هيئات فلسطينية تستنكر تبرير قاضي قضاة الشرع للعنف ضدّ المرأة

08 ديسمبر 2018
احتجاج على العنف ضد المرأة (العربي الجديد)
+ الخط -
لا تزال تصريحات قاضي قضاة فلسطين الشرعيين محمود الهباش، بشأن العنف ضد المرأة، تثير سخطاً وردود فعل متواصلة من المؤسسات النسائية الفلسطينية، معتبرة أن ما صرح به يبرر استخدام العنف ضد النساء.

واستنكرت جمعية المرأة العاملة الفلسطينية للتنمية في بيان لها أمس الجمعة، ما جاء على لسان الهباش من تصريحات علنية، "يشجع فيها على ممارسة العنف ضد النساء والفتيات "للتربية والتأديب".

وقالت الجمعية إن "هذه التصريحات تتزامن مع أنشطة الحملة العالمية لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، التي تقوم بها مؤسسات نسوية وحقوقية وتنموية وحكومية في معظم دول العالم، لتُرَسّخْ مبدأ رفض التمييز والعنف ضد المرأة والفتاة في التشريعات والثقافة والسلوك، على قاعدة إنسانية حضارية تعتبر حقوق المرأة حقوق إنسان غير قابلة للتجزئة أو التأويل".

وطرح الهباش تساؤلاً قبل نحو أسبوع خلال برنامج "آفاق"، الذي تبثه فضائية فلسطين الرسمية، جاء فيه: هل الضرب المؤدب غير المؤذي للنساء، يستخدم كوسيلة من وسائل التربية وتقويم السلوك أم لا؟ من الممكن أن نكون مختلفين من الناحية الاجتماعية في هذه الأمور، لكن هل نحن مختلفون بمبدأ الضرب كوسيلة تأديبية؟

وقال الهباش في حلقة تلفزيونية عرضت في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول الجاري: "العنف هو مجاوزة الحد في المعاملة بتعديل السلوك سواء كان العنف مادياً أو نفسياً أو معنوياً، فالعنف من الممكن أن يكون عنفاً نفسياً، وليس بالضرورة أن يكون جسدياً كالسجن ومنع الحقوق".


وأشارت الجمعية إلى أن مصادقة دولة فلسطين على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة سيداو، والمصادقة قبل أسابيع على برتوكولها الاختياري، وكذلك مصادقتها على الاتفاقية الدولية لحماية الطفل، تتطلب بالضرورة استحقاقات تشريعية وسياساتية، واتخاذ إجراءات وتدابير مؤقتة لتغيير الأنماط الثقافية للوصول للمساواة في الحياة الخاصة وفي الفضاء العام.

واستغربت الجمعية صمت الكتل البرلمانية على تصريحات الهباش وعدم الإقدام على محاسبته، معتبرة أن التصريحات بمثابة التماهي مع فكر الاستبداد وتجاهل لجوهر اتفاقية السيداو ووثيقة الاستقلال والقانون الأساسي، فيما طالبت الجمعية في نهاية بيانها بوقف المماطلة لسنّ تشريعات عادلة للمرأة والفتاة.

واعتبر الهباش في المقابلة أن "الأنظمة الإنسانية الوضعية تسمح بممارسة قدر محسوب من العنف غير المطلق لمواجهة ظاهرة شاذّة في المجتمع، إن العنف بشكل عام مرفوض، لكن ممارسة قدر محسوب من العقاب هو مشروع ديناً أو حكماً اجتماعياً". وقال: "لم يرد بأن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أو أصحابه ضربوا نساءهم"، مشيراً إلى أنه لا يتصور أن رجلاً عاقلاً يمكن أن يهين زوجته.

وأضاف: "إن أي رجل يضرب امرأته أو أخته أو ابنته بدون سبب وكذلك الشتم فهو مرتكب للحرام، فالحالة الوحيدة والضيقة والنادرة جداً بممارسة نوعٍ من الضرب غير المؤذي بما يتجنب الوجه والأذية هي فقط في حالة النشوز".

واستنكر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في تصريح صحافي يوم الأربعاء الماضي، ما جاء في مقابلة الهباش، معتبراً ذلك بمثابة تشجيع على العنف الأسري وخاصة ضد النساء والدعوة لأخذ القانون باليد. وقال الاتحاد إن "ذلك يتناقض مع التزامات دولة فلسطين تجاه المرجعيات الوطنية ممثلة بوثيقة إعلان الاستقلال والاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة"، مطالباً بسرعة إصدار قانون حماية الأسرة من العنف.

كما استنكر "اتحاد لجان العمل النسائي الفلسطيني" في بيان صادر عنه أول من أمس، ما جاء على لسان الهباش. وقال: "في الوقت الذي تعكف فيه الحركة النسوية ووزارة المرأة وغيرها من الوزارات، على مواءمة التشريعات الفلسطينية والسياسات الخاصة بالمرأة الفلسطينية مع المعاهدات والاتفاقات الدولية التي صادقت عليها دولة فلسطين وفي مقدمتها اتفاقية سيداو، جاءت تصريحات الهباش الذي يعكس الفكر الذكوري والأبوي تجاه المرأة وحقوقها ومكانتها في الأسرة والمجتمع، يخالف تماماً الجهود المبذولة على يد مختلف المؤسسات الأهلية والرسمية وفي الإعلام من أجل نبذ العنف بكل أشكاله في الأسرة، ليس لاعتباره من أبشع أشكال الامتهان لكرامة المرأة وحقوقها ومكانتها فحسب، بل لتناقضه مع الصورة التي تسعى دولة فلسطين لتقديمها أمام المجتمع الدولي حول الجهود المبذولة لمحاربة العنف المبني على النوع الاجتماعي".

وعبّر الاتحاد عن قلقه من انعكاس هذا الفكر في التشريعات الفلسطينية التي يجري العمل على تعديلها، وطالب مجلس الوزراء بالإسراع في إخراج قانون حماية الأسرة من العنف إلى النور، مستوعباً التعديلات التي جرى التوافق حولها مع المؤسسات النسائية والحقوقية.
المساهمون