هيومن رايتس ووتش.. مصر تحت خط القمع

18 يونيو 2017
(في القاهرة، تصوير: حسان محمد/ فرانس برس)
+ الخط -
اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن اعتقال السلطات المصرية نحو 50 ناشطًا سياسيًا خلال الأسابيع الماضية أثناء احتجاجات سلمية، والذي تجاوز اليوم أكثر من سبعين معتقلًا، خلال الحملات الأمنية المكثفة خلال اليومين الماضيين، وحجب 62 موقعًا على الإنترنت، والذي ارتفع هو الآخر إلى نحو 73 موقعًا تابعاً لعدد من الصحف ووسائل إعلام مصرية وعربية ودولية، فضلًا عن ملاحقات جنائية ضدّ خالد علي المرشح الرئاسي السابق، تزيد من وطأة التضييق الأمني وقمع الحريّات والتعبير في مصر.

ويكشف التقرير عن كون الاتهامات المنسوبة للنشطاء "بُنيت على انتقاداتهم السلمية للحكومة، وبعض مواد القانون المحلّي، مثل تهمة إهانة الرئيس"، والتي تنتهك، من حيث التعريف، الحق في حريّة التعبير بحسب التقرير.

فيما يوجد نحو ثمانية أشخاص قد يُحكم عليهم بالسجن خمس سنوات، بموجب قانون مكافحة الإرهاب المصري لعام 2015 جراء تعليقات نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش في التقرير: "تتحجّج السلطات المصرية بمكافحة الإرهاب لسحق المعارضة السلمية. لكن لن تحرز الحكومة تقدّما ضد المتطرّفين بتكميم أفواه المعارضين السلميين".

واطلعت هيومن رايتس ووتش على ملف النيابة الخاص بأندرو ناصف، المتهم بـ "الترويج لارتكاب جرائم إرهابية"، وقد ورد في الملف أن النيابة صادرت مطبوعات ومنشورات معارضة للحكومة من بيته، عليها شعارات مثل "25 يناير من جديد"، إشارة إلى انتفاضة 25 يناير و"أفرجوا عن مصر".

ومن بين التعليقات المنسوبة له باعتبارها اتهامات وتحريضاً ضد االدولة، تعليقات على فيسبوك تشمل: "إمتى هنسقط السجون والدكتاتورية العسكرية تاني" و"اطلب الحرية واتكلم عن كل إنسان مظلوم في البلد وإن كنت تعرفه أو متعرفوش (...) لأن هيجي يوم عليك".

وفي 24 مايو/ أيار الماضي، فرضت السلطات المصرية حجبًا منسّقًا على 21 موقعًا، بزعم "دعم الإرهاب ونشر الأكاذيب"، وهو الأمر الذي حدث بعد ساعات وبالتزامن مع حجب السعودية والإمارات، مواقع الجزيرة ومواقع قطرية أخرى، بدعوى الرد على تصريحات منسوبة لأمير قطر نشرتها "وكالة الأنباء القطرية" وأعلنت الأخيرة اختراقها ونفت صحّة التصريحات.

واعتبرت المنظمة ذلك الجهد منسقًا، وقد قادته السعودية والإمارات ودول حليفة أخرى لعزل قطر، ودوافعهم الحقيقية وراء ذلك هي سنوات من الغضب إزاء سياسة قطر الخارجية، ما أدّى في الأيّام الأخيرة إلى قطع السعودية والإمارات كل العلاقات وإيقاف النقل الجوي والبري والبحري إلى قطر.

لكن القاهرة، بحسب التقرير، ذهبت إلى أبعد من ذلك، وطاولت الرقابة حركات معارضة محلية، بما يشمل حجب موقع "الحملة الشعبية للدفاع عن الأرض" التي تعارض مخطط السيسي للتنازل عن جزيرتين في البحر الأحمر للسعودية.

قالت "هيومن رايتس ووتش"، إنه على الرغم من أن دولاً كثيرة تجرّم التعدي على النظام العام، فإن محاكمة شخص بتهمة عمل إشارة بذيئة "تقصد المحامي خالد علي"، أثناء مظاهرة سلمية هو تقييد غير معقول لحريّة التعبير، وتجريم عمل كهذا بالسجن أو بسحب حقوق سياسية يعد إجراءً غير مناسب، إذ قرّرت محكمة جنح الدقي بالقاهرة عقد جلسة خالد علي المقبلة في 3 يوليو/ تموز، وأمرت بالسماح للمحامين بالاطلاع على ملف القضية.

من جهة أخرى، تنص المادة 57 من الدستور المصري على أنه "لا يجوز" حرمان المواطنين من الحق في "استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها" ولا يجوز تعطيلها أو وقفها تعسفًا. وتنص المادة 71 على أنه: "يُحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها".

وذكرت "لجنة حقوق الإنسان"، وهي هيئة الخبراء المعنية برصد تنفيذ "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، في تعليقها العام رقم 34، أن منع "موقع أو نظام لنشر المعلومات من نشر مواد معينة، لسبب لا يزيد عن كونها تنتقد الحكومة أو النظم الاجتماعية والسياسية التي تتبناها الحكومة" يمثل انتهاكًا للحق في حرية التعبير، والذي صدقت مصر عليه في عام 1986.

المساهمون