعامل سيصبح أمراً مخجلاً مع الوزارة ورئاسة الوزراء".
ويخشى مسؤولون بوزارة الثقافة من أنّ "مليشيات العصائب ستتحكّم بالوزارة، وتسيء إلى الحركة الثقافية العراقية التي تمكّنت من الحفاظ على نفسها من التأثر بالصراع الطائفي والمذهبي طيلة الفترة الماضية"، معربين عن مخاوفهم من "استبدال المثقفين والخبراء الحاليين بالوزارة أيضاً بآخرين محسوبين على المليشيا"، مشددين على أنه "سيكون لذلك تأثير سلبي على الواقع الثقافي والأدبي بعموم العراق".