ويحذر محللون إعلاميون وعاملون في الداخل من أن الوباء سيكون له تأثير طويل الأمد على الحياة الثقافية في بريطانيا، ويتوقعون أن التغييرات في سلوك المستهلك، التي كان من المفروض أن تستغرق أكثر من خمس سنوات، قد تكون حدثت في خمسة أسابيع، ومن غير المرجح أن يعود العديد من الأشخاص بالكامل إلى حياتهم السابقة قبل الإغلاق.
التلفزيون: جمهور كبير، أرباح قليلة، وبرامج تنفذ
تزايدت جماهير القنوات التلفزيونية التقليدية مع ارتفاع عدد البريطانيين العالقين في المنزل، مع مستويات مشاهدة أعلى مما كانت عليه في أعياد الميلاد. كان من الآثار الجانبية غير المتوقعة للوباء الزيادة الهائلة في المشاهدة بين المراهقين، مما يشير إلى عودة مشاهدة العائلات للتلفزيون معاً.
مشكلة القنوات التجارية هي أنه لا يوجد سوى عدد قليل جدًا من الإعلانات لعرضها على هذه الجماهير الموسعة، إذ تقوم الشركات بتخفيض ميزانياتها التسويقية قبل الركود الوشيك. ونقلت الصحيفة عن أحد المطلعين أن الإعلانات التلفزيونية البريطانية انخفضت بنسبة 40 في المائة للأشهر الثلاثة بين مارس/آذار ويونيو/حزيران.
وقال الرئيس التنفيذي لوكالة "ميديا كوم"، ستيفن ألان، مشيراً إلى زيادة عدد الجماهير المتاحة للمعلنين وانخفاض عدد الشركات التي ترغب في شراء إعلانات للوصول إليها: "الطريقة التي يعمل بها سوق الإعلام هي العرض والطلب"، "ما تواجهه وسائل الإعلام هو عاصفة مثالية، حيث ارتفع العرض بشكل كبير ولكن الطلب انخفض". وقال إنه بينما يتحدث بعض عملائه عن زيادة إنفاقهم الإعلاني عندما ينتهي الإغلاق، فإنه يخشى أن تنفد البرامج الجديدة من القنوات لجذب الجماهير.
ويوضح توم هارينغتون من شركة "إندرس أناليسيس"، بحسب ما تنقل الصحيفة نفسها أنه "لمدة عامين على الأقل، سترى أموالاً أقل على الشاشة". ويضيف أن الممثلين والمخرجين سيلتزمون بتصوير مشاريع متعددة بجداول تتداخل الآن. وقال أيضاً إن حوالي 40% من أشهر ألف عرض في المملكة المتحدة عبارة عن حلقات من مسلسلات، يمكن أن تسقط قريباً ما لم يستأنف الإنتاج.
وفي الوقت نفسه، أكدت مصادر ITV التقارير التي تفيد بأن تصوير برنامج تلفزيون الواقع Love Island، أحد أهم مصادر أرباح القناة، تأخر حتى أغسطس/آب على أقرب تقدير، ويمكن حتى تصويره في المملكة المتحدة بدلاً من جزيرة إسبانية. وخفضت القناة الرابعة ميزانيتها البرنامجية بمقدار الربع لضمان البقاء، مما أثار مخاوف من أن انهيار الميزانيات سيعني إنتاجاً تلفزيونياً بريطانياً أقل تميزاً.
الصحف تواجه خطر الإغلاق مع فرار المعلنين
تواجه صناعة الصحف البريطانية تهديداً وجودياً، إذ حذّر الاتحاد البريطاني للصحافيين من أن العديد من الصحف ستغلق بشكل دائم نتيجة للوباء، وسيفقد آلاف الصحافيين وظائفهم. وتشهد مواقع الجرائد مستويات قياسية من القراء لكن مع القليل من الإيرادات. قام المعلنون بتخفيض الميزانيات أو منع ظهور عروضهم الترويجية جنباً إلى جنب مع القصص المتعلقة بفيروس كورونا، وهناك أيضاً مؤشرات على أن جماهير الأخبار بدأت في الانخفاض بعدما اعتاد الناس على الحجر.
وغالباً ما يتم دعم المواقع المجانية من خلال مبيعات المطبوعات، لكن هذا النموذج يتعرض لضربة قوية، فقد انخفضت مبيعات الصحف البريطانية بنحو الخُمُس، وبدأ موظفون بالتغريد لحث الناس على شراء الصحف الورقية في محاولة لزيادة المبيعات. وانخفضت عائدات الإعلانات المطبوعة بنحو 80% منذ بداية الوباء. الوضع في الصحف المحلية، التي تعتمد على الشركات المحلية الصغيرة للإعلانات، والتي كانت تكافح حتى قبل الأزمة، أسوأ. تقريباً كل ناشر بريطاني كبير، بما في ذلك "ذا غارديان"، قام بتسريح بعض الموظفين في محاولة للتغلب على العاصفة.