هل تنجح روما في وقف المد الفرنسي في ليبيا؟

31 يوليو 2018
ليبيا تحولت ساحة للأطماع الدولية (سول لويب/ فرانس برس)
+ الخط -


في وقت أقل ما يوصف به بأنه "حساس للغاية" ويرتبط بمصير الاستفتاء على الدستور والمرور من خلاله لانتخابات تنهي عمر فترات الانتقال السياسي في ليبيا، عادت إيطاليا مجددا للتشويش على المساعي الفرنسية التي تقود الجهود السياسية الحالية في البلاد، لكن هذه المرة يبدو أنها "جادة" في قطع الطريق أمام باريس بلجوئها إلى واشنطن التي حصلت منها على ضوء أخضر لعقد مؤتمر دولي في روما الخريف المقبل على غرار مؤتمر باريس الذي انعقد في مايو/ أيار الماضي.


وأكد الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خلال مؤتمر صحافي جمعه، ليلة أمس الاثنين، في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإيطالي، جوزيبي كونتي، على تأييده للسياسة الإيطالية في ليبيا، بل قال "نعترف بالدور الريادي لإيطاليا من أجل إعادة الأمن والاستقرار في ليبيا وشمال أفريقيا".

وكان كونتي قد أعلن في 12 من الشهر الجاري عن عزم بلاده على تنظيم مؤتمر دولي حول ليبيا، الخريف المقبل في روما، لمناقشة جملة من الملفات المتعلقة بالهجرة غير الشرعية والإصلاحات الاقتصادية والوضع السياسي، لكنه أكد في الوقت ذاته اعتراض بلاده على الجهود الفرنسية الرامية لعقد انتخابات رئاسية وبرلمانية في ليبيا نهاية العام الجاري قبل عقد مصالحة وطنية في البلاد، في إشارة إلى سعيه لقطع الطريق أمام مساعي باريس.

وليس التنافس الإيطالي الفرنسي على ليبيا جديدا، فروما تعتبر نفسها أولى بمستعمرتها السابقة، ولا سيما أنها استعادت حضورها فيها مجددا عبر اتفاقية صداقة وقعت في عهد رئيس الوزراء السابق، سيلفيو برلوسكوني، والعقيد الليبي الراحل معمر القذافي، عام 2008، استحوذت من خلالها على الجزء الأكبر من استثمارات الغاز والبنى التحتية.

كما أن فرنسا تعتبر نفسها الأحق أيضا، ولا سيما أن منطقة فزان، الواقعة بالجنوب الغربي، امتداد طبيعي لمستعمراتها في أفريقيا وتمتلك مصالح نفطية في ليبيا تمتد للأيام الأولى لاكتشاف النفط الليبي، علاوة على كونها أقدم حليف أوروبي للواء المتقاعد خليفة حفتر، والذي بات يبسط سيطرته العسكرية على قطاع كبير من البلاد.

لكن يبدو أن الطموحات الفرنسية ستصطدم بالتقارب الأميركي الإيطالي، فروما تمتلك صلات قوية مع واشنطن لا تمتلكها باريس التي تتسم سياستها بالاستقلالية نسبيا، ولا سيما في معالجتها للملفين الفلسطيني والإيراني، بعيدا عن أهداف ومساعي واشنطن.

ومن جهة أخرى، يبدو الضوء الأخضر الأميركي الجديد اتجاها لتغير في سياستها، ولا سيما مع إيطاليا، فترامب، الذي رحب أمس بعقد مؤتمر دولي في روما حول ليبيا، هو نفسه من "سفّه الأحلام الإيطالية"، التي كانت تستجدي دعما أميركيا بقول رئيس وزراء إيطاليا السابق باولو جنتيلوني، خلال مؤتمر صحافي جمعه بالرئيس الأميركي في إبريل/ نيسان من العام الماضي، إن "لأميركا دورا حاسما في ليبيا"، فقاطعه ترامب قائلا "لا أرى دوراً في ليبيا. أظن أن الولايات المتحدة لديها الآن ما يكفي من الأدوار".

بل ووصف ترامب، في مؤتمره يوم أمس مع كونتي، الدور الإيطالي بأنه رائع وريادي في إعادة استقرار ليبيا، معتبرا أن مصالح مشتركة تجمع بلاده مع إيطاليا، بل وجه كلمة لدول الاتحاد الأوروبي، بالقول "حملت إيطاليا عبئاً ثقيلاً عن أوروبا في ملف الهجرة".
بل وشدد ترامب على مشتركات تجمعه بإيطاليا، من بينها "تحدي الإرهاب أيضا، بالإضافة للهجرة غير القانونية"، مؤكدا أنها "أولوية أمنية للبلدين".



وبعيدا عن تصريحات الطرفين، فإن دعم واشنطن لجهود روما لعقد مؤتمر دولي حول ليبيا مرتبط بمساعي إيطاليا لعرقلة مقررات إعلان باريس القائمة أساسا على إجراء انتخابات في البلاد. فروما حريصة، بحسب تصريحات سابقة لمسؤوليها، على إجراء مصالحة وطنية لإنهاء النزاعات والصراعات التي يطغى عليها الطابع العسكري، قبل الوصول إلى انتخابات، وبالتالي فإن المدد الزمنية التي قررها إعلان باريس غير كافية، ما يعني بدء خلق مسار مواز في ليبيا للجهود الفرنسية، يؤثر سلبا على واقع ليبيا المتزايد في التشظي، ويستمر معه الصراع الإيطالي الفرنسي.