هموم شعرية: مع محمّد الخالدي

31 يناير 2019
محمد الخالدي
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته ولا سيما واقع نشر الشعر ومقروئيته


■ من هو قارئك؟ وهل تعتبر نفسك شاعراً مقروءاً؟
المقروئية نسبية، وهي مرتبطة بتوفّر منابر النشر ومدى إشعاعها. شخصيّاً، أنا مدين في انتشار اسمي عربياً إلى منابر واسعة الانتشار كمجلة الآداب البيروتية التي نشرتُ فيها منذ السبعينيات من القرن الماضي. ومن المنابر الأخرى التي ساهمت في التعريف بي مجلتا "الأقلام" و"آفاق عربية" العراقيّتان أثناء إقامتي في بغداد. بالإضافة إلى منابر أخرى عربية وتونسية كـ"كتابات معاصرة" (لبنان) ومجلة "عمّان" (الأردن) و"الحياة الثقافية" (تونس).


■ كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر؟ ومن هو الناشر الذي تحلم به لشعرك؟
علاقتي مع الناشرين محدودة. فمجموعتاي الأولى والثانية صدرتا في بغداد عن وزارة الثقافة. ثم انقطعتُ عن النشر طيلة 19 سنة. وإن لم أنقطع عن الكتابة. وبعد عودتي مطلع التسعينيات من جنيف التي قضيت فيها عشر سنوات، بدأت بنشر أعمالي المتراكمة على حسابي الخاص، كأغلب الكتّاب والشعراء آنذاك، وذلك لانعدام وجود ناشر بالمعنى الحضاري للكلمة. وفي السنوات العشر الأخيرة، ظهر ناشرون جدد من الشباب. وهؤلاء تربطني بهم علاقة جيّدة.


■ كيف تنظر إلى النشر في المجلات والجرائد والمواقع؟
النشر في الجرائد والمجلات لم يعد له لا البريق ولا القيمة التي كانت له في ما مضى، فالجرائد لا تنشر الشعر وإذا فعلت فإنها تنشر الرديء منه. أما المجلات المهمة كـ"الآداب" فقد اختفت. ما تبقى لا يرقى إلى مستوى المنابر التي ذكرتها في إجابتي عن السؤال الأوّل.


■ هل تنشر شعرك على مواقع التواصل الاجتماعي؟ وكيف ترى تأثير ذلك على كتاباتك أو كتابة زملائك ممّن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟
شخصياً، لا أنشر شعري على وسائل التواصل الاجتماعي حيث يختلط الحابل بالنابل. وما أقرأه لا تأثير له يذكر على كتاباتي. فمصادر ثقافتي تضرب عميقاً في آداب وحضارات نائية أحياناً بحكم اهتمامي بالتصوّف والديانات الشرقية كالبوذية والهندوسية والطاوية، بالإضافة، بالطبع، إلى الموروث العربي.


■ من هو قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟
هم الشعراء بالدرجة الأولى والطلاب بنسب أقل، لأن "المبدعين" الآخرين من روائيين ورسامين وموسيقيين ومسرحيّين لا علاقة لهم بالشعر عكس ما نرى في الأمم الأخرى، بل منهم من يناصبه العداء، خصوصاً من أشباه الرّوائيين، ومع ذلك فإن عدد الشعراء ما انفك يتضخّم. وهذه مفارقة.


■ هل توافق من يقول: إن الشعر المترجم من اللغات الأخرى هو اليوم أكثر مقروئية من الشعر العربي. ولماذا؟
من قال ذلك؟ وباعتباري من مترجمي الشعر إلى اللغة العربية أستطيع الجزم بأن نسبة مقروئية الشعر المترجم لا تشكل عُشر مقروئية الشعر العربي. كنت سأوافق على هذا الرّأي لو تعلق الأمر بالرّواية مثلاً.


■ ما هي مزايا الشعر العربي الأساسية وما هي نقاط ضعفه؟
مزاياه كثيرة. فهو مرآة الأمة ورمز هويتها والمعبّر عن آلامها وطموحها. ويكفي أن نتذكر بأن العرب أمة شاعرة وأنهم اعتبروا الشعر ديوانهم لندرك أهميته بالنسبة إليهم. لقد نعى الكثير من الجهلة الشعر، مبشّرين بعصر الرّواية. لكن ما حدث هو العكس، إذ تلبّس الشعر الرّواية. أما نقاط ضعفه فتتمثل في الشعراء، لا فيه هو.


■ شاعر عربي تعتقد أن من المهم استعادته اليوم.
أنا سليل المدرسة الرمزية اللبنانية ومن الشعراء الذين علينا استعادتهم إلياس أبو شبكة. ومن الرّواد خليل حاوي الذي غُبن في حياته ومماته، إذ تهيّبه النقاد فلم يجرؤوا على سبر أغوار تجربته الفذة لعمقها ونأيها عن المألوف والسائد.


■ ما الذي تتمناه للشعر العربي؟
أن ينفتح على الأشكال التعبيرية الأخرى ويستفيد منها، وهو ما أحاوله شخصياً منذ عقود من خلال قراءاتي لأعمال موسيقية وتشكيلية شعراً، واستخدام تقنية السرد في الكثير من قصائدي، الأمر الذي قادني، وبشكل تلقائي، إلى الرّواية.


بطاقة
شاعر وروائي ومترجم تونسي من مواليد 1948 بالمتلوي (جنوب غرب تونس). أقام في العراق بين 1972 و1983 ثم في سويسرا بين 1983 و1992. من إصداراته الشعرية: "قراءة الأسفار المحترقة" (1974)، و"المرائي والمراقي" (1997)، و"قصائد الشبيه" (2007)، و"ديوان مدينة الأنقاض" (2009)، و"الرّافل في أسمائه" (2016). من إصداراته الأخرى: "الحفيدة" (رواية، 2013)، و"الإبداع والتجربة الروحية: رؤية مغايرة" (دراسة، 2015)، و"التنين المجنح: نصوص طاوية" (ترجمة، 2012).

المساهمون