هوس

07 سبتمبر 2016
سيف وانلي / مصر
+ الخط -

كُنْتُ سابقا أبحثُ عن شيءٍ ما:
حَيَوَانٍ بَرِّيٍّ يُعامِلُني بأُلْفَةٍ،
نصٍّ يُشاكِسُني وقتَ الفراغِ والمَلَل،
غيمةٍ أبصُقُ في وجهِهَا فتنقُلُ صَرْختي للسماء،
كتابٍ لم أسمَعْ به لمؤلِّفٍ يرى العالمَ من إسْتهِ،
مطارٍ عابرٍ للقارَّات والأَجْناس،
عن ملائكةٍ تُحَيّيني لأنَّها تَعرِفُني ممّا دوّنَتْهُ في كتابَي اليَمينِ والشِّمال،
عمّنْ يُحبُّكَ دونَ مقابل- تجلِسُ أمامَهُ صامتًا منبهرًا كما لو كنتَ أمام دلفينٍ صغير.
كنتُ سابقًا أبحَثُ عن نفسي في مَزابلِ الخَليقة،
توقَّفْتُ فَجْأَةً عن هذا الهَوَسِ،
عَنْ جُذامِ التربيَةِ الذي يَزْكُمُ الأنُوفَ،
توَقّفْتُ عنْ كلّ ما مِنْ شأنهِ أنْ يَحُولَ بيني وبينَ الغُصْنِ والفَراشة،
بيني وبينَ النهرِ، بيني وبينَ السمكةِ والقُبْلةِ البَريئة،
بيني وبينَ الهواءِ، بيني وبينَ الإيقاعِ لا صداه،
بيني وبينَ أنْ تَبْحَثَ الأمواجُ والجذورُ والأشياءُ عنّي،
بيني وبينَ فكرةِ أنّ الموتَ
لا يَسْتَحِقُّ أكثرَ من بَصْقةِ الحياة
بيني وبينَ فَرْحَةِ كَلْبي بعَوْدَتِي.

بيرمنغهام في 3 شباط 2015


* شاعر عراقي مقيم في بولندا

المساهمون