هولندا تستبدل الأسلحة النارية بالصعق الكهربائي

15 يوليو 2018
شرطيّان هولنديّان (العربي الجديد)
+ الخط -

تتّجه الشرطة الهولندية نحو اعتماد سلاح جديد يحمله عناصرها، عبارة عن مسدس صعق كهربائي، بهدف تخفيض عدد الأسلحة النارية المرئية التي يحملها عناصرها في الشوارع، الأمر الذي يؤثّر على المشهد العام في البلاد. ووصفت تجربة السلاح الجديد بـ "المُرضية"، علماً أن كلفة السلاح الواحد تبلغ ستة أضعاف السلاح الناري.

اختبرت الشرطة الهولندية سلاح الصعق الكهربائي على مدار الأشهر الماضية في مدن هولندية عدة، وكانت النتائج مرضية. حمل عناصر الشرطة تلك الأسلحة خلال عملهم، خصوصاً في عمليات اعتقال المشتبه بهم. وخضعت العناصر المشاركة في الاختبار إلى دورة إرشادية لتعلّم كيفية استخدام السلاح قبل اختباره ميدانياً، وشارك نحو 300 شرطي وشرطية من المكلفين إيقاف المجرمين واعتقالهم، وكان لمدينة روتردام الحصة الأكبر.

الصيف الماضي، أجاز البرلمان الهولندي اختبار السلاح الجديد ميدانياً، وبدأت تجربته في فبراير/ شباط الماضي. وسلاح الصعق عبارة عن مسدس يطلق سهمين باتجاه المشتبه به يعلقان في ملابسه، ويتصلان بشريطين لإيصال تيار كهربائي بقوة 50 ألف فولت، يؤدي إلى شلّ حركة الشخص لبرهة. ويستخدم السلاح الذي يتراوح سعره ما بين 1500 (نحو 1750 دولاراً) و2000 يورو (نحو 2300 دولاراً) في بلدان عدة، منها الولايات المتحدة وأستراليا ونيوزلندا والمملكة المتحدة.




وأعربت منظمات حقوقية عن قلقها من جراء استخدام السلاح الجديد، وحذرت من خطورته على حياة البشر. وقالت منظمة العفو الدولية "أمنستي" إن استخدام السلاح في بلدان أخرى أظهر مدى خطورته، خصوصاً على أولئك الذين يعانون من مشاكل صحية، وأولئك الذين يكونون تحت تأثير الكحول أو المخدرات، والنساء الحوامل. أضافت أن استخدام سلاح الصعق الكهربائي أودى بحياة مشتبه به خلال عمليات الاعتقال خارج هولندا.

وطالب متخصّصون في عمل الشرطة إيضاح الحالات وتحديد تلك التي تستدعي استخدام السلاح الجديد في الشارع، والتحقّق من جدواه قبل أن يتحول إلى سلاح أساسي في يد كلّ عنصر، وفيما إذا كانت كلفته الباهظة تضاهي النتائج المرجوة منه.

وأظهر اختبار السلاح أنّه كان فعّالاً بشكل كامل في 62 في المائة من الحالات. وفي أكثر من ستين حالة، أطلق السلاح سهامه من مسافة بعيدة تفصل عنصر الشرطة عن المشتبه به قيد الاعتقال. وفي أكثر من سبعين حالة، ترك السلاح أثراً على الجسد. وأظهرت الأرقام أنّ من بين أكثر من مائة وثمانين حالة شهدت تهديداً باستخدام سلاح الصعق، استخدمته الشرطة فعلياً في نحو 60 حالة، وأصاب أجساد الموقوفين في أكثر من 50 حالة، وشلّ حركة الموقوفين (معظمها في مدينة روتردام).



تعتقد الشرطة أنّ السلاح فعّال في الحالات غير الخطيرة، أو خلال حفظ النظام أثناء الاحتفالات والمهرجانات التي تشهدها البلاد على مدار العام. لكنّه ليس فعالاً في الحالات الخطيرة، مثل عمليات مكافحة المخدرات والجرائم المنظمة، وتستخدم خلالها مختلف الأسلحة وأدوات المتابعة والمراقبة، وترصد لها سنوياً ميزانية ضخمة.

وترى الشرطة أنّها في حاجة إلى سلاح وسطي، أقوى من رذاذ الفلفل والهراوات التي تستخدم أحياناً في حالات غير خطيرة ومن دون جدوى، وأقلّ قوة من السلاح الناري والكلاب البوليسية، التي يمكن أن تلحق أضراراً جسدية بالغة بالمشتبه به، وأحياناً تؤدي إلى موته.

وتعتقد الشرطة أنّ سلاح الصعق الكهربائي سيساعدها على تحقيق أهدافها والسيطرة على المشتبه بهم في حالات كثيرة، من دون أن تتسبب في إلحاق أذى جسدي بهم في حال لم يمتثلوا لتعليماتها وقاوموها. ويوضح ناطق باسم جهاز الشرطة أن التبعات السلبية لاستخدام السلاح الجديد لا يمكن مقارنتها بالأضرار التي يلحقها الطلق الناري أو عضات كلاب الشرطة، أو في استخدام العنف من قبل عناصر الشرطة إذا ما أبدى المشتبه به مقاومة أثناء إيقافه أو اعتدى على أحدهم.

ومن خلال اعتماد هذا السلاح الذي يعدّ "إضافة" للشرطة، ستتمكن الأخيرة من تحقيق هدفها في تخفيض عدد الأسلحة النارية التي يحملها رجال الشرطة، مع الحفاظ على قوات التدخّل السريع في كل الأوقات والأماكن، وقوات التدخل بالزي المدني، والتي ظهرت خلال حوادث طعن واعتداءات وقعت خلال الأشهر الماضية.

وسيتمكّن عناصر الشرطة من تحقيق مهامهم المفترضة من دون إلحاق أذى جسدي بالموقوفين والمشتبه بهم، مع الحفاظ على أمنهم، خصوصاً في الحالات التي يكون فيها الاحتكاك عنيفاً مع المجرمين، أو في حال كان المشتبه بهم تحت تأثير الكحول أثناء عمليات التحقق من الوثائق والاشتباه والاعتقال.




ويلفت متحدث باسم الشرطة رفض الكشف عن اسمه إلى أن العناصر لن يحملوا السلاح ويستخدموه ببساطة. على كل عنصر أن يشرح لماذا وكيف ومتى استخدم السلاح، على غرار الأسلحة الأخرى التي في حوزة عناصر الشرطة. وستبتّ الحكومة لاحقاً في تعميم السلاح الجديد على جميع عناصر الشرطة في البلاد، في ضوء اختباراتها خلال الأشهر الماضية، والخلاصات التي سيخرج بها التقرير الخاص بالسلاح على ضوء الاختبار.
المساهمون