مفتتح
يقدّم المدى
رجالاً لا حريةَ
إن هو إلا الطريق المسفوع
تحت الشمس
يستمرّ الزمن دون
وقفة أو مخرج
على عالمٍ ينشطر
بين الآن و
الآن
تُخدّدُ الريح والمطر
الصخورَ
الهاجعةَ في الأرضِ
كالجماجم
صورةٌ ظليّة تنتصبُ
قبالةَ الضوء
في ممرٍّ
فاصلٍ بين الموت و
هنا
■ ■ ■
فندق روكي رام الله
28/2/2010
مواقع بناء تتكشّف
عن مشهد مدينة من خرائب
صور ظلّية في البعيد لعمّالٍ
يصبّون أحلامَ الإسمنت
عابرون وشاحنات وسيارات
والسيارة تلتصقَ بالأخرى
أوراق يورو ودولار مقابلَ شيكلات
في خلفية خشبة النطق بالإعدام
هناك وُسِّدتْ فلسطينُ
عند طرف قوس قزح
وعلى جدار غرفة النوم في الفندق
القدسُ داخلَ إطار مذهّب.
■ ■ ■
عين قنية
1/3/2010
يكتسي الربيع بخضرته
التي لا تنسى المنافي
كانتِ التلالُ قُطعاناً تطوفُ
تتأمّل العشبَ الطالع
امرأة وقفت بين أشجار الزيتون
تشيلُ بيديها الأموميتين
مريميةً وزعتراً بريّاً
والأعشاب المُطبِّبة
ينتشل المطرُ من التربةِ
كُنوزَه الخبيئةَ
البابونج والخشخاش وبخور مريم
سجادةً من البكاء
ينزفُ دمُ الأرض المخضبة بالأحمر
فوقَ سرير الحصى
بينما تقتلعُ الريحُ
صنوبر المستعمرات
تقتفي طبقات الصخر المطويةُ
آثارَ خطوط الزمن
كلّما أزاحتِ المحيطاتُ
الجبالَ من أمام الإنسان.
■ ■ ■
الربوة
2/3/2010
أرضُ الشاعرِ في كلّ مكان
تحت عشب الخريف الجاف
حول شاهدة القبر
ناهضةٌ تلالُها
هرمٌ زجاجيٌّ على مقاس الإنسانِ
ضمَّ الزهرَ والتّذكارَ
وشيئاً من يانعِ القمح الأخضر
صانَه منَ السماء الطارئة
قبالةَ "قصر الثقافة"
تُعلنُ الأعلامُ الرثيثةُ
مِن على ساريتِها
اللاشيءَ
ما وراءها ثمة الحارس المسلَّح
يؤدي أعماله الرتيبة
وبعض كلابٍ تنبشُ حاويةَ القمامة
باحثة عن الطعام
أزيز المحركات
نداء الطيور المتوحّدة
صخبُ البلدة
يندلق من على المرتَفَع
ههنا ترقد عظام الابنِ
وقد غسلتها دموع الأمهات
حيث غابتِ الشمسُ
ويتورّدُ الضوءُ من بين الحجارة.
■ ■ ■
نابلس
3/3/2010
تلتوي الطرقات وتلتفّ
على خواصر الجبل
كما الحال مع أمعاء الحيوان
وفي اسودادها بفعل دخان السيارات
تندمج وجوه الصخر
مع وجوه البيوت
وجوه ترنو إلى الحيطان
بأعينٍ هي أعين الشهداء
المفتوحة بين عالَمَين
في كلّ مساء ثمة الأولاد
بركَبِهم المليئة بالبثور
يوشوشون للثورة
التي وسّدوها مهودَ أذرعتهم النحيلة
تنضم الأم إلى موكب
زفاف البنات
ومآتم الأبناء
في عمق الليل
تطلق الدورية النارَ
على شبحٍ طائر
من فم فاغر تأتي
فواصلُ الصمت ما بين الكلمات
الدفينةُ كما الحجارة
■ ■ ■
الدْهَيْشة
4/3/2010
طابقاً بعد طابق
يتكوّم اللاجئون
تحت السماء
أولاد من المخيّم
يسمعون أجدادَهم
في اقتفائهم المدَّ والجزْر
على امتداد إسفلت الأزقة
تسترجعُ الخطى
ممراتِ القرية
لم يزل كلّ لسان يتحسس
آثار طعم حليب الأمّ
وملح البحر
تتخذ الذكرياتُ
هيئة أصداف البحر
مرئيةً في الآذان
تطلّ الشبابيك
على شبابيك أخرى تواجه
منارة الضوء الزائلة
لا فرعَ هنا
يتخلّى عن آخرٍ
اقتُلعَ من موطنه
في مأوىً يعقب مأوىً
تلطمُ أمواجُ "النكبة"
الجدرانَ الفاصلة.
Yves Berger شاعر ورسام ولد عام 1976 في جبال الألب الفرنسية. نشأ بين القرويين والمزارعين في مسقط رأسه، وتعرف إلى الفنانين الذين كانوا يزورون والده جون بِرجِر (معه في الصورة). وكان هذا الجو المميز الأرضية التي نما عليها وتطور خلال السنوات العشرين الأخيرة. وانطلاقاً من نفس هذه الجذور والتفرعات حقق عمله قفزة نوعية إلى وسائط بصرية مختلفة كالرسم والحفر والنحت. هذه المراقبة الحساسة المبنية على التجربة للعالم تظهر في العديد من كتاباته ومقالاته وكتبه الشعرية. إحدى مجموعاته الشعرية صدرت ترجمتها بالعربية تحت عنوان "اليوم الذي يُدعى غداً - إلى فلسطين" عن دار الفيل في القدس المحتلة عام 2009.
* ترجمة من الفرنسية إلى الإنكليزية جون برجر، ومن الإنكليزية إلى العربية: أحمد م. أحمد.