هُدى وعرفات.. الحبّ في زمن الحوثيين

07 نوفمبر 2014
استحالة الحبّ في زمن الحرب (Getty)
+ الخط -
منذ عام تقريباً لم يجد شاب يمني وفتاة سعودية حلاً لمشكلتهما، المتمثّلة في طلب الزواج من بعضهما بعضاً، بعد رحلة مغامرة قاما بها عبر حدود المملكة العربية السعودية وصولاً إلى اليمن.

لكن ما لم يكن متوقّعاً هو أن يُكتب آخر فصول قصّة حبّ "هدى" و"عرفات" على أيدي مسلّحي جماعة الحوثي، بعدما عاشا أشهراً من الفراق، وفق حكم قضائي صادر من إحدى محاكم صنعاء.

فمساء الخميس الماضي، داهم نحو 15 مسلّحاً حوثياً دار "الأمل لرعاية الأحداث"، في العاصمة اليمنية صنعاء، واقتادوا فتاة سعودية، كانت ضمن فتيات أودعتهنّ المحاكم في دار الرعاية، إلى جهة مجهولة.

عرّف المسلّحون عن أنفسهم لدى حراسة المبنى بأنّهم من "اللجان الشعبية" (مسلّحون قبليون يتبعون جماعة الحوثي) وأنّ مهمتهم إخراج السجينة السعودية، "هدى آل نيران". وبحسب شهود عيان، فإنّ حراسة الدار حاولت منع المسلّحين ومقاومتهم، لكنّها فشلت، فيما اختطف المسلحون "هدى" تحت تهديد السلاح، وغابوا عن الأنظار.

وتحدّثت مصادر إعلامية، أمس، عن وصول "هدى" و"عرفات" إلى مدينة عمران، شمال البلاد، برفقة عناصر من جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، حيث قامت قيادات من الجماعة بإحضار مأذون شرعي، وتمّت مراسيم عقد قرانهما، لتُطوى بذلك آخر فصول قصّة حبّهما.

ترجع قصة "هدى آل نيران"، أو ما عُرفت في الإعلام السعودي بـ""فتاة بحر أبو سكينة"، نسبة إلى منطقة سكنها جنوب المملكة العربية السعودية، إلى أكتوبر/تشرين الأوّل من العام الماضي، حين أقدم شاب يمني، مُقيم في السعودية، يُدعى "عرفات القاضي" على اصطحاب "هدى" وتهريبها إلى الأراضي اليمنية، بعد وقوعهما في قصّة غرام، ورغبتهما في الزواج، خصوصا بعد رفض أهل "هدى" تزويجها من "عرفات"، مما اضطرّها إلى الهروب معه.

حينذاك، شغلت هذه القضية الرأي العام اليمني والسعودي على حدٍ سواء، بين مؤيّد لحقّهما في الزواج، ومعارض له، على اعتبار أنّ هذه القضية تمسّ العادات والتقاليد، وأنّ الاختطاف غير مشروع، حتّى لو كان مبرّره الحبّ والزواج.

وكانت محكمة شرق أمانة العاصمة صنعاء قد قرّرت، في 27 أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، تبرئة عرفات من التهم المنسوبة إليه وإطلاق سراحه، بينما مُنحت هدى حقّ طلب اللجوء الإنساني إلى مفوضية اللاجئين، واحتُجِزَت في دار الأمل، وطلبت محكمة أخرى إذناً شرعياً من وليها في السعودية لتزويجها، وهو أمر غير ممكن حالياً. 

وسواء صحّت رواية تزويجهما على يد مأذون شرعي تابع لجماعة الحوثي، أم لا، فإنّ مجرد خروج "هدى" من دار الرعاية بمثابة آخر فصول القصّة.

وكان المسلحون الحوثيون قد سيطروا، في الثامن من يوليو/تموز الماضي، على مدينة عمران شمال العاصمة، صنعاء، بعد أشهر من محاصرتها، ودارت معارك بين الحوثيين واللواء 310 أدّت إلى سقوط اللواء ومقتل قائده، العقيد حميد القشيبي.

ومنذ ذلك التاريخ بدأ الحوثيون يمارسون دور الدولة، بما في ذلك الفصل في قضايا التقاضي وأحكام الإعدام. ففي مطلع أغسطس/آب الماضي أقدمت جماعة الحوثي على إعدام المواطن، فؤاد صالح قاسم، رمياً بالرصاص. وهذه، بحسب منظمة حقوقية يمنية، "جناية جسيمة، وانتهاك صارخ للدستور والقانون والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان".

وفي حادثة أخرى، منع مسلّحون حوثيون الغناء في الأعراس، وأغلقوا محال تجارية لبيع أشرطة وأسطوانات الأغاني، وداهموا إحدى القاعات، وأوقفوا الغناء، في إحدى حفلات الزفاف.

ومنذُ أن أحكم الحوثيون قبضتهم على صنعاء، في 21 سبتمبر/ايلول الماضي، بدأوا بالسيطرة على مقار حكومية مدنية وعسكرية، واحتلوها، وتدخلوا في شؤونها المالية والإدارية، كالعودة إليهم في مسائل التوظيف، وصرف رواتب ومستحقّات مالية، وهو أمر تكرّر في أكثر من مؤسّسة خاصّة، بينها جامعات.

المساهمون