هل يجرؤ ترامب على تهريب "برانسون" من تركيا؟
كر وفر وتهديدات متصاعدة.. هذا هو المشهد ما بين أميركا وتركيا، بعد إصرار محكمة ولاية أزمير التركية على احتجاز القس الأميركي أندرو برانسون، المتهم منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2016 بالضلوع في محاولة انقلاب، ولا يزال محتجزاً، ليصبح بعد ذلك محوراً لأزمة دبلوماسية عادت بالسوء على اقتصادين عالميين قويين.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب طالب مرات عدة بالإفراج عن برانسون دون قيد أو شرط، ووصفه بأنه "رهينة وطني عظيم"، وفرض عقوبات ورسومات جمركية على بعض الصادرات التركية لأميركا، متمثلة بالصلب والألومنيوم، الأمر الذي كان له دوره في دفع الليرة التركية للهبوط إلى مستويات قياسية.
نداءات ترامب وتهديداته لتركيا أثارت رداً معاكساً من أردوغان الذي ربط إطلاق سراح برانسون بمصير فتح الله غولن الذي يعيش في الولايات المتحدة، والذي تتهمه تركيا بالوقوف وراء محاولة الانقلاب التي وقعت في يوليو/ تموز 2016. التهديدات الأميركية لتركيا قابلتها تهديدات تركية لأميركا بزيادة الرسوم الجمركية على ما تستورده بلاده من الولايات المتحدة من سيارات ومشروبات كحولية وتبغ.
قال الرئيس التركي في خطاب من أنقرة، موجهاً حديثه للولايات المتحدة: "أنتم أيضاً لديكم قس.. غولن.. سلموه لنا.. ثم نحاكمه (برانسون) ونسلمه لكم"، وقد رفضت واشنطن هذا الاقتراح.
هذه القضية دفعت نحو تدهور العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي وأخذت قضية برانسون صدارة في المسرح الدولي، وجعل القس الأميركي البالغ من العمر 50 عاماً محور اهتمام غير متوقع في أزمة العملة التي هزت الأسواق الناشئة على المستوى العالمي. المحاكم التركية رفضت الالتماس تلو الالتماس للإفراج عن برانسون والسماح له بمغادرة تركيا. وتبين قائمة اتهامات أن السلطات وجهت إليه تهمة ارتكاب جرائم لحساب حزب العمال الكردستاني الذي يشن حملة تمرد على الدولة التركية منذ عشرات السنين ولحساب شبكة غولن.
ويتضح من قائمة الاتهام ومقابلات مع محاميه وثلاث من جلسات المحاكمة أن الاتهامات الموجهة إلى برانسون تتركز حول دعم الأكراد الانفصاليين وإجراء اتصالات مع من تقول السلطات إنهم دبروا الانقلاب الفاشل.
وعلى الرغم من نفيه الاتهامات الموجهة إليه من المحكمة إلا أن تركيا تقول إنها تمتلك أدلة دامغة على اتهاماتها، إذ تساءل ممثلو الادعاء عن سبب سفره مئات الأميال من كنيسته على الساحل الغربي في تركيا إلى الجنوب الشرقي الذي يغلب عليه الأكراد وينشط فيه "حزب العمال الكردستاني".
ومن الأدلة الداعمة للاتهامات رسائل على هواتفه وتفاصيل عن سفراته وشهادة من المترددين على كنيسته، كما يشير قرار الاتهام إلى 3 شهود سريين.
كذلك تستند قائمة الاتهامات إلى بيانات تحركاته عبر نظام تحديد المواقع التي تبين قيامه برحلات إلى سوروك قرب الحدود السورية وإلى مدينة ديار بكر الكردية وإلى اجتماع عقده في 2010 مع رجل وصفه أحد الشهود السريين بأنه جندي من القوات الخاصة الأميركية.
وجاء في رسالة برانسون المؤرخة بتاريخ 21 يوليو/ تموز 2016 والموجهة إلى قس آخر: "كنا ننتظر بعض الأحداث التي تهزّ الأتراك وتمهيد الظروف لعودة يسوع. أعتقد أن الوضع سيزداد سوءاً. سننتصر في النهاية".
ولم ينف برانسون إرسال تلك الرسالة، لكنه قال إنه أسيء فهمها. ومن المقرر أن تعقد جلسة محاكمة برانسون المقبلة في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2018.
ولكن إلى ذلك الوقت هل ستبقى أميركا مكتوفة الأيدي، في ظل التكهنات التي تتردد حول إمكانية أن تقوم الولايات المتحدة بعملية استخبارية لتهريب القس من محل إقامته الجبرية الذي فرضته المحكمة التركية عليه، هذه التكهنات أكدتها بعض التحركات التي قام بها الأمن التركي عن طريق تشديده الحراسة على القس المحتجز.
تشديد من الشرطة التركية وقوات الأمن في إزمير خلال عطلة عيد الأضحى للحماية على منزل القس الأميركي أندرو برونسون الذي يخضع للإقامة الجبرية، هذه التحركات ذكرتها صحيفة حريت التركية.
وحدات من مكافحة الإرهاب والقوات الخاصة، فضلاً عن وحدات من التدخل السريع على الدراجات النارية تم توزيعها على مدار الساعة عن طريق، ودوريات في شارعين يقع بينهما منزل القس، ودوريات ثابتة تقوم بتفتيش من يثير شكوكها من المارة، وكذلك العربات التي تمر عبر الشارعين المذكورين.
وسائل إعلام محلية تركية كانت قد أثارت في وقت سابق مخاوف تفيد بأنه من المحتمل أن تقوم الولايات المتحدة بعملية استخبارية في تركيا لإطلاق سراح القس برانسون وتهريبه خارج البلاد.
هنا يتبادر إلى الأذهان السؤال الآتي: هل تستطيع الولايات المتحدة أن تقدم على خطوة كهذه؟
الجواب، نعم تستطيع، ولديها تجارب في تهريب الرهائن من دول مختلفة، وما حادثة تهريب الموظفين الأميركيين العاملين في طهران بخافية على أحد، في ظل ظروف صعبة عاشها هؤلاء الموظفون على الرغم من أنهم لم يكونوا محتجزين بل كانوا يتخفون في مبنى السفارة الكندية وقتها.
ولكننا هنا نتحدث عن تركيا البلد الحليف للولايات المتحدة سياسياً وعسكرياً، والتساؤل الأهم الذي يجب أن نسأله لأنفسنا هل بالإمكان أن تقوم الولايات المتحدة بعملية التحرير هذه وعلى الأراضي التركية؟
أعتقد أن من ينظر إلى الأمر بعقلانية سوف يقول بالتأكيد: لن تقدم الولايات المتحدة على هذه الفعلة، وبالأخص على أراضي تركيا حليفتها في الناتو، وبالرغم من التهديدات المتصاعدة بينهما.
ولكن وجهة النظر الأخرى اعتادت أن تصنف ترامب بالرجل المتهور الذي قادت تصريحاته وأفعال السياسة الأميركية إلى طريق الحرج في مواقف عدة منذ توليه الرئاسة حتى الآن، على الرغم من بعض المكاسب التي حققها ترامب في فتحه صنبور الأموال الخليجية وسيطرته على القرار الخليجي بل وغض الطرف عن تصرفات دول خليجية مقابل المليارات التي أخذها، بل التي صرح بأنه سيأخذها قبل تسلمه رئاسة بلاد العم سام وخلال حملته الانتخابية.
على العموم، عندما نضع الرأيين (وأقصد الرأي العقلاني الذي يستبعد أن تقدم أميركا على تهريب القس والرأي الثاني الذي يصنف ترامب بالمتهور) في كفتي ميزان، فإن الكفة المتهورة من الممكن أن ترجح على الكفة العقلانية، وتركيا تعي هذه الموازنة جداً، وإلا لما كانت قد أقدمت على خطوتها بنشر وحدات من الشرطة والأمن والوحدات الخاصة حول مكان إقامة القس. الفارق في هذا الأمر الآن هو الأزمة التي تحيط بترامب والتي جعلته يترنح من شدة الضربات التي تلقاها من المحكمة التي توجه اتهامات إلى حملته الانتخابية بخرق القوانين الانتخابية بأوامر منه.
إلا أن ترامب بدا، وسط أنصاره، كما لو أنه محصن، غير آبه بأن هذه الحصانة وقتية ولا تعني أنها دائمة، وقد تظهر آثار الضربات التي تلقاها ترامب عندما يخسر الجمهوريون الانتخابات النصفية المقررة بعد نحو شهرين، ويفقدون السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ.
فهل يحاول ترامب أن يكون بطلاً قومياً بإعادة القس برانسون إلى أميركا؟ فالغريق في حالته هذه يتشبث بأي قشة!
الرئيس الأميركي دونالد ترامب طالب مرات عدة بالإفراج عن برانسون دون قيد أو شرط، ووصفه بأنه "رهينة وطني عظيم"، وفرض عقوبات ورسومات جمركية على بعض الصادرات التركية لأميركا، متمثلة بالصلب والألومنيوم، الأمر الذي كان له دوره في دفع الليرة التركية للهبوط إلى مستويات قياسية.
نداءات ترامب وتهديداته لتركيا أثارت رداً معاكساً من أردوغان الذي ربط إطلاق سراح برانسون بمصير فتح الله غولن الذي يعيش في الولايات المتحدة، والذي تتهمه تركيا بالوقوف وراء محاولة الانقلاب التي وقعت في يوليو/ تموز 2016. التهديدات الأميركية لتركيا قابلتها تهديدات تركية لأميركا بزيادة الرسوم الجمركية على ما تستورده بلاده من الولايات المتحدة من سيارات ومشروبات كحولية وتبغ.
قال الرئيس التركي في خطاب من أنقرة، موجهاً حديثه للولايات المتحدة: "أنتم أيضاً لديكم قس.. غولن.. سلموه لنا.. ثم نحاكمه (برانسون) ونسلمه لكم"، وقد رفضت واشنطن هذا الاقتراح.
هذه القضية دفعت نحو تدهور العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي وأخذت قضية برانسون صدارة في المسرح الدولي، وجعل القس الأميركي البالغ من العمر 50 عاماً محور اهتمام غير متوقع في أزمة العملة التي هزت الأسواق الناشئة على المستوى العالمي. المحاكم التركية رفضت الالتماس تلو الالتماس للإفراج عن برانسون والسماح له بمغادرة تركيا. وتبين قائمة اتهامات أن السلطات وجهت إليه تهمة ارتكاب جرائم لحساب حزب العمال الكردستاني الذي يشن حملة تمرد على الدولة التركية منذ عشرات السنين ولحساب شبكة غولن.
ويتضح من قائمة الاتهام ومقابلات مع محاميه وثلاث من جلسات المحاكمة أن الاتهامات الموجهة إلى برانسون تتركز حول دعم الأكراد الانفصاليين وإجراء اتصالات مع من تقول السلطات إنهم دبروا الانقلاب الفاشل.
وعلى الرغم من نفيه الاتهامات الموجهة إليه من المحكمة إلا أن تركيا تقول إنها تمتلك أدلة دامغة على اتهاماتها، إذ تساءل ممثلو الادعاء عن سبب سفره مئات الأميال من كنيسته على الساحل الغربي في تركيا إلى الجنوب الشرقي الذي يغلب عليه الأكراد وينشط فيه "حزب العمال الكردستاني".
ومن الأدلة الداعمة للاتهامات رسائل على هواتفه وتفاصيل عن سفراته وشهادة من المترددين على كنيسته، كما يشير قرار الاتهام إلى 3 شهود سريين.
كذلك تستند قائمة الاتهامات إلى بيانات تحركاته عبر نظام تحديد المواقع التي تبين قيامه برحلات إلى سوروك قرب الحدود السورية وإلى مدينة ديار بكر الكردية وإلى اجتماع عقده في 2010 مع رجل وصفه أحد الشهود السريين بأنه جندي من القوات الخاصة الأميركية.
وجاء في رسالة برانسون المؤرخة بتاريخ 21 يوليو/ تموز 2016 والموجهة إلى قس آخر: "كنا ننتظر بعض الأحداث التي تهزّ الأتراك وتمهيد الظروف لعودة يسوع. أعتقد أن الوضع سيزداد سوءاً. سننتصر في النهاية".
ولم ينف برانسون إرسال تلك الرسالة، لكنه قال إنه أسيء فهمها. ومن المقرر أن تعقد جلسة محاكمة برانسون المقبلة في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2018.
ولكن إلى ذلك الوقت هل ستبقى أميركا مكتوفة الأيدي، في ظل التكهنات التي تتردد حول إمكانية أن تقوم الولايات المتحدة بعملية استخبارية لتهريب القس من محل إقامته الجبرية الذي فرضته المحكمة التركية عليه، هذه التكهنات أكدتها بعض التحركات التي قام بها الأمن التركي عن طريق تشديده الحراسة على القس المحتجز.
تشديد من الشرطة التركية وقوات الأمن في إزمير خلال عطلة عيد الأضحى للحماية على منزل القس الأميركي أندرو برونسون الذي يخضع للإقامة الجبرية، هذه التحركات ذكرتها صحيفة حريت التركية.
وحدات من مكافحة الإرهاب والقوات الخاصة، فضلاً عن وحدات من التدخل السريع على الدراجات النارية تم توزيعها على مدار الساعة عن طريق، ودوريات في شارعين يقع بينهما منزل القس، ودوريات ثابتة تقوم بتفتيش من يثير شكوكها من المارة، وكذلك العربات التي تمر عبر الشارعين المذكورين.
وسائل إعلام محلية تركية كانت قد أثارت في وقت سابق مخاوف تفيد بأنه من المحتمل أن تقوم الولايات المتحدة بعملية استخبارية في تركيا لإطلاق سراح القس برانسون وتهريبه خارج البلاد.
هنا يتبادر إلى الأذهان السؤال الآتي: هل تستطيع الولايات المتحدة أن تقدم على خطوة كهذه؟
الجواب، نعم تستطيع، ولديها تجارب في تهريب الرهائن من دول مختلفة، وما حادثة تهريب الموظفين الأميركيين العاملين في طهران بخافية على أحد، في ظل ظروف صعبة عاشها هؤلاء الموظفون على الرغم من أنهم لم يكونوا محتجزين بل كانوا يتخفون في مبنى السفارة الكندية وقتها.
ولكننا هنا نتحدث عن تركيا البلد الحليف للولايات المتحدة سياسياً وعسكرياً، والتساؤل الأهم الذي يجب أن نسأله لأنفسنا هل بالإمكان أن تقوم الولايات المتحدة بعملية التحرير هذه وعلى الأراضي التركية؟
أعتقد أن من ينظر إلى الأمر بعقلانية سوف يقول بالتأكيد: لن تقدم الولايات المتحدة على هذه الفعلة، وبالأخص على أراضي تركيا حليفتها في الناتو، وبالرغم من التهديدات المتصاعدة بينهما.
ولكن وجهة النظر الأخرى اعتادت أن تصنف ترامب بالرجل المتهور الذي قادت تصريحاته وأفعال السياسة الأميركية إلى طريق الحرج في مواقف عدة منذ توليه الرئاسة حتى الآن، على الرغم من بعض المكاسب التي حققها ترامب في فتحه صنبور الأموال الخليجية وسيطرته على القرار الخليجي بل وغض الطرف عن تصرفات دول خليجية مقابل المليارات التي أخذها، بل التي صرح بأنه سيأخذها قبل تسلمه رئاسة بلاد العم سام وخلال حملته الانتخابية.
على العموم، عندما نضع الرأيين (وأقصد الرأي العقلاني الذي يستبعد أن تقدم أميركا على تهريب القس والرأي الثاني الذي يصنف ترامب بالمتهور) في كفتي ميزان، فإن الكفة المتهورة من الممكن أن ترجح على الكفة العقلانية، وتركيا تعي هذه الموازنة جداً، وإلا لما كانت قد أقدمت على خطوتها بنشر وحدات من الشرطة والأمن والوحدات الخاصة حول مكان إقامة القس. الفارق في هذا الأمر الآن هو الأزمة التي تحيط بترامب والتي جعلته يترنح من شدة الضربات التي تلقاها من المحكمة التي توجه اتهامات إلى حملته الانتخابية بخرق القوانين الانتخابية بأوامر منه.
إلا أن ترامب بدا، وسط أنصاره، كما لو أنه محصن، غير آبه بأن هذه الحصانة وقتية ولا تعني أنها دائمة، وقد تظهر آثار الضربات التي تلقاها ترامب عندما يخسر الجمهوريون الانتخابات النصفية المقررة بعد نحو شهرين، ويفقدون السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ.
فهل يحاول ترامب أن يكون بطلاً قومياً بإعادة القس برانسون إلى أميركا؟ فالغريق في حالته هذه يتشبث بأي قشة!