تتجه حركة "التوحيد والإصلاح" المغربية، الذراع الدعوية لحزب "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة، إلى ترك العمل السياسي وتعميق طابعها الدعوي، بما يعني ابتعاداً أكبر عن الحزب الحاكم، بعد الأزمة التي أصابته إثر رفض التجديد لعبد الإله بنكيران على رأسه وانتخاب سعد الدين عثماني بدلاً له، الأمر الذي فرض على الحركة الانحياز لصالح طرف على حساب آخر داخل "العدالة والتنمية". هذا التوجّه الجديد للحركة "نابع من قناعة فكرية"، كما يقول رئيسها عبد الرحيم شيخي لـ"الأناضول"، فيما يرى محللون أن "التوحيد والإصلاح" لم تعد قادرة على استيعاب التقلّبات السياسية وتغوّل الموضوع الحزبي على أجندتها.
وأطلقت الحركة منذ يوليو/ تموز 2016 برنامج مراجعة ميثاقها، قبل أن تخلص إلى التخلي عن العمل السياسي، ويُنتظر أن تطرح توجهها الجديد للمصادقة عليه في مؤتمرها العام المقرر بين 3 و5 أغسطس/آب الحالي. وتشمل التعديلات المقترحة في ميثاقها وضع قسم باسم "مداخل الإصلاح" مكان قسم "مجالات العمل"، بينما يتضمن ميثاقها، المعتمد منذ عام 1998، "المجال السياسي"، وهو بين 10 مجالات للعمل.
ومنذ ولادتها، أعلنت حركة "التوحيد والإصلاح" تبنّيها خيار التمايز بين ثنائية "الدعوي والسياسي"، لكنها هذه المرة تطمح إلى التخلي كلياً عن العمل السياسي. ويقوم خيار التمايز، وفق أدبياتها، على شراكة استراتيجية بين الهيئتين الدعوية (الحركة) والسياسية (حزب العدالة والتنمية) باعتبارهما شريكين في مشروع إصلاح واحد، والتمايز يشمل الوظائف ومجالات العمل والخطاب والرموز.
وعن توجّه الحركة في المرحلة المقبلة بعد مؤتمرها العام، يقول رئيسها، عبد الرحيم شيخي، لـ"الأناضول"، إن "الحركة ستعمل على ترسيخ التمييز بين ما هو سياسي ودعوي على المستوى التصوري والفكري، وكذلك تعميق التمايز بين ما هو تنظيمي حركي وما هو حزبي، بما يقتضيه ذلك من استقلالية للحركة في اختياراتها وقراراتها ومواقفها واختيار مسؤوليها وتمويلها عن أي جهة حزبية".
ويوضح أن "توجه الحركة نحو عدم التعاطي بالسياسة، كشأن حزبي يومي، هو توجّه نابع من قناعة فكرية واجتهاد في العمل الإسلامي الحديث مغاير لما اعتمدته أغلب الحركات الإسلامية الحديثة". ويضيف أن "التغييرات على الميثاق تزيل اللبس، وتسهم في المزيد من الوضوح، وتفتح المجال لبناء علاقات التعاون والشراكة مع كل الفاعلين في ميادين الإصلاح المختلفة".
وبخصوص العلاقة مع حزب "العدالة والتنمية"، يقول شيخي إن "مراجعتها (هذه العلاقة) مطروحة للتدارس والتداول، وهناك إجمالاً اتجاه خلال المرحلة المقبلة نحو مزيد من التعميق لهذا التمايز إلى أبعد مدى ممكن".
اقــرأ أيضاً
وتعليقاً على التوجّه الجديد للحركة، يرى الباحث المغربي في العلوم السياسية، عز الدين العزماني، أن "تجربة حزب العدالة والتنمية بانتقاله من المعارضة إلى قيادة الحكومة تفرض هذا التوجّه الجديد". ويضيف في حديث لـ"الأناضول" أن "الحركة لم تعد قادرة على استيعاب سرعة السياسي ومجاراة تقلُّباته، والتي تكون في الغالب على حساب ما تراه اختصاصاتها المباشرة".
ويشير إلى "أننا لاحظنا كيف تغوّل الموضوع الحزبي على أجندة الحركة، خصوصاً بعد بروز واضح لتيارات متمايزة داخل الحزب، ما فرض على الحركة الانحياز لصالح طرف على حساب آخر، كما تبنّى الحزب مواقف قد لا تتماشى مع توجّهات الحركة". ومنذ تشكيل حكومة سعد الدين العثماني، في إبريل/نيسان 2017، يعاني "العدالة والتنمية" من خلافات حادة بين قيادته، لا سيما مع رفض المجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب)، في 26 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مقترحاً لتعديل نظامه الداخلي، بما يسمح بترشح عبد الإله بنكيران لولاية ثالثة على رأس الحزب.
ويرى العزماني أن "تفكير الحركة بالتخفيف من تغوّل الحزبي على عملها هو خطوة استباقية لما قد تنتهي إليه تجربة حزب العدالة والتنمية في التسيير الحكومي". ويعتبر أن "هذا التخفيف يظهر واضحاً في تعديل صيغة مجالات العمل، التي تشمل السياسة، إلى صيغة ميادين الإصلاح، التي يمكن مباشرتها إذا توفرت الشروط لذلك، في حين تبقى التخصُّصات الأساسية (التربية والدعوة والتكوين والفكر) محدّدة لهوية الحركة المدنية". ويلفت إلى أن "خيارات الحركة ومبادراتها وعملها المدني تحديداً، هو ما سيساهم في التخفيف عملياً، وبشكل طبيعي وتدريجي، من تغوّل السياسي، دون التقليل من أهمّية التدقيق المفاهيمي والتّصوري".
من جهته، يرى الكاتب المغربي سلمان بونعمان، أن "تعديلات الحركة تمثّل تدقيقاً في هويتها، باعتبارها حركة اجتماعية دينية هوياتية تعمل في المجتمع بأدوات العمل المدني". ويعتبر في حديث لـ"الأناضول" أن "الحركة لا يمكن أن تخرج من المجال السياسي بمفهومه العام، وهو الاهتمام بقضايا الوطن والمواطنين، لكنها يجب أن تُحدث فصلاً حقيقياً مع الشأن الحزبي، وأن لا ترتهن إلى سقفه القائم على التفاوض والتوافق والإكراهات والملابسات".
(الأناضول)
وأطلقت الحركة منذ يوليو/ تموز 2016 برنامج مراجعة ميثاقها، قبل أن تخلص إلى التخلي عن العمل السياسي، ويُنتظر أن تطرح توجهها الجديد للمصادقة عليه في مؤتمرها العام المقرر بين 3 و5 أغسطس/آب الحالي. وتشمل التعديلات المقترحة في ميثاقها وضع قسم باسم "مداخل الإصلاح" مكان قسم "مجالات العمل"، بينما يتضمن ميثاقها، المعتمد منذ عام 1998، "المجال السياسي"، وهو بين 10 مجالات للعمل.
وعن توجّه الحركة في المرحلة المقبلة بعد مؤتمرها العام، يقول رئيسها، عبد الرحيم شيخي، لـ"الأناضول"، إن "الحركة ستعمل على ترسيخ التمييز بين ما هو سياسي ودعوي على المستوى التصوري والفكري، وكذلك تعميق التمايز بين ما هو تنظيمي حركي وما هو حزبي، بما يقتضيه ذلك من استقلالية للحركة في اختياراتها وقراراتها ومواقفها واختيار مسؤوليها وتمويلها عن أي جهة حزبية".
ويوضح أن "توجه الحركة نحو عدم التعاطي بالسياسة، كشأن حزبي يومي، هو توجّه نابع من قناعة فكرية واجتهاد في العمل الإسلامي الحديث مغاير لما اعتمدته أغلب الحركات الإسلامية الحديثة". ويضيف أن "التغييرات على الميثاق تزيل اللبس، وتسهم في المزيد من الوضوح، وتفتح المجال لبناء علاقات التعاون والشراكة مع كل الفاعلين في ميادين الإصلاح المختلفة".
وبخصوص العلاقة مع حزب "العدالة والتنمية"، يقول شيخي إن "مراجعتها (هذه العلاقة) مطروحة للتدارس والتداول، وهناك إجمالاً اتجاه خلال المرحلة المقبلة نحو مزيد من التعميق لهذا التمايز إلى أبعد مدى ممكن".
وتعليقاً على التوجّه الجديد للحركة، يرى الباحث المغربي في العلوم السياسية، عز الدين العزماني، أن "تجربة حزب العدالة والتنمية بانتقاله من المعارضة إلى قيادة الحكومة تفرض هذا التوجّه الجديد". ويضيف في حديث لـ"الأناضول" أن "الحركة لم تعد قادرة على استيعاب سرعة السياسي ومجاراة تقلُّباته، والتي تكون في الغالب على حساب ما تراه اختصاصاتها المباشرة".
ويرى العزماني أن "تفكير الحركة بالتخفيف من تغوّل الحزبي على عملها هو خطوة استباقية لما قد تنتهي إليه تجربة حزب العدالة والتنمية في التسيير الحكومي". ويعتبر أن "هذا التخفيف يظهر واضحاً في تعديل صيغة مجالات العمل، التي تشمل السياسة، إلى صيغة ميادين الإصلاح، التي يمكن مباشرتها إذا توفرت الشروط لذلك، في حين تبقى التخصُّصات الأساسية (التربية والدعوة والتكوين والفكر) محدّدة لهوية الحركة المدنية". ويلفت إلى أن "خيارات الحركة ومبادراتها وعملها المدني تحديداً، هو ما سيساهم في التخفيف عملياً، وبشكل طبيعي وتدريجي، من تغوّل السياسي، دون التقليل من أهمّية التدقيق المفاهيمي والتّصوري".
من جهته، يرى الكاتب المغربي سلمان بونعمان، أن "تعديلات الحركة تمثّل تدقيقاً في هويتها، باعتبارها حركة اجتماعية دينية هوياتية تعمل في المجتمع بأدوات العمل المدني". ويعتبر في حديث لـ"الأناضول" أن "الحركة لا يمكن أن تخرج من المجال السياسي بمفهومه العام، وهو الاهتمام بقضايا الوطن والمواطنين، لكنها يجب أن تُحدث فصلاً حقيقياً مع الشأن الحزبي، وأن لا ترتهن إلى سقفه القائم على التفاوض والتوافق والإكراهات والملابسات".
(الأناضول)