وثائق ميتروخين [3/5]...علاقات متوترة بين الشيوعي اللبناني والسوفييتي وسيطرة على صحيفتين
تتناول وثائق ميتروخين التي تخص لبنان، عملية تهريب أموال من دمشق إلى بيروت، فيما تتحدث الوثائق التي ينقل "العربي الجديد" ما جاء فيها دون تبنيها، اتهامات سوفيتية بتجنيد المخابرات البريطانية لأحد قياديي الحزب الشيوعي، وتمويل صحيفتين لبنانيتين من أجل ترويج المواقف السياسية السوفييتية، وهو ما رد عليه قياديا الحزب كريم مروة ونديم عبد الصمد اللذان اتهما السفير السوفييتي في بيروت بالافتراء والخصومة بسبب ثورة التجديد التي شهدها الحزب.
وأتاح زرع معدات خاصة في السفارة البريطانية لدى لبنان، حصول المخابرات السوفييتية على معلومات تفيد بصلة عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني، فاروق معصراني، بالمخابرات البريطانية التي كان يسلمها في عامي 1966 و1967 معلومات حول العلاقات بين قيادة اللجنة المركزية والسفير السوفييتي السابق ديدوشكين وفق ما جاء في وثائق ميتروخين المحفوظة اليوم في أرشيف تشرشل بجامعة كامبريدج، والتي اطلعت عليها "العربي الجديد".
وتفيد الوثائق التي هرّبها إلى لندن في عام 1992 الكولونيل فاسيلي ميتروخين، أمين المحفوظات السابق لجهاز المخابرات السوفييتية "كي جي بي"، أن الاستخبارات حصلت في عام 1971، على معلومات حول حصول معصراني على مبالغ مالية من السفارة الأميركية في بيروت مقابل تغطية أنشطة الحزب، وقرر جهاز المخابرات السوفييتي، إبلاغ أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني، نقولا الشاوي، بأن معصراني عميل بريطاني مقابل أجر، بينما أكد نقولا الشاوي أنه قد تلقى في عام 1949 معلومات حول لقاء سري بين معصراني والقنصل البريطاني في طرابلس، كما أنه توجه إلى لندن ثلاث مرات منذ عام 1968 لإجراء عملية "المياه البيضاء".
وتوضح وثيقة أخرى أن عدد موظفي الاستخبارات السوفييتية "كي جي بي" المقيمين في بيروت في عام 1978 كان يبلغ 34 فردا، وكانوا يحصلون على "معلومات مختلفة" من قيادات الحزب الشيوعي، بمن فيهم جورج حاوي ونديم عبدالصمد وكريم مروّة وخليل الدبس ونضال خوري وغيرهم، وهو ما يرد عليه كريم مروّة (أبو أحمد) أحد شهود العيان على تلك المرحلة والقيادي السابق في الحزب الشيوعي اللبناني، ورفيقه نديم عبدالصمد (أبو بشار)، في رسالة أرسلها الأول إلى العربي الجديد، قائلا "لا علاقة لحزبنا لا من قريب ولا من بعيد بالمخابرات السوفييتية، لا نقولا شاوي ولا جورج حاوي ولا نديم عبد الصمد ولا خليل الدبس ولا أنا ولا أيّ من أعضاء قيادة الحزب منذ أن أصبحت أنا وأبناء جيلي أعضاء في القيادة في أواسط ستينيات القرن الماضي، إلا أننا بالمقابل كنا نناقش رفاقنا السوفييت عندما نلتقي بهم في موسكو وفي مؤتمرات الأحزاب الشيوعية ومع أركان السفارة في بيروت القضايا السياسية ما يتصل منها ببلدنا والمنطقة والعالم. فنتفق ونختلف".
اقــرأ أيضاً
السفير ديدوشكين
يرفض القيادي مروّة اتهام الرفيق فاروق معصراني بالارتباط بالمخابرات البريطانية من قبل السوفييت عبر السفير ديدوشكين، قائلا "السفير السوفييتي ديدوشكين كان خصماً لنا في ثورة التجديد التي انطلقت في ربيع عام 1966 وانتهت بانتصارها في صيف عام 1967، وكان يستخدم أبشع الوسائل لمحاربتنا. الأمر عار عن الصحة، لا سيما عند ربط ذلك الاتهام بذلك التاريخ (1966 -1967). ورفضنا تلك التهمة مع رفيقنا الأمين العام للحزب نقولا شاوي. وكان الرفيق فاروق، الذي أصبح عضواً في اللجنة المركزية في أواخر عام 1964، مع مجموعة من الشباب يقوم بدور مباشر مع الرفيق نقولا شاوي بعد انفصال الحزب الشيوعي اللبناني عن السوري، إذ كان من أبطال ثورة التجديد التي قام جوهرها على إحداث تجديد في فكر الحزب وفي سياساته كحزب لبناني، وإعادة صياغة العلاقة مع الاتحاد السوفييتي على قاعدة الاستقلالية في الشأن الوطني اللبناني عن الحزب السوفييتي والبقاء في العلاقة معه بصفته قائد الحركة الشيوعية باسم الأممية في ما يتصل بالوضع على الصعيد العالمي والنضال ضد الإمبريالية".
وأضاف مروة "أشير إلى هذا السفير ووقاحته في معارضة ثورتنا، وهنا أود أن أشير كذلك إلى ما كان سائداً في علاقة الحزب الشيوعي السوفييتي مع الأحزاب الشيوعية من وصاية عليها وفرض الولاء له ومعاقبة المعترضين، بما في ذلك توجيه الاتهامات لهم بالخيانة وبالارتباط بالمخابرات المعادية. وهي السياسة التي شوّهت فكرة الاشتراكية وقادت التجربة إلى الانهيار".
وأطلعت رفيقي نديم عبد الصمد على محتوى رسالتي هذه فوافق عليها، يضيف السياسي اللبناني، موضحا أن عبدالصمد زاد على ما سبق أن "العلاقة بالحزب السوفييتي أصبحت بعد المؤتمر الثاني (انعقد المؤتمر الثاني للحزب في صيف عام 1968 الذي أقرّت فيه الوثائق التي عبّرت عن جوهر التجديد في الحزب) تقوم على الأسس الجديدة التي حددها المؤتمر".
وعاد مروة قائلا "كان نديم مع جورج البطل قد كُلّفا قبل انعقاد المؤتمر بالذهاب إلى موسكو لإطلاع قيادة الحزب السوفييتي على وثائق المؤتمر بتفاصيلها. وعادا حاملين ما اعتبر موافقة من القيادة السوفييتية على حقنا في اختيار خطنا السياسي كحزب شيوعي لبناني مستقل. وساعدونا في تدقيق بعض القضايا متجنبين الدخول في القضايا الخلافية".
وأضاف أن العلاقة كانت قد توترت بين حزبنا والحزب السوفييتي في أعقاب دخول القوات السورية إلى لبنان في عام 1976 ومشاركتنا مع الحزب الاشتراكي بقيادة كمال جنبلاط في مقاومة ذلك الدخول. وفي مطلع 1977 ذهب نديم مع الرفيق نقولا شاوي إلى موسكو واستُقبلا في مقر اللجنة المركزية للحزب، وجرى نقاش حول الوضع في لبنان وفي المنطقة، بما في ذلك موضوع دخول القوات السورية إلى لبنان ومقاومة حزبنا له. وفي نهاية اللقاء قدّم السوفييت مشروع بيان مشترك لم يوافق عليه الوفد، لأنه خلا من الحديث عن دخول القوات السورية إلى لبنان وموقفنا منه. وانتهى اللقاء من دون الاتفاق على نص البيان كما عرضه السوفييت. وقبل أن يغادر الوفد موسكو اتصل الرفاق السوفييت به، كما يقول نديم، معلنين موافقتهم على البيان مع الإشارة إلى دخول القوات السورية وموقفنا منه.
التمويل والعلاقات الإعلامية
ذكرت وثائق ميتروخين التي تخص لبنان، عن عملية تهريب مبلغ 50 ألف دولار أميركي بواسطة سيارة ذات لوحات دبلوماسية من دمشق إلى بيروت في 20 يوليو/تموز 1976 لدعم الحزب الشيوعي اللبناني. وتورد الوثيقة أن مقر "كي جي بي" في بيروت كان على تواصل دائم مع قيادات الحزب الشيوعي أمثال جورج حاوي ونقولا الشاوي.
وتشير إحدى وثائق ميتروخين إلى أن "كي جي بي" كان يسيطر منذ عام 1958 على الصحيفتين اليوميتين اللبنانيتين "الدنيا الجديدة" (3 آلاف نسخة) و"الشعب" (5 - 6 آلاف نسخة) من خلال تمويلهما بمبلغ 500 ألف روبل (حوالي 833 ألف دولار) في أعوام 1974 - 1976، قبل أن يتم تخصيص مبلغ مماثل في عام 1978.
وتضيف الوثيقة أن "كي جي بي": "كان يستخدم هاتين الصحيفتين للمساهمة في خط السياسة الخارجية السوفييتية، وفضح تسلل الاستعماريين إلى البلاد وردّ الفعل العربي، بما يسهم في توحيد القوى التقدمية والحركة القومية التحررية في الشرق الأوسط".
وذكرت الوثيقة أن "الصحيفتين كانتا تُستخدمان بفاعلية، خاصة أثناء الأزمات مثل الحرب المصرية الإسرائيلية في عام 1973 وأحداث لبنان في عامي 1975 و1976، لتوضيح وجهة نظر السياسة الخارجية السوفييتية".
وبحسب قسم "أ" بالاستخبارات السوفييتية، جرى نشر مقالات في الصحيفتين حول قضايا الشرق الأوسط وحوارات مع شخصيات سياسية وزعماء التيارات الديمقراطية، بما يصب في مصلحة "كي جي بي".
ولفتت الوثيقة إلى أن ناشري الصحيفتين "يأخذون التوجه العام لتكليفات المخابرات السوفييتية بعين الاعتبار" وأنه تم نشر بعض المواد بـ"تكليف مباشر من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي" وحتى الصحف السوفييتية الكبرى مثل "برافدا" و"إزفستيا" نشرت بعض المواد نقلا عن الصحيفتين اللبنانيتين.
ويرد كريم مروة قائلا "الكلام الوارد حول تهريب خمسين ألف دولار من سورية إلى الحزب الشيوعي لا علاقة له بالحزب على الإطلاق. لكن ما هو معروف وما أشرت إليه في كثير من كتاباتي وكتبي أننا كنا في الحزب الشيوعي اللبناني، أسوة بجميع الأحزاب الشيوعية في العالم، نتلقى مساعدات مالية من الحزب الشيوعي السوفييتي. وهي كانت مساعدات أممية اعتبرت من قبل الحزب الشيوعي السوفييتي واجباً أممياً، واعتبرت من الأحزاب الشيوعية، ومنها حزبنا، حقاً أممياً لها".
وكنت مع الرفيق نديم نتلقى هذه المساعدات من أحد المسؤولين في السفارة السوفييتية مرفقة بتوقيعنا بأننا استلمناها. وكان قد سبقنا في تلك المهمة الرفيق آرتين مادايان. تضاف إلى تلك المساعدة المالية مساعدات عينية تمثلت بالورق لصحافة الحزب، تضاف إليها منح جامعية ومنح طبابة ومنح استجمام لقادة الحزب وكوادره.
والكلام عن جريدتيّ "الدنيا الجديدة" و"الشعب" كما لو أنهما صحيفتان تابعتان للحزب هو كلام لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالحقيقة كما أكمل مروة، متابعا "صحيفة الدنيا الجديدة كان يملكها سليمان أبو زيد، وصحيفة الشعب كان يملكها محمد أمين دوغان، وهما شخصيتان إعلاميتان وطنيتان ولا تربطهما بالحزب الشيوعي إلا رابطة الصداقة القائمة على الوطنية اللبنانية.
وأتاح زرع معدات خاصة في السفارة البريطانية لدى لبنان، حصول المخابرات السوفييتية على معلومات تفيد بصلة عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني، فاروق معصراني، بالمخابرات البريطانية التي كان يسلمها في عامي 1966 و1967 معلومات حول العلاقات بين قيادة اللجنة المركزية والسفير السوفييتي السابق ديدوشكين وفق ما جاء في وثائق ميتروخين المحفوظة اليوم في أرشيف تشرشل بجامعة كامبريدج، والتي اطلعت عليها "العربي الجديد".
وتفيد الوثائق التي هرّبها إلى لندن في عام 1992 الكولونيل فاسيلي ميتروخين، أمين المحفوظات السابق لجهاز المخابرات السوفييتية "كي جي بي"، أن الاستخبارات حصلت في عام 1971، على معلومات حول حصول معصراني على مبالغ مالية من السفارة الأميركية في بيروت مقابل تغطية أنشطة الحزب، وقرر جهاز المخابرات السوفييتي، إبلاغ أمين عام الحزب الشيوعي اللبناني، نقولا الشاوي، بأن معصراني عميل بريطاني مقابل أجر، بينما أكد نقولا الشاوي أنه قد تلقى في عام 1949 معلومات حول لقاء سري بين معصراني والقنصل البريطاني في طرابلس، كما أنه توجه إلى لندن ثلاث مرات منذ عام 1968 لإجراء عملية "المياه البيضاء".
وتوضح وثيقة أخرى أن عدد موظفي الاستخبارات السوفييتية "كي جي بي" المقيمين في بيروت في عام 1978 كان يبلغ 34 فردا، وكانوا يحصلون على "معلومات مختلفة" من قيادات الحزب الشيوعي، بمن فيهم جورج حاوي ونديم عبدالصمد وكريم مروّة وخليل الدبس ونضال خوري وغيرهم، وهو ما يرد عليه كريم مروّة (أبو أحمد) أحد شهود العيان على تلك المرحلة والقيادي السابق في الحزب الشيوعي اللبناني، ورفيقه نديم عبدالصمد (أبو بشار)، في رسالة أرسلها الأول إلى العربي الجديد، قائلا "لا علاقة لحزبنا لا من قريب ولا من بعيد بالمخابرات السوفييتية، لا نقولا شاوي ولا جورج حاوي ولا نديم عبد الصمد ولا خليل الدبس ولا أنا ولا أيّ من أعضاء قيادة الحزب منذ أن أصبحت أنا وأبناء جيلي أعضاء في القيادة في أواسط ستينيات القرن الماضي، إلا أننا بالمقابل كنا نناقش رفاقنا السوفييت عندما نلتقي بهم في موسكو وفي مؤتمرات الأحزاب الشيوعية ومع أركان السفارة في بيروت القضايا السياسية ما يتصل منها ببلدنا والمنطقة والعالم. فنتفق ونختلف".
السفير ديدوشكين
يرفض القيادي مروّة اتهام الرفيق فاروق معصراني بالارتباط بالمخابرات البريطانية من قبل السوفييت عبر السفير ديدوشكين، قائلا "السفير السوفييتي ديدوشكين كان خصماً لنا في ثورة التجديد التي انطلقت في ربيع عام 1966 وانتهت بانتصارها في صيف عام 1967، وكان يستخدم أبشع الوسائل لمحاربتنا. الأمر عار عن الصحة، لا سيما عند ربط ذلك الاتهام بذلك التاريخ (1966 -1967). ورفضنا تلك التهمة مع رفيقنا الأمين العام للحزب نقولا شاوي. وكان الرفيق فاروق، الذي أصبح عضواً في اللجنة المركزية في أواخر عام 1964، مع مجموعة من الشباب يقوم بدور مباشر مع الرفيق نقولا شاوي بعد انفصال الحزب الشيوعي اللبناني عن السوري، إذ كان من أبطال ثورة التجديد التي قام جوهرها على إحداث تجديد في فكر الحزب وفي سياساته كحزب لبناني، وإعادة صياغة العلاقة مع الاتحاد السوفييتي على قاعدة الاستقلالية في الشأن الوطني اللبناني عن الحزب السوفييتي والبقاء في العلاقة معه بصفته قائد الحركة الشيوعية باسم الأممية في ما يتصل بالوضع على الصعيد العالمي والنضال ضد الإمبريالية".
وأضاف مروة "أشير إلى هذا السفير ووقاحته في معارضة ثورتنا، وهنا أود أن أشير كذلك إلى ما كان سائداً في علاقة الحزب الشيوعي السوفييتي مع الأحزاب الشيوعية من وصاية عليها وفرض الولاء له ومعاقبة المعترضين، بما في ذلك توجيه الاتهامات لهم بالخيانة وبالارتباط بالمخابرات المعادية. وهي السياسة التي شوّهت فكرة الاشتراكية وقادت التجربة إلى الانهيار".
وأطلعت رفيقي نديم عبد الصمد على محتوى رسالتي هذه فوافق عليها، يضيف السياسي اللبناني، موضحا أن عبدالصمد زاد على ما سبق أن "العلاقة بالحزب السوفييتي أصبحت بعد المؤتمر الثاني (انعقد المؤتمر الثاني للحزب في صيف عام 1968 الذي أقرّت فيه الوثائق التي عبّرت عن جوهر التجديد في الحزب) تقوم على الأسس الجديدة التي حددها المؤتمر".
وعاد مروة قائلا "كان نديم مع جورج البطل قد كُلّفا قبل انعقاد المؤتمر بالذهاب إلى موسكو لإطلاع قيادة الحزب السوفييتي على وثائق المؤتمر بتفاصيلها. وعادا حاملين ما اعتبر موافقة من القيادة السوفييتية على حقنا في اختيار خطنا السياسي كحزب شيوعي لبناني مستقل. وساعدونا في تدقيق بعض القضايا متجنبين الدخول في القضايا الخلافية".
وأضاف أن العلاقة كانت قد توترت بين حزبنا والحزب السوفييتي في أعقاب دخول القوات السورية إلى لبنان في عام 1976 ومشاركتنا مع الحزب الاشتراكي بقيادة كمال جنبلاط في مقاومة ذلك الدخول. وفي مطلع 1977 ذهب نديم مع الرفيق نقولا شاوي إلى موسكو واستُقبلا في مقر اللجنة المركزية للحزب، وجرى نقاش حول الوضع في لبنان وفي المنطقة، بما في ذلك موضوع دخول القوات السورية إلى لبنان ومقاومة حزبنا له. وفي نهاية اللقاء قدّم السوفييت مشروع بيان مشترك لم يوافق عليه الوفد، لأنه خلا من الحديث عن دخول القوات السورية إلى لبنان وموقفنا منه. وانتهى اللقاء من دون الاتفاق على نص البيان كما عرضه السوفييت. وقبل أن يغادر الوفد موسكو اتصل الرفاق السوفييت به، كما يقول نديم، معلنين موافقتهم على البيان مع الإشارة إلى دخول القوات السورية وموقفنا منه.
التمويل والعلاقات الإعلامية
ذكرت وثائق ميتروخين التي تخص لبنان، عن عملية تهريب مبلغ 50 ألف دولار أميركي بواسطة سيارة ذات لوحات دبلوماسية من دمشق إلى بيروت في 20 يوليو/تموز 1976 لدعم الحزب الشيوعي اللبناني. وتورد الوثيقة أن مقر "كي جي بي" في بيروت كان على تواصل دائم مع قيادات الحزب الشيوعي أمثال جورج حاوي ونقولا الشاوي.
وتشير إحدى وثائق ميتروخين إلى أن "كي جي بي" كان يسيطر منذ عام 1958 على الصحيفتين اليوميتين اللبنانيتين "الدنيا الجديدة" (3 آلاف نسخة) و"الشعب" (5 - 6 آلاف نسخة) من خلال تمويلهما بمبلغ 500 ألف روبل (حوالي 833 ألف دولار) في أعوام 1974 - 1976، قبل أن يتم تخصيص مبلغ مماثل في عام 1978.
وتضيف الوثيقة أن "كي جي بي": "كان يستخدم هاتين الصحيفتين للمساهمة في خط السياسة الخارجية السوفييتية، وفضح تسلل الاستعماريين إلى البلاد وردّ الفعل العربي، بما يسهم في توحيد القوى التقدمية والحركة القومية التحررية في الشرق الأوسط".
وذكرت الوثيقة أن "الصحيفتين كانتا تُستخدمان بفاعلية، خاصة أثناء الأزمات مثل الحرب المصرية الإسرائيلية في عام 1973 وأحداث لبنان في عامي 1975 و1976، لتوضيح وجهة نظر السياسة الخارجية السوفييتية".
وبحسب قسم "أ" بالاستخبارات السوفييتية، جرى نشر مقالات في الصحيفتين حول قضايا الشرق الأوسط وحوارات مع شخصيات سياسية وزعماء التيارات الديمقراطية، بما يصب في مصلحة "كي جي بي".
ولفتت الوثيقة إلى أن ناشري الصحيفتين "يأخذون التوجه العام لتكليفات المخابرات السوفييتية بعين الاعتبار" وأنه تم نشر بعض المواد بـ"تكليف مباشر من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي" وحتى الصحف السوفييتية الكبرى مثل "برافدا" و"إزفستيا" نشرت بعض المواد نقلا عن الصحيفتين اللبنانيتين.
ويرد كريم مروة قائلا "الكلام الوارد حول تهريب خمسين ألف دولار من سورية إلى الحزب الشيوعي لا علاقة له بالحزب على الإطلاق. لكن ما هو معروف وما أشرت إليه في كثير من كتاباتي وكتبي أننا كنا في الحزب الشيوعي اللبناني، أسوة بجميع الأحزاب الشيوعية في العالم، نتلقى مساعدات مالية من الحزب الشيوعي السوفييتي. وهي كانت مساعدات أممية اعتبرت من قبل الحزب الشيوعي السوفييتي واجباً أممياً، واعتبرت من الأحزاب الشيوعية، ومنها حزبنا، حقاً أممياً لها".
وكنت مع الرفيق نديم نتلقى هذه المساعدات من أحد المسؤولين في السفارة السوفييتية مرفقة بتوقيعنا بأننا استلمناها. وكان قد سبقنا في تلك المهمة الرفيق آرتين مادايان. تضاف إلى تلك المساعدة المالية مساعدات عينية تمثلت بالورق لصحافة الحزب، تضاف إليها منح جامعية ومنح طبابة ومنح استجمام لقادة الحزب وكوادره.
والكلام عن جريدتيّ "الدنيا الجديدة" و"الشعب" كما لو أنهما صحيفتان تابعتان للحزب هو كلام لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بالحقيقة كما أكمل مروة، متابعا "صحيفة الدنيا الجديدة كان يملكها سليمان أبو زيد، وصحيفة الشعب كان يملكها محمد أمين دوغان، وهما شخصيتان إعلاميتان وطنيتان ولا تربطهما بالحزب الشيوعي إلا رابطة الصداقة القائمة على الوطنية اللبنانية.