واشنطن تحقق باستعراض القصير... والجيش اللبناني يتبرأ من الدبابات

15 نوفمبر 2016
الاستعراض ألقى بكثير من الشكوك حول التوافق السياسي اللبناني(Getty)
+ الخط -
استبق العرض العسكري الكبير الذي أجراه "حزب الله" في مدينة القصير التابعة لمحافظة حمص السورية البيان الوزاري المُرتقب لأولى حكومات العهد الرئاسي الجديد في لبنان.

وبعد أن حسم نواب الحزب، بحسب تصريحاتهم، ذكر عبارة "الجيش والشعب والمقاومة" في البيان الوزاري لثاني حكومات الرئيس سعد الحريري، أتى الاستعراض الواسع، والذي شارك فيه مئات المقاتلين وعشرات الآليات المدرعة الأميركية والروسية، كتطبيق فعلي لفهم الحزب لهذه العبارة.

والتي أتت كترجمة لتوافق القوى السياسية في لبنان على منح سلاح "حزب الله" غطاء رسمياً  لمقاومة العدو الإسرائيلي في جنوب لبنان. قبل أن تُوسع القيادة السياسية والعسكرية في الحزب من مفهوم "المقاومة" ليشمل استخدام السلاح الذي يمتلكه لتغيير المعادلات السياسية في الداخل اللبناني، وفي القتال ضمن محور إيران في سورية والعراق وتدريب المقاتلين الحوثيين في اليمن. أتى هذا الاستعراض بعد أقل من شهر على خطاب القسم الذي ألقاه رئيس الجمهورية المُنتخب ميشال عون، والذي دعا فيه إلى "تحييد لبنان عن النيران المشتعلة حوله في المنطقة، ومنع انتقال أي شرارة إليه".

كذلك تضمّن خطاب القسم لعون، وهو الحليف المسيحي الأول لحزب الله في لبنان، التشديد على "ضرورة ابتعاد البلاد عن الصراعات الخارجية، والتزام ميثاق جامعة الدول العربية، مع اعتماد سياسة خارجية مستقلة تقوم على مصلحة لبنان العليا واحترام القانون الدولي".

وفي ظل انشغال الساحة السياسية في لبنان بتقاسم المقاعد الوزارية وبحرب التصريحات بين أنصار عدد من الأفرقاء السياسيين، كادت المواقف المحلية من الاستعراض العسكري أن تنعدم لولا التصريح اليتيم الذي أطلقه وزير العدل المستقيل في حكومة تصريف الأعمال، أشرف ريفي. والذي اتهم الحزب بمحاولة "تسويق نفسه كشريك دولي في محاربة الإرهاب في سورية، بينما أثبتت التجارب أنه هو الإرهابي".

ودعا ريفي في موقفه الذي أطلقه عبر مواقع التواصل الاجتماعي اللبنانيين "للتضامن ومنع إيران من تنفيذ مشروعها الإقليمي عبر لبنان". كذلك توقّعت مصادر سياسية محلية أن تُطلق "كتلة المستقبل النيابية" التي اجتمعت مساء الثلاثاء موقفاً مُتأخراً من هذا الاستعراض. 

وتؤشر قلة المواقف إلى نجاح الحزب في فرض إيقاعه العسكري الإقليمي على الدولة اللبنانية، وعلى حساب التسوية السياسية المحلية التي أنهت الشغور الرئاسي وأعادت الحريري إلى رأس السلطة التنفيذية في البلاد.

علماً أن هذه التسوية المحلية أتت برعاية روسية فرنسية سعودية إيرانية، ترجمتها زيارات الحريري إلى موسكو وباريس والرياض، ثم زيارة وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان، ووزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، إلى بيروت، وهو ما يطرح مُجدداً أسئلة عن هوية من يرسم فعلياً سياسة لبنان الخارجية والعلاقة المتعارضة بين الحزب المتورط في معارك إقليمية وبين الدولة اللبنانية التي تدعو لعزل البلد عن المعارك الإقليمية. 


 

الخارجية الأميركية تُحقق



وإلى جانب رمزية مكان إجراء الاستعراض في القصير التي انطلق منها الحزب في معاركه داخل الأراضي السورية، سجّل مراقبون تساؤلات عن مصدر المدرعات الأميركية القديمة نسبياً، والتي قادها مقاتلو "حزب الله" في القصير، ورفعوا عليها شاراتهم الصفراء.

وبينما خفتت الأصوات المحلية في لبنان، أعلنت الناطقة باسم الخارجية الأميركية اليزابيث ترودو، عن "إطلاق تحقيق في قضية ظهور آليات عسكرية أميركية بحوزة حزب الله".

وقالت تورودو في مؤتمر صحافي الثلاثاء إن "إن الإدارة الأميركية تعتبر الحزب منظمة إرهابية أجنبية وتحتاج لمعرفة المزيد من المعلومات، إلا أنها بالطبع ستشعر بالقلق الشديد في حال انتهت تلك المعدات أميركية الصنع بين يدي مقاتليه". 

وسرعان ما أصدر الجيش اللبناني بياناً مُقتضباً نفى فيه أن تكون "الآليات العسكرية التي انتشرت صورها عبر وسائل الإعلام عائدة للجيش أو خرجت من مخازنه". واللافت في هذا البيان المقتضب أنه أتى بعيد الإعلان عن التحقيق الأميركي ومن دون إشارة مباشرة إلى استعراض القصير. 

يُذكر أن الجيش اللبناني يمتلك مئات مدرعات M113 التي حصل عليها كهبة من الجيش الأميركي خلال العقود الأربعة الماضية. ويُركز الجيش الأميركي حالياً على دعم "الأفواج البرية" الجديدة التي تم استحداثها في الجيش اللبناني لضبط الحدود الشرقية مع سورية. وتتلقى هذه الأفواج دعماً نوعياً من الجيش البريطاني إلى جانب الدعم الأميركي الذي بات يشمل المدفعية الثقيلة والمروحيات وطائرات التدريب المُعدلة لحمل صواريخ جو - أرض.

وهي معدات يستخدمها الجيش في مواقعه داخل الحدود اللبنانية، والتي يتمركز مقاتلو "حزب الله" بعدها داخل الأراضي السورية. ومع التزام الحزب الصمت بشأن الرسالة خلف استعراضه ومصدر المدرعات الأميركية التي يملكها، روّج صحافيون قريبون من جو الحزب أن في الأمر "رسالة إلى إسرائيل".