تشهد العلاقة بين الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل، كبرى المنظمات النقابية في تونس، عمليّة "تكسير عظام" بين الطرفين. ففي حين يتمسك الاتحاد العام التونسي للشغل بمطالبه النقابية وخصوصاً منها الزيادة في الأجور في الوظائف العامة، والتهديد بسلسلة من الإضرابات في قطاعات الصحة والتعليم، ترى الحكومة أن الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد لا تسمح بالاستجابة لمطالب الاتحاد وتدعو إلى الحد منها أو تأجيلها إلى موعد لاحق قد يتزامن مع انفراج الوضع الاقتصادي التونسي.
هذه العلاقة بين الحكومة التونسية والاتحاد العام التونسي للشغل شهدت مؤخرًا منعرجًا حاسمًا وضاغطًا على الحكومة، يتمثّل في تهديد قطاع استراتيجي بالإضراب وهو قطاع الإعلام، حيث أعلن الكاتب العام للنقابة العامة للإعلام، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل، محمد السعيدي عن قرار المكتب التنفيذي للنقابة، "الدخول في إضراب يومي 12 و13 مايو/أيار في قطاع الصحافة المكتوبة".
وأرجع السعيدي في حديث لـ"العربي الجديد"، ذلك إلى عدم استجابة جمعية مديري الصحف إلى المطالب التي تقدمت بها النقابة، لاسيما أن أصحاب الصحف الورقية يعانون من أزمة مالية حادّة.
ودعا السعيدي الحكومة التونسية إلى "التدخل لحل مشاكل القطاع على مستوى الاشتراكات والإشهار العمومي وغيرها، وأنه لا يمكن الحديث عن الزيادة في الأجور والصحف في حد ذاتها تعرف مشاكل مادية، إضافةً إلى غياب دور فعّال للحكومة التي لم تحاول حتى تنظيم الإشهار العمومي"، على حدّ تعبيره.
الإعلان عن الإضراب في قطاع الصحافة المكتوبة تزامن مع الإعلان عن إضراب أيام 8 و9 و10 مايو/أيار في مؤسستي الإذاعة والتلفزيون، وهما مؤسستان رسميتان يعود الإشراف عليهما إلى الحكومة التونسية.
ووفقًا لما صرح به إلى "العربي الجديد"، محمد الهادي الطرشوني، كاتب عام نقابة الإذاعة التونسية، فإنّ سبب الإضراب يعود إلى "مماطلة الحكومة الحالية فى الاستجابة للاتفاقيات الممضاة مع الحكومة السابقة (حكومة مهدي جمعة) منذ تسعة أشهر".
وأضاف الطرشوني: "صبرنا نفد علما أننا خيّرنا عدم الإضراب في مرحلة الانتخابات من باب الواجب الوطني في إنجاح العرس الانتخابي لكنّ سياسة المماطلة دفعتنا إلى اتخاذ هذا القرار".
أما عن توظيف الإعلام من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل للضغط على الحكومة التونسية، فنفى الطرشوني ذلك، مؤكدًا أنّ "المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل رفض مطلبنا في الإضراب، لكن أمام إصرارنا استجاب لهذا المطلب، وهو ما ينفي المقولة السائدة بأن الاتحاد العام التونسي للشغل يوظف الإعلام للضغط على حكومة الحبيب الصيد".
ويبدو أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل، يُصرّ في هذه الفترة على المساهمة الفاعلة في عملية إصلاح الإعلام التونسي، حيث شرع في عقد استشارات وورشات عمل مع الإعلاميين للخروج بورقة عمل نهائية لتقديمها إلى الحكومة التونسية حتى تساعدها في البحث عن حلول عملية للخروج بالإعلام التونسي من الأزمة التي يعيشها.
ويُنتظر أن يعلن الاتحاد العام التونسي للشغل بمناسبة اليوم العالمي للشغل يوم 1 مايو/أيار عن انطلاق بثّ إذاعته الخاصة على الويب "الشعب أف أم" لتدعم صحيفة "الشعب" الصحيفة الورقية التي يصدرها منذ عقود.
اقرأ أيضاً: قانون تونسي يحمي الأمن ويهدد الحريات الصحافية