17 نوفمبر 2024
هل سمع العالم مناشدات معتقلي سجن حماة؟
تتواصل معاناة المعتقلين في سجون النظام الأسدي ومعسكراته منذ سنوات، من دون أي تحرّك دولي أو عربي للتخفيف من هولها وفظاعتها، فيما تكتفي منظمات حقوقية بتسجيل بعض وقائع الانتهاكات والجرائم التي لا يزال نظام الأسد يرتكبها بحق مئات آلاف السوريين.
ولعل المعتقلين في سجن حماة المركزي يريدون، في أيامنا هذه، أن يصل صوتهم إلى العالم، من خلال إضرابهم عن الطعام، وعرض مطالبهم بتهريب تسجيلات صوتية، تناشد العالم إيقاف أحكام الإعدام التي صدرت بحق عشرات منهم، وتخاطب الضمائر الحيّة للحدّ من عذاباتهم، وتخفيف معاناتهم المستمرة منذ سنوات طويلة داخل الزنازين الأسدية.
وليس خافياً أن المعتقلين داخل زنازين النظام الأسدي وأقبيته يتعرّضون لمختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، وللحرمان من الطعام حتى الموت جوعاً، عقاباً على خروجهم السلمي في المظاهرات المنادية بالخلاص من نظام الاستبداد. وليس في وسعهم سوى الصبر وتحمّل أشد أنواع التعذيب، وتحمل سنوات طويلة ومريرة من الاعتقال، على أمل أن ينجو من الموت منهم داخل معتقلات النظام.
والمعروف أن سجن حماة المركزي أحد السجون المدنية، وكان مخصّصاً قبل الثورة السورية لمعاقبة المحكومين بتهم جنائية، أي للمجرمين من قتلة ولصوص ومرتكبي الأعمال الشائنة وسواهم، لكن نظام الأسد حوّله مكانا يحتجز فيه أصحاب الرأي السياسي المعارض، خصوصاً المتظاهرين السلميين الذين خرجوا في مظاهرات مليونية مناهضة للنظام، شهدتها حماة في شهر يوليو/ تموز من العام 2011.
وقد تحوّل سجن حماة المركزي بعد الثورة إلى معسكر اعتقال، يضاف إلى معسكرات اعتقال عديدة تميّز النظام، لكنه لا يُماثل، في فنون التعذيب والانتهاكات، معسكرات الاعتقال الأخرى، سيئة الصيت، مثل تدمر وصيدنايا والمزّة والحلبوني، التي تحولت، منذ عهد الأسد الأب، إلى مكانٍ لتكديس المعتقلين السياسيين، حيث كان نظام الأسد الأب يعتقلهم لمجرد إبدائهم أي رأي مخالف له، حتى صار تعبير "سجناء الرأي" سورياً بامتياز، وتحوّل إلى مفهوم مركب، غير صلب أو غير مقيد، يمتد ليشمل معتقلي الضمير ومعتقلي الفكر ومعتقلي الكلمة. ويمكن أن يوضع في مركباته كل من يسجن بسبب "جريمة رأي"، أي بسبب اختلافه بالرأي مع ما يقوله نظام الأسد، أو كل من يسجن بسبب عدم اتفاقه أو عدم تطابق ما يقوله مع ما يريده هذا النظام، الذي تحول رئيسه إلى شخصية ميتافيزيقية، قولها فوق قول الجميع، وله ما طاب من الثروات والامتيازات، ومُلكه يمتد من كرسي الحكم إلى كامل الأرض السورية، وما عليها من بشر ودواب.
ويحاول نظام الأسد التلاعب في ملف المعتقلين الذي يسم تاريخ النظام الأسدي وطبيعته، بنسختيه الأب والابن، بالإيحاء بتعاملٍ مرن مع معتقلي سجن حماة المركزي، ليغطي على جرائمه وانتهاكاته في معسكرات الاعتقال الأخرى، إذ شكل الاعتقال السياسي والاختفاء
القسري المعلم الأبرز لهذا النظام الديكتاتوري، حيث زجّ، وخصوصا بعد اندلاع الثورة، مئات آلاف السوريين في زنازين أجهزة استخباراته وسجونه السرية والعلنية، التي تضاهي في فنون التعذيب والقتل معسكرات الاعتقال النازية، ويمارس سجانوه تعذيب المعتقلين بطرقٍ وحشيةٍ وبربرية، وتجويعهم حتى الموت في حالات كثيرة، حيث أظهرت صور سربها قيصر (سيزر) جزءا يسيراً مما يجري داخلها، فيما لا يزال عشرات آلاف المعتقلين يعانون الأمرّين فيها، ومن ينجو منهم تُكتب له حياة جديدة.
وطوال سنوات عديدة، منع نظام الأسد المنظمات الحقوقية والأممية من دخول معتقلاته، لأنه لا يريد الكشف عن مسالخ تسم قوام نظامه القمعي، وتحوّلت إلى كابوس يهدّد كل سوري، يحلم بالخلاص من استبداده، وقد انتهك فيها، على الدوام، حرمة الجسد البشري الذي يعتبر احترامه معياراً لوحدة البشر بشأن القيم الإنسانية المشتركة، حيث ينتهك ما يحصل في معتقلات النظام تلك الحرمة، في ممارساتٍ تؤكد السيطرة الجسدية لأجهزته التي لم تكتف بتقييد حرية حركة المعتقل لديها في حيّز صغير، قد لا يتجاوز المتر المربع الواحد في زنازين منفردة، بل دأبت على ممارسة مختلف فنون التعذيب الوحشي وطرقه، ولجأت إلى وضع الأجساد الهزيلة للمعتقلين في أقفاصٍ حديدية، كي تكتمل مشهدية الأجساد المكبلة والمُهانة، وتعطي معاني صادمة عن خصوصية التعذيب الجسدي الذي يولّد نوعاً من لذّةٍ لدى سجّاني نظام الأسد بالاستمتاع المرضي في التسبب في الألم لمختلف تفاصيل جسد المعتقل، وهي خصوصيةٌ تجسّد كماً من الكراهية والحقد، وتكشف مركّب نقصٍ تعويضي عن ممارسات وأساليب التحقير والإهانة والإذلال.
ويشعر معتقلو سجن حماة المركزي، وسائر المعتقلين في معسكرات اعتقال النظام وسجونه، بالخذلان واليأس من التعامل الدولي والعربي مع مصابهم ومعاناتهم، ومع الكارثة السورية بشكل عام التي سبّبها تعامل النظام الأسدي، وحليفه النظام الروسي ونظام الملالي الإيراني، مع الثورة، على الرغم من تهريب وتسريب آلاف الوثائق والأدلة التي تدين النظام، وتوثق عمليات التعذيب والقتل الممنهج داخل أقبية أجهزته، تنفيذاً لأوامر قادة النظام، وفي مقدمتهم رئيسه.
ولعل المعتقلين في سجن حماة المركزي يريدون، في أيامنا هذه، أن يصل صوتهم إلى العالم، من خلال إضرابهم عن الطعام، وعرض مطالبهم بتهريب تسجيلات صوتية، تناشد العالم إيقاف أحكام الإعدام التي صدرت بحق عشرات منهم، وتخاطب الضمائر الحيّة للحدّ من عذاباتهم، وتخفيف معاناتهم المستمرة منذ سنوات طويلة داخل الزنازين الأسدية.
وليس خافياً أن المعتقلين داخل زنازين النظام الأسدي وأقبيته يتعرّضون لمختلف أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، وللحرمان من الطعام حتى الموت جوعاً، عقاباً على خروجهم السلمي في المظاهرات المنادية بالخلاص من نظام الاستبداد. وليس في وسعهم سوى الصبر وتحمّل أشد أنواع التعذيب، وتحمل سنوات طويلة ومريرة من الاعتقال، على أمل أن ينجو من الموت منهم داخل معتقلات النظام.
والمعروف أن سجن حماة المركزي أحد السجون المدنية، وكان مخصّصاً قبل الثورة السورية لمعاقبة المحكومين بتهم جنائية، أي للمجرمين من قتلة ولصوص ومرتكبي الأعمال الشائنة وسواهم، لكن نظام الأسد حوّله مكانا يحتجز فيه أصحاب الرأي السياسي المعارض، خصوصاً المتظاهرين السلميين الذين خرجوا في مظاهرات مليونية مناهضة للنظام، شهدتها حماة في شهر يوليو/ تموز من العام 2011.
وقد تحوّل سجن حماة المركزي بعد الثورة إلى معسكر اعتقال، يضاف إلى معسكرات اعتقال عديدة تميّز النظام، لكنه لا يُماثل، في فنون التعذيب والانتهاكات، معسكرات الاعتقال الأخرى، سيئة الصيت، مثل تدمر وصيدنايا والمزّة والحلبوني، التي تحولت، منذ عهد الأسد الأب، إلى مكانٍ لتكديس المعتقلين السياسيين، حيث كان نظام الأسد الأب يعتقلهم لمجرد إبدائهم أي رأي مخالف له، حتى صار تعبير "سجناء الرأي" سورياً بامتياز، وتحوّل إلى مفهوم مركب، غير صلب أو غير مقيد، يمتد ليشمل معتقلي الضمير ومعتقلي الفكر ومعتقلي الكلمة. ويمكن أن يوضع في مركباته كل من يسجن بسبب "جريمة رأي"، أي بسبب اختلافه بالرأي مع ما يقوله نظام الأسد، أو كل من يسجن بسبب عدم اتفاقه أو عدم تطابق ما يقوله مع ما يريده هذا النظام، الذي تحول رئيسه إلى شخصية ميتافيزيقية، قولها فوق قول الجميع، وله ما طاب من الثروات والامتيازات، ومُلكه يمتد من كرسي الحكم إلى كامل الأرض السورية، وما عليها من بشر ودواب.
ويحاول نظام الأسد التلاعب في ملف المعتقلين الذي يسم تاريخ النظام الأسدي وطبيعته، بنسختيه الأب والابن، بالإيحاء بتعاملٍ مرن مع معتقلي سجن حماة المركزي، ليغطي على جرائمه وانتهاكاته في معسكرات الاعتقال الأخرى، إذ شكل الاعتقال السياسي والاختفاء
وطوال سنوات عديدة، منع نظام الأسد المنظمات الحقوقية والأممية من دخول معتقلاته، لأنه لا يريد الكشف عن مسالخ تسم قوام نظامه القمعي، وتحوّلت إلى كابوس يهدّد كل سوري، يحلم بالخلاص من استبداده، وقد انتهك فيها، على الدوام، حرمة الجسد البشري الذي يعتبر احترامه معياراً لوحدة البشر بشأن القيم الإنسانية المشتركة، حيث ينتهك ما يحصل في معتقلات النظام تلك الحرمة، في ممارساتٍ تؤكد السيطرة الجسدية لأجهزته التي لم تكتف بتقييد حرية حركة المعتقل لديها في حيّز صغير، قد لا يتجاوز المتر المربع الواحد في زنازين منفردة، بل دأبت على ممارسة مختلف فنون التعذيب الوحشي وطرقه، ولجأت إلى وضع الأجساد الهزيلة للمعتقلين في أقفاصٍ حديدية، كي تكتمل مشهدية الأجساد المكبلة والمُهانة، وتعطي معاني صادمة عن خصوصية التعذيب الجسدي الذي يولّد نوعاً من لذّةٍ لدى سجّاني نظام الأسد بالاستمتاع المرضي في التسبب في الألم لمختلف تفاصيل جسد المعتقل، وهي خصوصيةٌ تجسّد كماً من الكراهية والحقد، وتكشف مركّب نقصٍ تعويضي عن ممارسات وأساليب التحقير والإهانة والإذلال.
ويشعر معتقلو سجن حماة المركزي، وسائر المعتقلين في معسكرات اعتقال النظام وسجونه، بالخذلان واليأس من التعامل الدولي والعربي مع مصابهم ومعاناتهم، ومع الكارثة السورية بشكل عام التي سبّبها تعامل النظام الأسدي، وحليفه النظام الروسي ونظام الملالي الإيراني، مع الثورة، على الرغم من تهريب وتسريب آلاف الوثائق والأدلة التي تدين النظام، وتوثق عمليات التعذيب والقتل الممنهج داخل أقبية أجهزته، تنفيذاً لأوامر قادة النظام، وفي مقدمتهم رئيسه.