ورشات عمل "مركز كارتر" أو أسطورة "الحوار السرّي"

07 فبراير 2015
استذكاراً للضحايا السوريين خلال مؤتمر جنيف 2 (فرانس برس)
+ الخط -

يرغب النظام السوري بإيهام العالم بأن الدول الغربيّة قررت أن لا بديل عن الرئيس بشار الأسد لمحاربة "الإرهاب"، وبالتالي، يجري البحث عن المبررات التي تقنع الناس بهذه النظريّة عبر وسائل الاعلام المحسوبة خصوصاً على النظام السوري وحلفائه. في هذا السياق، تحدّث البعض أخيراً عن "حوار سري" يجري بين النظام والمعارضة، في بيروت، لمناقشة الدستور ومرحلة ما بعد الحرب بإشراف ورعاية نروجية، وأن الروس قد وُضعوا في الصورة. يوحي الخبر بأن هناك قبولاً تاماً بالرئيس بشار الأسد، وأن ما يجري هو مجرد عمليّة تمهيد لبقائه زعيماً أوحد.

لكن ما حقيقة الذي جرى في بيروت بين 27 و29 يناير/ كانون الثاني من العام الحالي؟ بين هذين التاريخين عقد "مركز كارتر" ورشة عمل "بشأن خيارات الانتقال السوري"، وذلك بالتعاون مع لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، والمركز النروجي لموارد بناء السلام وسويس ـ بيس.

هدف الورشة، بحسب ما تُشير إليه الأوراق الرسميّة التي أعدها مركز كارتر، هو: "تهدف حلقة العمل الحالية إلى المساعدة في تطوير وابتكار مزيد من الأفكار المحددة بخصوص الإصلاحات الدستورية والتشريعية التي يمكن أن تهيئ البلاد للانتقال إلى السلام، الذي يعد الركيزة الأساسية للحكم الديمقراطي في المستقبل، مع توفير مساحة لبلورة الأسئلة التي تتناول الصورة الأشمل للهوية السورية على المدى الطويل في بيئة أكثر مواءمة".

تضيف الورقة أن حلقة العمل هذه هي الرابعة على التوالي منذ يوليو/ تموز عام 2013، وتشير إلى أن مركز كارتر قد عقد خلال العامين الماضيين، سلسلة من حلقات العمل والمشاورات مع القادة السوريين والنشطاء والقضاة والمحامين والأكاديميين حول الانقسامات السياسية، وتمخض ذلك عن مشروع تقرير عن الخيارات الانتقالية السياسية لسورية التي كان آخر تنقيح لها في يوليو عام 2014.

وسبقت هذه الورشة، ورشة أخرى عقدت في اسطنبول، بين 20 و23 يناير من العام الحالي، ونظمها مركز كارتر بالتعاون مع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. وجاء في نص الدعوة إليها أنها "ستساعد في تطوير أفكار معينة حول الإصلاحات الدستورية والتشريعية التي بإمكانها إعداد البلاد لانتقال محتمل. ونتيجة للاستشارات التي عقدها مركز كارتر مع الفرقاء السوريين طوال العام الماضي، تم تطوير مسودة تقرير وضع الخطوط العريضة لخيارات دستورية وتشريعية من أجل انتقال سياسي في سورية". ويُضيف نص الدعوة أنه "نظراً لوجود قدر كبير من الدمار والمعاناة في سورية، ومع عدد قليل جداً من الاحتمالات الواضحة لمستقبل تفاوضيّ، سيكون من الصعب، بالطبع، وضع خطط لترتيبات دستورية محتملة. ولكن جميع الحروب تنتهي، كما تستلزم جميعها صيغةً ما من ترتيبات ناظمة لطرح الانتقال والمشاركة بالسلطة".

وبحسب الأوراق المرفقة مع الدعوة التي أرسلها مركز كارتر، فإن هذه اللقاءات بدأت إثر لقاء جنيف ـ 1 وهي تستند إليه كمرجعية نقاش، وهي تضم معارضين وموالين وقانونيين واختصاصيين. أما التقرير عن الخيارات الانتقالية السياسية لسورية، الذي يرد ذكره مراراً في نص الدعوة، فترتكز المقترحات فيه على مفهوم مفاده بأن المرحلة الانتقالية في سورية لا ولن تتمكن من طرح جميع المسائل طويلة الأمد بشأن طبيعة الحكم السوري المستقبلي والمجتمع السوري. وستلعب الصياغة والمصادقة على دستور سوري دائم جديد وسن التشريعات ضمن ذلك الإطار الدستوري الجديد، والعدالة الانتقالية ومشاريع إعادة الإعمار، دوراً في تشكيل الأسئلة الجوهرية بما يخص الهوية السورية.

يتناول التقرير الخيارات الدستورية المتاحة من دستور 2012 إلى دستور 1950، إلى العمل على صياغة دستور جديد. ويدخل في تفاصيل كلّ خيار من هذه الخيارات، إضافةً إلى شرح آليات جنيف ـ 1. فالتقرير وورشات العمل تستند إلى بيان جنيف ـ 1 الذي يطرح 3 خطوات لانتقال السلطة، وهي: هيئة حكم انتقالي ذات سلطة تنفيذية كاملة، وعملية حوار وطني، ومراجعة دستورية وتشريعية خاضعتان لموافقة شعبية. وثالثاً، بعد تكريس النظام الدستوري الجديد، يتم إجراء انتخابات تعددية حرة وعادلة من أجل المؤسسات والمناصب الجديدة التي سيتم إنشاؤها.

لا يُمكن لعاقل إلا أن يُدرك أن كل الصراعات التي تأخذ طابع القتال الأهلي، لا بدّ أن تنتهي بتسوية سياسيّة، وفي هذه التسوية يُقدّم الجميع تنازلات. كما أن المؤسسات غير الحكومية، كمركز كارتر لحلّ النزاعات، تسعى دوماً للقيام بتدريبات على الحوار ونتائجه المحتملة. ومن يقرأ تقرير المركز كاملاً، يكتشف هذا الأمر. أمّا السرية، فتعود إلى قاعدة "تشاثام هاوس"، والتي تنص على أن للمشاركين الحرية في استخدام المعلومات الواردة خلال ورشة العمل، ولكن لن يتم الكشف عن هوّية أو توجّهات المتحدثين، أو تلك الخاصة بالمشاركين الآخرين.

المساهمون