انتهى العدوان الإسرائيلي على غزة، وترك مخلفات كثيرة، على مستويات عديدة. فمن الشهداء والجرحى، إلى المباني والمنشآت المدمرة، تبرز مشكلة أخرى تتعلق بالركام وما فيه من نفايات صلبة.
فبعد أكثر من 50 يوماً من الاستهداف، فقدت بعض أحياء غزة، كالشجاعية وبيت حانون، ملامحها بالكامل. وسدّ ركام أبنيتها الطرقات، وبات يشكل أزمة حقيقية لسكان القطاع.
وتتنوع شكاوى الأهالي، ما بين إغلاق الطرق، وتراكم أنقاض المنازل، وتسبب الأنقاض تدمير شبكات المياه، بالإضافة إلى اكتشاف مخلفات أخرى لصواريخ وقذائف إسرائيلية.
في هذا الإطار، يؤكد مدير قسم الصحة والبيئة في بلدية غزة، سهيل أبو عبده، أنّ البلدية، وبالتعاون مع وزارة الأشغال، استطاعت تجميع 500 ألف طن من النفايات الصلبة والركام. ووضعت البلدية الركام في منطقة جحر الديك شرق غزة، بهدف إعادة استخدامها.
يقول أبو عبده لـ"العربي الجديد": "قمنا بجهود كبيرة، لكن هناك مشكلات معقدة كمشكلة برج المجمع الإيطالي الذي ما زال جزءاً منه قائماً، ويحتاج إلى اجتماع لجنة خبراء، وتقرير إمكانية إعادة ترميمه أو إزالته".
ويتابع إنّ إمكانيات القطاع "لا تسمح حالياً بتدمير جزء بهذه الضخامة، لخطره على المنازل والمباني المجاورة له". ويشير إلى أنّ "مشكلة النفايات الصلبة لن تُحلّ في وقت قصير، وهي مرتبطة بموعد إعادة الإعمار".
من جهته، يرى الخبير البيئي، عبد الفتاح عبد ربه، أنّ النفايات الصلبة تشكل أزمة كبيرة. وتمتد مضار تلك النفايات من إغلاق الشوارع، إلى انتشار الآفات البيئية، وتدمير التربة الزراعية.
ويعبر عبد ربه عن اعتقاده أنّ آثار النفايات الصلبة والعضوية تلك "تحتاج إلى وقت طويل قد يمتد الى أشهر، من أجل التخلص منها". ويشرح لـ"العربي الجديد" تركيب هذه النفايات، فيقول إنّها "قد تحوي إشعاعات أو مواد سامة، وعليه يتوجب علينا التأكد من ذلك قبل التعامل معها". وفي حال وجود مواد سامة فيها، لا بدّ من استشارة خبراء دوليين.
ويرجح عبد ربه مثل هذا الاحتمال، خصوصاً أنّ الأطباء في مستشفى الشفاء، أكدوا أنّ إسرائيل استخدمت أنواعاً من الأسلحة المحرمة دولياً، وضمنها مواد إشعاعية.
من جانبه، يقول وزير الأشغال العامة والإسكان في حكومة الوفاق الفلسطينية، مفيد الحساينة، إنّ نحو 20 ألف وحدة سكنية دمرت كليّاً، أو بشكل بالغ يجعلها غير صالحة للسكن، جراء العدوان الإسرائيلي. فيما تضررت 40 ألف وحدة سكنية جزئياً. وتجاوز الركام الموجود في القطاع، بفعل عمليات الهدم ما يقارب 2.5 مليون طن.
ويؤكد الحساينة، وجود جهود حكومية مكثفة لحصر البيانات الأولية، المتعلقة بحجم الدمار وإعداد الخطط والبرامج اللازمة لإعادة إعمار قطاع غزة، بما في ذلك التنسيق بين المؤسسات المختلفة.
كما يؤكد المدير العام لعطاءات المركزية في وزارة الأشغال، عماد حمادة، أنه حتى اللحظة لم يتم الموافقة على أي قرار خاص بإزالة النفايات الصلبة، وتحديداً الركام الناتج عن تدمير المنازل والمباني والمصانع في قطاع غزة.
ويقول لـ"العربي الجديد": "لا نستطيع المجازفة بإزالة الركام، فقد تكون هنالك قذائف وصواريخ لم تنفجر تحت الأبنية، خصوصاً في الأحياء السكنية التي دمرت بالكامل كالشجاعية وبيت حانون".
ويشير حمادة إلى أن القطاع يعاني نقصاً في المعدات والمواد اللازمة لإزالة الركام. ويضيف: "طلبنا عبر عروض أسعار مؤسسات دولية، إمداد القطاع بتلك المعدات اللازمة، كما أننا بحاجة لمختصين دوليين".
ويتابع: "في حرب 2008 – 2009 أرسلت الأمم المتحدة مختصين لفحص الأبنية المدمرة من الاشعاعات والمواد السامة، ولم تتم إزالة الركام إلا بعد موافقتهم".