هيومان رايتس مونيتور تفتح ملف "مفقودو رابعة"

14 اغسطس 2017
آثار مذبحة رابعة العدوية (العربي الجديد)
+ الخط -
أصدرت منظمة "هيومان رايتس مونيتور"، اليوم الإثنين، تقريرًا بعنوان "مفقودو رابعة.. هروب من الموت إلى الجحيم"، في الذكرى الرابعة لمذبحة رابعة العدوية، فتحت فيه ملف المفقودين منذ المذبحة حتى الآن.

وقالت المنظمة إن الأحداث التي سبقت فض الاعتصام وأحداث الفض بشكل عام تركت وراءها كثيرًا من الأفراد الذين تعرضوا للاعتقال والاختفاء في أماكن احتجاز سرية، حيث لم يستطع ذووهم ولا محاموهم الوصول إليهم، رغم بحثهم في أماكن الاحتجاز واتخاذهم كافة الإجراءات القانونية من شكاوى وبلاغات دون جدوى، مما يثير الكثير من الشكوك حول وجود مقابر سرية تم دفن بعض الجثث بها.

وتأكد بعض الأهالي من وفاة ذويهم أثناء عملية فض الاعتصام، لكن لم يعثروا على جثثهم، كما أنهم غير مقيدين بالكشوف الرسمية أو تقارير المنظمات الحقوقية، ولا يعرف ذووهم مصيرهم حتى الآن رغم اتخاذهم كافة الإجراءات القانونية.

وحسب التقرير، "اختلفت تقديرات عدد القتلى والمصابين في المجزرة، فأكدت قيادات من جماعة الإخوان المسلمين كمحمد البلتاجي وعصام العريان، أن عدد القتلى تجاوز 3000 قتيل وآلاف الجرحى والمصابين، وذهبت قيادات أخرى إلى أن عدد القتلى تجاوز هذا الرقم، فيما أعلن تحالف دعم الشرعية، أن إجمالي الوفيات في فض اعتصام رابعة وحده بلغ 2600 قتيل، وهو العدد الذي أعلنه المستشفى الميداني في رابعة.

في المقابل، تحدث تقرير وزارة الصحة المصرية عن 670 قتيلا، ونحو 4400 مصاب، وأعلن الطب الشرعي في القاهرة، في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2013، أن إجمالي عدد القتلى بلغ 677 قتيلا، من بينهم 31 جثة مجهولة الهوية، وأورد تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش" أن "قوات الأمن المصرية قتلت أكثر من ألف شخص على الأرجح".


قصص المفقودين

وسرد تقرير هيومن رايتس مونيتور، مجموعة من قصص المفقودين، ومن بينهم عبد الحميد محمد عبد السلام (20 سنة)، من محافظة الدقهلية، وكان يدرس في الفرقة الثانية بكلية الشريعة والقانون، واختطف حسب بيان لأسرته، خلال أحداث فض اعتصام رابعة العدوية من شارع الطيران بمعرفة قوات الجيش والشرطة، وبعد بحث طويل علمت أسرته أنه مودع بسجن سري، ولم يتم الإفصاح عن مكان احتجازه ولم يتم عرضه على النيابة ولم يتم التواصل معه، وتأكدت العائلة من ذلك عن طريق شهود، أحدهم شاهده لحظة القبض عليه.

وبين المفقودين، عمر محمد علي حماد (21 سنة)، وكان يُقيم بمدينة العاشر من رمضان في محافظة الشرقية، وهو طالب بالفرقة الأولى بكلية الهندسة، ووفقاً لأسرته، فإنه اختفى يوم فض اعتصام رابعة، حيث كان متوجهًا إلى الجامعة ليستطلع نتيجته وتنظيم حفل مع أصدقائه، واختطفته قوات الأمن وأُدخل مدرعة جيش بحسب ما أبلغهم شهود عيان.


وقامت الأسرة بعمل تحليل DNA على جميع الجثث الموجودة بالمشرحة، كما قاموا بعمل محضر يفيد باختفائه بتاريخ 31 أغسطس/آب 2013، وبحثوا في كافة السجون مثل أبو زعبل وطرة وبرج العرب وسجن العزولي الحربي ووادي النطرون ومصلحة السجون وجميع أقسام مصر، وكان الرد أنه غير موجود، كما قاموا بتقديم بلاغ للنائب العام بتاريخ 11 يوليو/تموز 2014، ولم يظهر الشاب حتى الآن.

وبين المختفين، محمد إبراهيم مصطفى عطية (36 سنة)، من محافظة الغربية، وهو خريج كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، وتحكي زوجته أن "آخر اتصال به كان يوم فض رابعة في السادسة مساءً بعد اقتحام واستيلاء قوات الفض على المنصة، وجاءت الأخبار لنا بأنه معتقل في سجن (العزولي)، وحتى الآن لم يعد".

ومحمد خضر علي محمد، وهو مهندس حاسبات من مدينة بورسعيد، ويقول شقيقه: "محمد كان موجودًا وقت الفض، وآخر اتصال بيننا كان الساعة 7 صباحا، وكان في ميدان رابعة أمام طيبة مول، وبعدها انقطعت كل أخباره، ولم نعثر على مكانه، أو على جثته".

وتروي والدة عادل درديري عبد الجواد، وهو متزوج ولديه اثنان من الأبناء، أنه اختُطف من ميدان رابعة، ولم يعد للبيت منذ المجزرة، وأنهم قاموا بإجراء تحليل DNA ولم يجدوا جثته، ولم يكن بين المصابين أو المعتقلين، ولم يعد إلى بيته حتى الآن.

وكان أسامة رشدي عبد الحليم، يُقيم بمدينة السويس، وفُقد بتاريخ 2 سبتمبر/أيلول 2013، حيث كان خارج منزله في وقت حظر التجوال وقتئذ، وتم إيقافه بالشارع ووقعت بينه وبين أحد الضباط مشادة، ومن وقتها لم يعد إلى بيته ولا يعلم مكانه.

أما محمود محمد عبد السميع (36 سنة)، من الفيوم، وحسب رواية أسرته، فإنه تغيّب يوم مجزرة فض رابعة، وكان آخر اتصال له مع أسرته الساعة السادسة مساءً، وكان موجودًا حينها بشارع الطيران، ومن بعدها انقطعت أخباره، ولم يجدوه بين الضحايا ولا المصابين ولا المعتقلين.

وكذا محمود أحمد محمدي بدوي (36 سنة)، وكان يقيم بالقاهرة، وهو متزوج ولديه 4 أبناء، وحسب رواية أسرته فإنه اختفى بعد فض اعتصام رابعة، وكان آخر اتصال له مع عائلته في الساعة العاشرة صباحًا، ومن حينها لم يعد ولا يعرف مكانه.

ومثله أشرف حسن إبراهيم (36 سنة)، وهو عامل كان يُقيم بالمنوفية، واختفى يوم مجزرة المنصة ولم يعد لأهله من وقتئذ.

ومحمد الشحات عبد الشافي (31 سنة)، وهو عامل حر، وحسب رواية شقيقه، فإنه فُقد منذ مجزرة فض اعتصام رابعة، ومن شاهده رآه وهو ينقل المصابين ولم يشاهده بعد الساعة الحادية عشر صباحًا، ومن ذلك الوقت لم يستدل عليه ولم يجده أهله بين الشهداء أو المعتقلين.

ومحمد حسين السيد السمان (25 سنة)، خريج كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة عين شمس، وهو من سكان الحي الثامن في مدينة نصر، ومختفٍ من يوم فض رابعة حتى الآن.

وحامد محمد إسماعيل، وهو موجه بالتربية والتعليم وعضو نقابة المعلمين بالإسماعيلية، وتم اختطافه من مقر عمله يوم الثلاثاء الموافق 22 يوليو/تموز 2014، وتم اقتياده لجهة غير معلومة، وقامت أسرته بالبحث عنه في أقسام الشرطة والسجون ولم يتم العثور عليه حتى الآن.


سيناريوهات الاختفاء

وقالت المنظمة، إنه بالبحث في مفقودي رابعة، كانت قصص المفقودين تختتم بنهايات أربع، إما أن يكون ذلك المفقود قد قُتل وتشوهت جثته، واستطاع أهله الوصول إليها عبر تحليل البصمة الوراثية DNA، أو لا يجدونه بذات التحليل بسبب تشوّه الجثة بشكل يصعب استخلاص البصمة الوراثية منها، ومن ثم تدفن في مقابر الصدقة التابعة للدولة، أو أن هؤلاء المفقودين قد قُتلوا أثناء عملية فضّ الاعتصام، ثم دفنوا بمعرفة رجال الشرطة والجيش، وأخيرا أن يكون المفقود قد اعتقل ولا يزال رهن الاحتجاز في مقر أمني سري.

النهاية الأولى وجدت لها نموذجين، هما مصطفى المعداوي وحسن البنا، أما النهاية الثانية فكانت من نصيب 35 شخصا مجهولين دُفنوا في مقابر صدقة محافظة القاهرة في منتصف يناير/كانون الثاني 2014، والنهاية الثالثة لا يوجد ما يدعمها سوى حديث من أهالي المفقودين الذين سمعوا عن مقبرة في مركز التدريب التابع لوزارة الداخلية في طريق "القاهرة- السويس".

والنهاية الرابعة كانت مرتكزا أساسيا للبحث، وهناك بعض الأهالي لا يزالون موقنين بأن أبناءهم وأزواجهم على قيد الحياة في سجنٍ ما على أرض مصر، ومن هؤلاء زوجة المحاسب خالد عز الدين، فجميع الروايات تقول إنه اعتقل حيًا، مساء مجزرة المنصة "نهاية يوليو/تموز 2013".


وأكدت المنظمة أن ما يعانيه أهالي المختفين قسرياً يندرج تحت ما يسمى "الخسارة الغامضة"، وهي خسارة غير مفهومة ولا مكتملة. لذلك، يعاني أصحابها من مشقة البحث الدائم عن إجابات لما أصابهم. وخلافاً لحالات الفقدان الأخرى، فإنّ الحزن بالنسبة لهؤلاء مؤجل أو مجمّد، بسبب عدم القدرة على القبول أو الاعتراف بوجود مشكلة.

وطالبت المنظمة المجتمع الدولي بإرسال لجان تقصي حقائق لتوثيق جميع حالات الاختفاء القسري وللمطالبة بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم ومناقشة انتشار جريمة الاختفاء القسري في مصر لدى مجلس الأمن بالأمم المتحدة، وإحالته إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جريمة ضد الإنسانية.

كما طالبت بمُحاسبة المسؤولين عن فض الاعتصام بمثل هذه الهمجية والوحشية، وتشدد على أن مرور أربعة أعوام على المذبحة يضع الدولة في وضع المتواطئ للسكوت على مثل تلك الجرائم منقطعة النظير المُتمثلة في الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي خلافًا عن القتل والإجرام، الذي لا يزال مُستمرًا بحق المواطنين، وتناشد السلطات الالتزام بالمواثيق الدولية والقوانين المحلية، ومنح المواطنين حقوقهم الكاملة والسماح لهم بممارستها بشكل طبيعي.


التقرير الكامل هنا