ربما يكون مقترح الرئيسة التنفيذية لجزيرة هونغ كونغ، كاري لام، الخاص بمشروع قانون يسمح بترحيل المطلوبين أمنياً للبر الصيني، هو الذي أشعل شرارة الاحتجاجات في هونغ كونغ التي لا تزال تتواصل وتهدد الاستقرار السياسي والمالي في بر الصين والجزيرة التي تعد المركز المالي الأكبر في آسيا.
وتتخوف بكين من استغلال واشنطن هذه الاحتجاجات لتدمير الاقتصاد، وتتهمها بالتدخل السياسي، في وقت تخوض فيه واشنطن حرباً ضروساً معها عنوانها الحرب التجارية. وربما تكون هذه الاتهامات بنيت على التواجد الكثيف للشركات الأميركية، والتي تقدّر بنحو 1200 شركة منضوية تحت مظلة مجلس الأعمال الأميركي في الجزيرة.
وتتزايد هذه التهم بعد احتجاجات، حمل فيها المحتجون الذين احتشدوا في متنزه هونغ كونغ المركزي، أمس الأحد، أعلاماً أميركية ولافتات تناشد حكومة الولايات المتحدة مساعدتهم و"دعم الديمقراطية"، بعد ليلة جديدة من الاضطرابات وأعمال الشغب في الأسبوع الـ14 منذ بدء أسوأ أزمة سياسية تشهدها المستعمرة البريطانية، وذلك وفقاً لوكالة أسوشيتد برس الأميركية.
لكن العديد من الخبراء يرون أن أسباب الاحتجاجات لا تعود إلى مشروع قانون الترحيل، أو حتى تهم التدخل الأميركي التي تروّج لها بكين. فجزيرة هونغ كونغ تعج بالتناقضات، فهناك الكثير من أسباب الاحتقان الاقتصادي والمالي التي تتزايد لدى سكان الجزيرة التي يتجاور فيها الثراء الفاحش، جنباً إلى جنب مع الفقر المدقع. ومنذ انتقال الجزيرة من التاج البريطاني إلى الصين تتزايد هذه التناقضات.
اقــرأ أيضاً
من بين هذه التناقضات، تستضيف هونغ كونغ نحو 93 مليارديراً، فيما ترتفع فيها نسبة الفقر وكلفة المعيشة إلى مستويات تفوق الدخل المتوسط لمعظم سكانها. فالإيجارات مرتفعة جداً والكلفة المعيشية للفرد خارج الإيجار تبلغ نحو 1000 دولار، وهناك مؤسسات تقدر عدد الفقراء في الجزيرة بنحو 1.5 مليون شخص.
وبالتالي، فإن الأثرياء في الجزيرة يتخوفون على ثرواتهم، والشباب قلقون على فقدان حرياتهم من نظام بكين، وذلك وفقاً لتعليقات الخبيرة، إلينور ألبرت، بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي.
واحتلت الجزيرة مرتبة الدولة الأولى في الحرية الاقتصادية في مؤشر "هيرتدج" الأميركي، منذ عام 1995، ولا تزال تحتل هذا الموقع حتى العام الماضي، لكنها قد تفقده تدريجياً إذا استمرت الصين في فرض قوانينها عليها.
ويصنف الاقتصادي الأميركي ميلتون فريدمان، جزيرة هونغ كونغ، بأنها أفضل مثال للاقتصاد الحر في العالم قبل تحوّلها للصين.
ونالت الجزيرة هذا الترتيب المتقدم في الحرية الاقتصادية بسبب الضرائب المنخفضة والإجراءات التشريعية البسيطة لتسجيل وعمل الشركات التجارية وانفتاحها الكامل على التجارة العالمية. وبالتالي، فإن هناك أبعادا عديدة لاحتجاجات هونغ كونغ تتراوح بين البعد الاقتصادي والمالي والثقافي والسياسي.
على الصعيد الاقتصادي، تشير الخبيرة إلينور البرت إلى أن سكان هونغ كونغ يرون أن الصين استغلت ثراء جزيرتهم ووظفته لحساب البر الصيني وتركتهم فقراء، وأن شركاتها باتت تسيطر على المصارف والتجارة وتمنح قروضاً تمييزية لسكان البر الصيني. وتبعاً لذلك يلقون باللوم على النظام الشيوعي في الصين بتدمير حياتهم المعيشية وتدمير اقتصاد الجزيرة الذي بات حجمه يتراجع كنسبة من إجمالي الناتج المحلي الصيني.
اقــرأ أيضاً
ومنذ انتقال الجزيرة من التاج البريطاني إلى الصين، فيما يُعرف بـ"دولة واحدة بنظامين"، انكمش حجم اقتصاد هونغ كونغ كنسبة من إجمالي الناتج المحلي الصيني من 27% في عام 1993 إلى 3.0% في عام 2017.
وخلال العشر سنوات الأخيرة ظلت الأجور راكدة من دون ارتفاع، بينما ارتفعت أسعار الإيجارات بنسبة 300%. كما باتت الحكومة الصينية تسيطر على 80% من المصارف. ويوجد في هونغ كونغ أعلى أسعار للإيجارات في العالم، وأكبر فجوة بين الدخول، كما تبلغ نسبة الفقر 20% من السكان، حسب بيانات رسمية صادرة في هونغ كونغ نشرتها صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست".
وفي المقابل، فإن السكان في منطقة شينزن بالبر الصيني تزداد أجورهم بنسبة 8% سنوياً. وتبني لهم الحكومة نحو مليون وحدة سكنية جديدة على وشك الاكتمال، وهو ما يعني انخفاض الإيجارات في البر الصيني.
تراجعت نسبة الفقر في البر الصيني من 88% في عام 1981 إلى 0.7% في عام 2015، حسب بيانات البنك الدولي. ويرى الشباب في الجزيرة أن الحكومة الشيوعية في البر الصيني باتت تسيطر تدريجياً على اقتصادهم. وبالتالي، فإنهم يرغبون في التحرر من بكين وتدعمهم في ذلك الشركات ورجال الأعمال في الجزيرة.
على صعيد البعد الثقافي والسياسي، فإن سكان الجزيرة على الرغم من أنهم ينتمون عرقياً للصين إلا أنهم من الناحية الثقافية غربيون، ومن الناحية الاقتصادية فإنهم رأسماليون، خلافاً لنمط التخطيط المركزي الرأسمالي للاقتصاد الذي يديره الحزب الشيوعي في البر الصيني، كما أنهم يتمتعون بحرية تامة في التنقل والرأي مقارنة بالكبت السياسي والقمع الذي يعيشه الصينيون تحت حكم الحزب الشيوعي.
وبالتالي، فإنهم يتخوفون على مستقبلهم بعد نهاية الفترة الانتقالية التي تبلغ مدتها 50 عاماً وتنتقل الجزيرة إلى السيادة الصينية الكاملة.
وتتخوف بكين من استغلال واشنطن هذه الاحتجاجات لتدمير الاقتصاد، وتتهمها بالتدخل السياسي، في وقت تخوض فيه واشنطن حرباً ضروساً معها عنوانها الحرب التجارية. وربما تكون هذه الاتهامات بنيت على التواجد الكثيف للشركات الأميركية، والتي تقدّر بنحو 1200 شركة منضوية تحت مظلة مجلس الأعمال الأميركي في الجزيرة.
وتتزايد هذه التهم بعد احتجاجات، حمل فيها المحتجون الذين احتشدوا في متنزه هونغ كونغ المركزي، أمس الأحد، أعلاماً أميركية ولافتات تناشد حكومة الولايات المتحدة مساعدتهم و"دعم الديمقراطية"، بعد ليلة جديدة من الاضطرابات وأعمال الشغب في الأسبوع الـ14 منذ بدء أسوأ أزمة سياسية تشهدها المستعمرة البريطانية، وذلك وفقاً لوكالة أسوشيتد برس الأميركية.
لكن العديد من الخبراء يرون أن أسباب الاحتجاجات لا تعود إلى مشروع قانون الترحيل، أو حتى تهم التدخل الأميركي التي تروّج لها بكين. فجزيرة هونغ كونغ تعج بالتناقضات، فهناك الكثير من أسباب الاحتقان الاقتصادي والمالي التي تتزايد لدى سكان الجزيرة التي يتجاور فيها الثراء الفاحش، جنباً إلى جنب مع الفقر المدقع. ومنذ انتقال الجزيرة من التاج البريطاني إلى الصين تتزايد هذه التناقضات.
وبالتالي، فإن الأثرياء في الجزيرة يتخوفون على ثرواتهم، والشباب قلقون على فقدان حرياتهم من نظام بكين، وذلك وفقاً لتعليقات الخبيرة، إلينور ألبرت، بمجلس العلاقات الخارجية الأميركي.
واحتلت الجزيرة مرتبة الدولة الأولى في الحرية الاقتصادية في مؤشر "هيرتدج" الأميركي، منذ عام 1995، ولا تزال تحتل هذا الموقع حتى العام الماضي، لكنها قد تفقده تدريجياً إذا استمرت الصين في فرض قوانينها عليها.
ويصنف الاقتصادي الأميركي ميلتون فريدمان، جزيرة هونغ كونغ، بأنها أفضل مثال للاقتصاد الحر في العالم قبل تحوّلها للصين.
ونالت الجزيرة هذا الترتيب المتقدم في الحرية الاقتصادية بسبب الضرائب المنخفضة والإجراءات التشريعية البسيطة لتسجيل وعمل الشركات التجارية وانفتاحها الكامل على التجارة العالمية. وبالتالي، فإن هناك أبعادا عديدة لاحتجاجات هونغ كونغ تتراوح بين البعد الاقتصادي والمالي والثقافي والسياسي.
على الصعيد الاقتصادي، تشير الخبيرة إلينور البرت إلى أن سكان هونغ كونغ يرون أن الصين استغلت ثراء جزيرتهم ووظفته لحساب البر الصيني وتركتهم فقراء، وأن شركاتها باتت تسيطر على المصارف والتجارة وتمنح قروضاً تمييزية لسكان البر الصيني. وتبعاً لذلك يلقون باللوم على النظام الشيوعي في الصين بتدمير حياتهم المعيشية وتدمير اقتصاد الجزيرة الذي بات حجمه يتراجع كنسبة من إجمالي الناتج المحلي الصيني.
ومنذ انتقال الجزيرة من التاج البريطاني إلى الصين، فيما يُعرف بـ"دولة واحدة بنظامين"، انكمش حجم اقتصاد هونغ كونغ كنسبة من إجمالي الناتج المحلي الصيني من 27% في عام 1993 إلى 3.0% في عام 2017.
وفي المقابل، فإن السكان في منطقة شينزن بالبر الصيني تزداد أجورهم بنسبة 8% سنوياً. وتبني لهم الحكومة نحو مليون وحدة سكنية جديدة على وشك الاكتمال، وهو ما يعني انخفاض الإيجارات في البر الصيني.
تراجعت نسبة الفقر في البر الصيني من 88% في عام 1981 إلى 0.7% في عام 2015، حسب بيانات البنك الدولي. ويرى الشباب في الجزيرة أن الحكومة الشيوعية في البر الصيني باتت تسيطر تدريجياً على اقتصادهم. وبالتالي، فإنهم يرغبون في التحرر من بكين وتدعمهم في ذلك الشركات ورجال الأعمال في الجزيرة.
على صعيد البعد الثقافي والسياسي، فإن سكان الجزيرة على الرغم من أنهم ينتمون عرقياً للصين إلا أنهم من الناحية الثقافية غربيون، ومن الناحية الاقتصادية فإنهم رأسماليون، خلافاً لنمط التخطيط المركزي الرأسمالي للاقتصاد الذي يديره الحزب الشيوعي في البر الصيني، كما أنهم يتمتعون بحرية تامة في التنقل والرأي مقارنة بالكبت السياسي والقمع الذي يعيشه الصينيون تحت حكم الحزب الشيوعي.
وبالتالي، فإنهم يتخوفون على مستقبلهم بعد نهاية الفترة الانتقالية التي تبلغ مدتها 50 عاماً وتنتقل الجزيرة إلى السيادة الصينية الكاملة.