هل يحظر النقاب في الأماكن العامة بمصر؟

06 نوفمبر 2018
هنّ معنيّات بالجدال (فرانس برس)
+ الخط -


تجدّدت مطالب حظر النقاب في الأماكن العامة ومؤسسات الدولة في مصر أو أيّ لباس يخفي هويّة الشخص في مكان العمل، من قِبل عدد من أعضاء مجلس النواب المصري، على غرار تونس والجزائر. وأثارت تلك المطالب تساؤلات عن ذلك الحظر، وسبب خشية الحكومة المصرية من ارتداء النساء للنقاب.

وارتفعت وتيرة الجدال، عقب إعلان البرلمانية غادة عجمي عن تقدّمها باقتراح لحظر النقاب في الأماكن العامة، وثمّة توقعات بانتهاء مجلس النواب قريباً من وضع مشروع قانون يقضي بمنع ارتداء النقاب كلياً في المؤسسات الحكومية، بزعم مواجهة الإرهاب والتطرّف. ويتوقّع مراقبون أن يواجَه القانون برفض شديد من قبل تيار الإسلام السياسي ونوّاب حزب النور، مشيرين إلى أنّ هذه المطالب غير مشروعة وتنتقص من الحرية الشخصية للأفراد، ومؤكدين أنّ النقاب يأتي من صلب الشريعة الإسلامية وحظر ارتدائه مخالف للشريعة.

وكان عدد من أعضاء مجلس النواب في مصر قد شنّوا هجوماً عنيفاً على ارتداء النقاب في مؤسسات العمل، مشيرين إلى أنّه ليس من مقتضيات الشريعة الإسلامية ولا من مطالب الدين ولا حتى فريضة يجب على المسلمين الالتزام بها. وقاد البرلماني محمد أبو حامد حملة في المجلس لإقرار قانون بحظره في كل المؤسسات الحكومية، أسوة بقرار رئيس جامعة القاهرة السابق بمنع دخول الطالبات المنقبات إليها. وهو الأمر الذي حثّت عليه الداعية وعضو مجلس النواب الدكتورة آمنة نصير، قائلة إنّ النقاب تسبّب في عمليات إرهابية وهو يضرّ بالصالح العام ويؤثّر على السِلم والأمن المجتمعي ويهدد المواطنين وأمن الدولة، مضيفة أنّه ليس من صلب الشريعة الإسلامية إنّما هو عادة يهودية تجذّرت في الجزيرة العربية بين القبائل اليهودية والعربية قبل الإسلام.




في السياق، يؤيّد عضو مجلس النواب، بدوي النويشي، فكرة منْع ارتداء النقاب في داخل مؤسسات الدولة، مؤكداً أنّها تحتاج إلى قانون، مضيفاً "مش كل اللي لابسين نقاب كويّسين... لست مقتنعاً به". ويتابع أنّ "النقاب استخدم في خلال الفترة الأخيرة للتستّر على الجرائم وبعض الأعمال غير الشرعية والعمليات الإرهابية الخسيسة التي راح ضحيتها بعض الشهداء المصريين"، موضحاً أنّ "الهدف الرئيسي من ارتداء النقاب هو التحشّم، لكنّ البعض يستخدمه كوسيلة لارتكاب أفعال غير شرعية". ويشدّد على أنّه "نحن في حاجة إلى أن نعرف مع من نتعامل"، في إشارة إلى موظفات الدولة.

كذلك يهاجم عدد من علماء الدين في مصر النقاب، ويطالب أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، سعد الدين الهلالي، بمنع النقاب، إذ إنّ المسألة فقهية وليست دينية وقد اختلف الفقهاء حولها، مشدداً على ضرورة منع النقاب في المصالح والأماكن العامة. من جهته، يقول الأستاذ في جامعة الأزهر، الدكتور مبروك عطية: "أحزن كلما رأيت سيدة ترتدي النقاب"، ويصفها بأنّها "معدومة الأنوثة".

في المقابل، يستنكر الباحث الإسلامي خالد الأصور، إصدار قانون لمنع المنقّبات من العمل في المؤسسات العامة للدولة، مشيراً إلى أنّ مجلس النواب غير معنيّ بهذا الأمر على الإطلاق وأنّ النقاب حرية شخصية. ويوضح أنّ الأزهر هو المنوط بالفصل في القضايا الشرعية، مضيفاً أنّ شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أكد من قبل أنّ النقاب ليس فريضة أو سنّة، وهو أمر مباح فقط، وهو مثل "ساعة لبستها أو خلعتها"، بالتالي يصير النقاب اختياراً شخصياً. ويتابع أنّه في الإمكان اللجوء إلى إجراءات تنظيمية لحماية الأمن العام، عبر اتخاذ الاحتياطات اللازمة في بعض مؤسسات الدولة وإلزام المنقّبة بالتعريف عن نفسها في أماكن لائقة بواسطة نساء. ويصحّ في بعض الأحيان توقيفها في حال كانت بموضع شبهة. ويرفض الأصور الهجوم الجارح من قبل البعض على المنقّبات، قائلاً إنّها انتقادات لا تصحّ، إذ إنّ لكلّ امرأة الحرية في الخروج من منزلها بالطريقة التي تراها مناسبة، شريطة أن تكون محتشمة. ويلفت إلى أنّ ثمّة نساء يرفضنَ الكشف عن وجوههنّ بالنقاب، وهذا حقّ لكلّ واحدة وجب احترامه.




ويدور جدال واسع بين المصريين حول منع النقاب في المصالح الحكومية عموماً، لا سيّما مع توقّعات بصدور قرار حكومي رسمي بذلك. وعبّر كثيرون عن آرائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، فرأى فيها معارضون للقرار خطوة خطرة وانتهاكاً لحرية الأفراد وإقصاءً متعمداً لفئة من المصريين. وأشار ناشطون على تلك المواقع إلى أنّ الهدف من تلك الخطوة سياسي بحت، للتضييق على التيارات الإسلامية.
دلالات