تقاسمت الطفلة الفلسطينية ريهام العلمي (6 سنوات)، كسراتٍ من رغيف خبز، مع شقيقها الأصغر محمد (5 سنوات)، أثناء تناولهما طعام الغداء، بسبب عدم وجود مزيد من الخبز لدى العائلة التي تعيش داخل ساحة مدرسة للإيواء غربي مدينة غزة.
رفض الطفل محمد، باكياً، تقاسم رغيف الخبز مع شقيقته ريهام، رغم محاولات والديه لإقناعه بقبول أي بديل عن الخبز الذي بدأت تظهر في غزة بوادر أزمة توفره.
أثار الموقف غضب حنان، والدة الطفلين، وأخذت في معاتبة والدهما. "لا أعرف ماذا سنفعل غداً، في حال لم نتمكن من توفير خبز للأولاد؟! ألا يكفي (الجيش الإسرائيلي) قصف منزلنا في حي الشجاعية (شرق مدينة غزة) وتشريدنا، الآن يحرمون أبنائنا من لقمة الخبز".
وتقول لـ"العربي الجديد": "لو كانت الأوضاع طبيعية من دون حرب، لكنت صنعت قليلا من الخبز في البيت حتى نتغلب على هذه المشكلة، لكن المشكلة اليوم أنه لا يوجد خبز ولم يعد لدينا بيت وليس هناك كهرباء في غزة، والأوضاع الأمنية خطرة جداً".
ونزح عشرات الآلاف من سكان أحياء الشجاعية والزيتون والتفاح شرقي مدينة غزة، من منازلهم التي استهدفت المدفعية الإسرائيلية معظمها بشكل عنيف.
وأوقد الحاج رائد النبيه (56 عاماً)، ناراً في ساحة منزله في حي الشيخ رضوان شمالي غرب مدينة غزة، حتى تتمكن زوجته من صنع بعض الخبز، بعدما انتظر طويلاً أمام أحد المخابز دون الحصول على ما يكفي عائلته من الخبز.
وبدت علامات الحزن واضحة على وجه الحاج النبيه الذي قال لـ"العربي الجديد": "انتظرت طويلاً أمام أحد المخابز ولكن لا أستطيع أن أقضي يومي كله هناك، فهناك خطر كبير على حياتي، خصوصاً أن الطائرات الإسرائيلية باتت تقصف أي تجمع للفلسطينيين، كما أن هناك أزمة كبيرة في المخابز التي أغلق العديد منها أبوابه بسبب انقطاع التيار الكهربائي، وعدم توفر الدقيق".
وأعلنت الحكومة الفلسطينية توقف محطة توليد الطاقة لمدة عام كامل على الأقل، بفعل القصف الإسرائيلي الذي استهدف المولدات المركزية وخزانات الوقود في المحطة الوحيدة في قطاع غزة، صباح الثلاثاء.
يضيف النبيه: "في ساعات الصباح يصطف العشرات أمام المخابز القليلة التي تعمل حتى يتمكنوا من شراء ربطة خبز، بسبب الأزمة القائمة، وفي ساعات الليل لا يستطيع أحد التحرك في شوارع غزة، فالطائرات الإسرائيلية تستهدف كل متحرك، ولا ترحم أحداً".
ويصطفّ عشرات الغزيين، منذ ساعات الصباح الباكر، أمام مخابز القطاع، للحصول على بعض أرغفة الخبز، خشية تفاقم الأزمة وإغلاق المخابز أبوابها في وجه المواطنين، نظراً لانقطاع التيار الكهربائي بشكل كامل، وإغلاق كل المعابر مع إسرائيل.
ويقول عبد الرحمن عجور، صاحب أحد المخابز في مدينة غزة، لـ"العربي الجديد": "إن معظم المخابز لا تعمل بكل طاقتها في هذه الأيام، بسبب الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع، منذ 24 يوماً على التوالي".
ويعزو عجور تعطل المخابز إلى انقطاع التيار الكهربائي في غزة، الذي دفع أصحاب المخابز إلى تقليص ساعات عملها، وإغلاق المعابر التجارية في القطاع، وعدم إدخال غاز الطهي منذ فترة وظهور أزمة حقيقية في الغاز، إضافة إلى إغلاق كل المطاحن بسبب عدم توفر حبوب القمح.
وتحذّر جهات إنسانية وحقوقية من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، في ظل تواصل الحرب الإسرائيلية، وبوادر ظهور أزمة في الخبز.