هل نجح حلفاء حفتر بحسم الصراع في ليبيا لصالحه؟

03 يوليو 2017
منح حفتر القادة السياسيين مهلة لإنجاز تقدم (فرانس برس)
+ الخط -



أثارت تصريحات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، مؤخرا، حول منح القادة السياسيين في الساحة مهلة ستة أشهر لإنجاز تقدم قبل أن تتدخل قواته لحسم الأمر في البلاد، عددا من التساؤلات عن توقيتها وعلاقتها بالإعلان عن تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا.

وقال حفتر خلال لقاء معايدة جمعه بزعامات قبلية شرق البلاد، يوم الجمعة، إن "صبر الجيش نفد وهناك الآن مدة ستة أشهر فقط مهلة للقادة السياسيين لإنجاز شيء"، وهي أول إشارة من قبل حفتر تشي باعترافه بالاتفاق السياسي الذي طالما أعلن أنه غير معني به.

ومضى مفصلاً عن خطوته الجديدة: "هناك قوة من سبها وأخرى من الشرق وقوات من الغرب ستدخل المناطق التي بها قوات أيضا تابعة لنا"، وكانت قوات حفتر قد سيطرت على كامل الجنوب بالإضافة للشرق، ومنطقة الهلال النفطي، فيما تعالج وحدات أخرى الأجزاء الأخيرة من بنغازي.


ومن خلال حديثه عن طرابلس يبدو أن المهلة الممنوحة هي لحكومة الوفاق، التي مضى في تهديدها: "إذا شعرنا بأي تراخ وتردي وضع الناس أكثر، فالجيش سيتخذ خطوة فى أي وقت ولن نستمع بعدها لأي أحد"، وتابع "وكل هؤلاء الذين تشاهدونهم الآن سيكونون خلف التاريخ".

ويأتي اعتراف حفتر الضمني بالاتفاق السياسي لأول مرة مصاحباً لترحيب بالمبعوث الأممي الجديد، غسان سلامة، إذ قال حفتر خلال ذات الكلمة "نرحب بمبعوث الأمم المتحدة الجديد وعليه عمل شيء قبل انتهاء هذه المدة".

وفي تجاوز واضح للبرلمان الذي طالما وفر له واجهة سياسية طيلة الأعوام الماضية قال حفتر إن "هناك لجنة من كافة المدن الليبية تكون مهمتها الاجتماع لدراسة كل المبادرات التي قدمت إلى الآن".

ويرى مراقبون للشأن الليبي أن أطرافاً دولية وإقليمية تضغط من أجل إتاحة المجال في الساحة لحليفها حفتر للسيطرة على ما تبقى من أجزاء البلاد، وأولى تلك الخطوات تعيين سلامة، المرشح الفرنسي والمعروف بعلاقته الوطيدة مع ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، الذي تربطه علاقة وثيقة هو الآخر بحراك حفتر العسكري في البلاد، ويبدو أن ترحيب الجنرال الليبي المتقاعد به دون سابقيه الذين رفض مقابلة بعضهم، يشي بما يجري في كواليس داعميه في الأمم المتحدة.

وربما جاءت كلمة المبعوث الأممي السابق، مارتن كوبلر، وهو يودع ليبيا في هذا السياق، إذ قال مخاطبا الليببيين "بإمكانكم التخلي عن الاتفاق السياسي الليبي والعودة إلى المفاوضات من جديد لسنة أخرى، أو ربما لفترة قصيرة، وربما لفترة أطول، ولكن أيضًا بإمكانكم الاستناد إليه وإعادة تشكيله والمضي بسرعة نحو بناء مستقبل أكثر إشراقًا"، رغم أنه أكد خلال مقابلة مع فضائية ليبية، يوم الجمعة، على أنه "ليس بالإمكان التخلي عن الاتفاق في 31 ديسمبر/كانون الأول المقبل دون التوصل إلى ما يجب أن يلي ذلك من خطوات في 1 يناير/كانون الثاني 2018".

تفاعلات داخلية جديدة تقودها القاهرة مجدداً من خلال استضافة عدد من قادة وممثلي مدينة مصراته، أبرز معارضي حفتر في غرب البلاد، سرب منها محمد حنيش، وهو أحد نواب مصرته بالبرلمان ما يعكس تقارباً حثيثا مع قيادة "حفتر"، إذ قال حنيش، في تدوينة على صفحته على "فيسبوك"، إن "لقاء قريباً سيجمع ضباطا بالجيش من مصراته مع ضباط الجيش بالمنطقة من أجل التحرك الفوري من أجل بناء مؤسسة عسكرية موحدة" دون مزيد من التفاصيل، لكنها توضح شكلاً من أشكال التنازلات أو التقارب من قبل مصراته التي طالما راهنت على الاتفاق السياسي ومخرجاته، وعلى رأسها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة التي تمتلك فيهما تمثيلاً كبيراً.

ومساعي القاهرة، التي تأتي لتليين موقف مصراته، كانت قد سبقتها مغازلة سياسية من قبل ونيس بوخمادة، وهو آمر قوات الصاعقة وأبرز قادة حفتر، خلال تصريح صحافي عندما أثنى على منجزات "البنيان المرصوص" في طرد تنظيم "داعش" من سرت، بل دعا "القوات النظامية في مصراته إلى الانضمام لمؤسسة الجيش" في إشارة إلى قبول حفتر بمصراته ضمن قواته.


مسار التحولات الجديدة في المشهد الليبي البعيدة عن الأضواء عكستها تصريحات سياسي ليبي بارز، وهو رئيس حزب العدالة والبناء، محمد صوان، الذي شجب موقف النواب الداعمين للاتفاق السياسي، قائلاً "أغلبية أعضائه المؤيدة للاتفاق السياسي، والرافضة للهيمنة الخارجية على القرار الليبي، استسلمت لما يمكن وصفه بالبلطجة السياسية التي ترعاها قوى إقليمية معروفة"، وتابع "الجهات التي تقف وراء إفشال العملية السياسية واختلاق الأزمات منذ البداية باتت واضحة لكل متابع، وهي الدول التي تحاول إفشال ثورات الربيع العربي بكل الوسائل مرتكبة أبشع المغامرات في ليبيا وغيرها، تمارس الخدعة التي استدرجت بها للأسف كثيرا من النخب العربية، وهي أنها تحارب وترفض الإسلام السياسي أو الإخوان فقط".

لكن يبقى السؤال هل بالفعل نجح حلفاء حفتر في انتزاع موافقة دولية لإفساح المجال له وقواته، وما مصير معارضيه السياسيين والعسكريين؟ وهل سيتمكن هؤلاء الحلفاء من إرجاع الحكم العسكري للبلاد، أم سيكون حليفها حفتر ضمن مشهد حكومي يتضمن تمثيلاً لمعارضيه ضمن تسوية سياسية جديدة؟