هذا الاحتمال على الأقل في نظر بعض نخب الحزب الديمقراطي ومؤيديه من الليبراليين المترددين أصلاً بشأن ترشيح جو بايدن والمتخوفين من غياب هذا الأخير عن الصورة بحكم العزل العام وتوقف الحملة الانتخابية. خصوصاً وأن الفيروس ترك الميدان للرئيس دونالد ترامب، من خلال مؤتمره الصحافي اليومي الذي يظهره في الموقع القيادي ولو المتخبط للحملة وبما يصب في تعزيز وضعه الانتخابي. وآخر الاستطلاعات أكدت ذلك حيث وصل رصيده إلى حوالي 50%.
لكن كومو كسر احتكار الرئيس للأضواء بعقد مؤتمر صحافي يومي هو الآخر، يستعرض خلاله آخر تطورات الفيروس في نيويورك. وقد حظي أداؤه بتقدير واسع لما انطوى عليه من رؤية متماسكة ولافتة ومن موضوعية وصدقية في شرح الحقائق وإطلاق الإرشادات والتحذيرات والتوقعات المبنية على تقديرات وقراءات طبية ثبتت صحتها.
كما استقطب الاهتمام في تفنيده لمعلومات البيت الأبيض ومزاعمه التي تراجع عنها الرئيس نفسه لعدم جديتها وجدواها. الأمر الذي أدى إلى تنافر وتراشق يومي بين الرئيس والحاكم الذي بدا وكأنه ندّ رئاسي لترامب.
صرخته للاستدراك قبل فوات الأوان وصحة استشرافه لمآل الكارثة ومستلزمات احتوائها ولو المتأخر قدر الإمكان، حملت جهات مختلفة للتنويه بكفاءته القيادية التي تحتاجها اللحظة الحرجة الراهنة. فالاجتياح كاسح. والدنيا الأميركية مقلوبة. حوالي ثلثي الولايات المتحدة الآن (228 مليون نسمة) يعيش في السجن المنزلي الذي تمددت فترته حتى آخر إبريل/ نيسان القادم بعد أن حذرت المراجع الصحية الرئيس ترامب من خطر وصول عدد الوفيات إلى أكثر من مليونين لو رفض تمديد العزلة وتعطيل العمل في معظم المؤسسات.
احتمال غير مستبعد في ضوء تزايد عدد الإصابات خمسة أضعاف في غضون أسبوع واقترابه من 150 ألف حالة ووصول الضحايا إلى قرابة 2500. هذا والانفجار الكبير لم يحصل بعد. وهو متوقع خلال الأسبوعين أو الأربعة القادمة، فيما لا تزال التحضيرات قاصرة عن استباق الكارثة. فحتى اللحظة لا تزال عملية الفحص العام في بداياتها بأحسن الأحوال. كما لا يزال النقص فادحاً في عدد أجهزة التنفس وغيرها من اللوازم الطبية الأولية والضرورية الشحيحة والتي بدأ استيرادها من الصين.
أمس وصلت أول شحنة صينية إلى نيويورك. تتبعها عشرات الشحنات هذا الأسبوع. واقع ينذر بكارثة هائلة.
في ضوء هذه الصورة القاتمة، بدأ يتردد اسم كومو "كرجل الساعة" الديمقراطي لضمان الفوز ضد الرئيس ترامب. كُتبت مقالات بهذا المعنى وجرى نوع من الترويج له كبديل عن المرشح شبه المضمون جو بايدن، الذي حجب الانشغال بكورونا سيرته تماماً، بحيث بقي ترامب بدون منافس.
وقد يبقى الأمر كذلك إلى وقت ما في الصيف القادم. مما أثار المخاوف في الصف الديمقراطي الذي راح البعض منه يجس النبض حول إمكانية استبدال بايدن بكومو. الاحتمال بعيد. لكنه مطروح وإن في نطاق ضيق حتى الآن. ولقطع الطريق عليه تحرك فريق بايدن في اليومين الأخيرين لإعادة تحريك حملته وتأكيد حضوره من جديد عبر ترتيب مقابلات إعلامية معه عبر الأقمار الصناعية من بيته.
عودة تعكس مدى القلق من غيابه القسري عن الساحة. كما تجددت المحاولات لحمل المرشح بيرني ساندرز على إعلان الانسحاب لمصلحة بايدن، بحيث يتعزز وضعه كمرشح نهائي للحزب. كومو شدد اليوم بأنه "ليس مرشحاً" للرئاسة. وهذا هو المرجح. لكنه لم يقل إنه "لن" يترشح.
القرار الأخير في هذا الخصوص يبقى للفيروس ومدى إقامته وخسائره. فإذا طالت غزوته وأصيبت حملة بايدن بالشلل، تصبح كل السيناريوهات واردة أمام الحزب الديمقراطي الذي تردد أوساطه بأنه لا يقوى على خسارة الانتخابات. ومنها المرشح البديل. خاصة وأن حضور كومو وظهوره الإعلامي اليومي الموفق، يجعله بمثابة مرشح لا ينقصه غير الإعلان الرسمي.