ويعتبر مراقبون أن هولاند يسعى خلال مباحثاته مع محمد السادس، التي ستجرى في قصر العاهل المغربي في مدينة طنجة شمالي المغرب، إلى رفع التعاون الأمني والاستخباراتي بين المغرب وفرنسا، وخصوصاً في خضم اعتماد باريس على الخبرات الأمنية المغربية في الحملات الاستباقية لتفكيك الخلايا الإرهابية، فضلاً عن بحث ملف الشراكة الاقتصادية بين البلدين.
وشهدت العلاقات بين المغرب وفرنسا توتراً غير مسبوق، دام زهاء سنة كاملة، بدأ في فبراير/شباط من العام الماضي، بعد استدعاء السلطات القضائية الفرنسية لمدير الاستخبارات المغربية، عبد اللطيف الحموشي، بسبب اتهامات تعذيب مفترضة تلاها قرار تعليق التعاون القضائي والأمني بين البلدين، قبل أن تعود المياه إلى مجاريها، في زيارة خاصة للملك المغربي إلى باريس ولقائه بالرئيس الفرنسي ما مهد لإعادة تفعيل الاتفاق القضائي والأمني.
يشير رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، عبد الرحيم المنار إسليمي، إلى أنّ زيارة هولاند إلى المغرب "تحمل في ثناياها مجموعة إشارات سياسية. أولها أنّ الزيارة تأتي بعد الأزمة الدبلوماسية القضائية التي دامت لمدة عام، إذ أثّرت على التعاون الأمني والاقتصادي بين البلدين، قبل أن تبدأ بوادر الانفراج في يناير/كانون الثاني الماضي بعد زيارة الملك محمد السادس إلى باريس". أما الإشارة السياسة الثانية، وفق إسليمي، فتتمثل في أنّ هذه الزيارة الرسمية، "تأتي لتصحيح الصورة التي كثيراً ما ارتبطت بهولاند ووزير خارجيته لوران فابيوس، كونهما أكثر ميْلاً إلى الجزائر من المغرب، مقارنة بالحكومات الفرنسية السابقة التي عُرفت بتفضيلها للمملكة على جارتها الشرقية". ويوضح إسليمي لـ"العربي الجديد"، أنّ "زيارة الرئيس الفرنسي للمغرب لمدة يومين، تبدو مختلفة عن زيارته الأخيرة إلى الجزائر التي لم تتجاوز ساعتين من الزمن، وبالتالي هناك إشارات سياسية تبعثها باريس على أنّ المغرب يحظى بامتياز فرنسي وأوروبي أكثر من غيره في شمال أفريقيا".
اقرأ أيضاً: الرئيس الفرنسي يزور المغرب السبت القادم
ويضيف المحلل إشارة سياسية ثالثة، مفادها بأن "زيارة هولاند تأتي بعد زيارة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إلى المغرب، وإظهار دعمه الكبير للمملكة كشريكة رئيسية لفرنسا"، لافتاً إلى أنّ "هولاند قد يسعى إلى رفع سقف الشراكة أكثر، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي تكون فيها العلاقات مع المغرب ودول شمال أفريقيا حاضرة ضمن ملفات المنافسة".
ويتوقّع إسليمي، أن تكون زيارة هولاند واستقباله من قبل العاهل المغربي مدخلاً جديداً يعيد بناء العلاقات الاستراتيجية الثنائية في ملفين أساسيين، هما ملف التعاون الأمني، ثم الشراكة الاقتصادية بين الطرفين. ويرى إسليمي أن ملف التعاون الأمني في مكافحة الإرهاب، سيكون حاضراً بقوة في محادثاتهما، وبين المسؤولين المغاربة والفرنسيين، قياساً بحجم المخاطر التي تهدد فرنسا، واعتمادها على الخبرة الأمنية المغربية في مجال مكافحة الإرهاب. ويلفت إلى أنّ "الأجهزة الأمنية المغربية سبق أن حذّرت فرنسا من عمليات إرهابية، كانت ستضرب مقر الاستخبارات الفرنسية في باريس".
ويرجح أن يعمد هولاند إلى التشاور مع محمد السادس حول مستجدات وآفاق الأزمة السورية، "ففرنسا تبحث عن دعم عربي للقيام بضربات ضد الجماعات الإرهابية فوق الأراضي السورية، إذ يحظى الفرنسيون بدعم بريطاني ويحتاجون إلى دعم عربي".
أما في ما يتعلق بملف الشراكة الاقتصادية، فيشير المحلّل نفسه إلى أنّ "فرنسا تتصدر قائمة الدول التي تستثمر في المغرب، إذ يبلغ عدد شركاتها في البلاد ما يزيد عن 350". وفي السياق، يشير إسليمي إلى أنّ اختيار عقد اللقاء بين هولاند ومحمد السادس في طنجة له دلالة مرتبطة بمشاريع استثمارية فرنسية كبيرة في هذه المدينة. كما أن الشراكة بين البلدين ستمتد إلى مشاريع اقتصادية في غرب أفريقيا.
اقرأ أيضاً القرار الفرنسي بضرب "داعش": تحوّلٌ استراتيجي أم مزايدة سياسية؟