يتداول مصريون أخباراً مفادها أنّ الجامعات قد تفصل طلابها الذين يتعاطون المخدّرات. وانتشار المخدّرات بأنواعها المختلفة، يعزوه بعض المعنيين إلى أسباب عدّة، خصوصاً الفقر.
تتّجه الجامعات المصريّة إلى دراسة مشكلة المواد المخدّرة التي تنتشر بين الطلاب والموظّفين على حدّ سواء، في إطار حملة الحكومة المصرية ضد المخدّرات في إدارات الدولة. ويُطرح سؤال: هل تتولّى وزارة التعليم العالي في مصر فصل الطلاب الذين يثبت تعاطيهم المخدّرات؟ وذلك بالتزامن مع تهديدات الحكومة بشأن فصل موظفي القطاع العام الذين يثبت تعاطيهم مواد مخدّرة، عقب حادثة القطار الأخيرة التي خلّفت عشرات الضحايا ما بين قتيل وجريح، وقد قبل إن سائقه "مدمن".
تفيد تقارير مركز أبحاث الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، في وزارة الصحة المصرية، بأنّ أكثر من سبعة في المائة من الطلاب يتعاطون المخدّرات بأنواعها المختلفة. وتؤكّد أنّ الحشيش (حشيشة الكيف) يعدّ الأكثر انتشاراً في ما بينهم، ثمّ يأتي البانغو. أمّا الترامادول فيحلّ ثالثاً، مع الإشارة إلى أنّه يسهل الحصول عليه من الصيدليات على الرغم من إدراجه على قائمة المواد المخدّرة. وأخيراً، راح الإستروكس ينتشر بقوّة بين الشباب، وهو من المخدّرات المصنعة القاتلة.
وبدأت الجامعات الحكومية المصرية تُخضع الطلاب إلى تحاليل للمخدّرات بطريقة عشوائية، بناءً على توجيه المجلس الأعلى للجامعات ووزارة التعليم العالي، وذلك بالتزامن مع تنظيم حملات كشف مفاجئة للعاملين في الكليات والإدارات والمستشفيات الجامعية. وبحسب المجلس الأعلى للجامعات، فإنّ ثمّة إجراءات صارمة سوف تُتّخذ في حقّ من يثبت تعاطيه المخدّرات في خلال الحملات المفاجئة، وقد تصل إلى حدّ الفصل من العمل (للعاملين في الجامعات) مع استمرار عمليات توعية الطلاب وتسهيل العلاج على نفقة الجامعة للمتعاطين في حال اتّخذوا قرار الإقلاع عن ذلك.
تشير التصريحات الرسمية إلى أنّ ما تقوم به الجهات المعنية يستهدف علاج الطلاب والموظفين وليس القضاء على مستقبلهم. وقد طالبت وزارة التعليم العالي الجامعات بوضع خطة لعلاج متعاطي المخدّرات ومنحهم فرصة لمرّة واحدة، وفي حال عدم الاستجابة تُتّخذ إجراءات عقابية في حقّهم تصل إلى حدّ الفصل النهائي من الجامعة. ويتحدث أستاذ جامعي فضّل عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد"، عن "انفلات أخلاقي في داخل الجامعات المصرية، الحكومية والخاصة على حدّ سواء، أدّى إلى انتشار المخدّرات"، مستبعداً أن تكون "وزارة التعليم العالي قادرة على فصل الطلاب من الجامعات، بل ربّما يُحرمون من امتحان أحد الفصول فقط". ويشير إلى أنّ "الجامعات المصرية بمبانيها العتيقة تحوّلت إلى مسرح للفوضى في ظل عدم توفّر قوانين رادعة لذلك. وقد وصل الأمر إلى حدّ عدم التزام الطلاب بمحاضراتهم، إذ إنّ همّهم صار التسلية على سلالم كليات الجامعات".
ويشرح الأستاذ الجامعي نفسه أنّ "الأسلحة البيضاء التي يحملها بعض الطلاب في داخل الجامعات من شأنها ترهيب زملائهم، في ظلّ انتشار البلطجة والعنف والشجارات بين الطلاب. بالإضافة إلى ذلك، يُسجَّل رقص وعزف على طبول مع ترديد أغنيات شعبية تحتوي على عبارات بذيئة، في حين لا يشارك عشرات الطلاب في الأنشطة الاجتماعية داخل الجامعات لأسباب عدّة، من بينها أنّه مغضوب عليهم أو لأسباب سياسية وأمنية، وكلّ ذلك مع عدم توفّر أنشطة حقيقية في الجامعات كما كان عليه الوضع في الماضي". ويلفت كذلك إلى ما يعرف بـ"شارع الحب"، حيث يعبّر الطلاب عن عواطفهم من خلال قبلات خاطفة وتلامس الأيدي لينتهي الأمر في أحيان كثيرة بالزواج العرفي.
من جهته، يقول الخبير في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، سيد إمام، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تعاطي المخدّرات بات أمراً طبيعياً داخل الحرم الجامعي، وأحياناً في الأماكن الفارغة أو المدرجات المغلقة، مطالباً "الجامعات بدور أكبر لمواجهة تلك الآفة الخطرة على شباب المستقبل لا سيّما وسط انتشار التدخين". ويؤكد إمام أنّ "المخدّرات بكل أنواعها تستهدف شباب الجامعات وتستنزف الاقتصاد الوطني وتدمّر صحّة المجتمع"، مشيراً إلى "اتفاق الجميع على ضررها البالغ". ويتحدّث عن "ارتفاع تكاليف علاج الإدمان، خصوصاً بالنسبة إلى الأسر الفقيرة، في ظلّ عدم توفّر مستشفيات حكومية تؤمّن علاج الإدمان بينما المتاح في المستشفيات الخاصة مكلف جداً". ويطالب إمام بـ"ضرورة وضع تشريعات قانونية للتصدّي لمروّجي المخدّرات، ومنع انتشارها. لكنّها توغّلت بين الشباب، مع انتشار البطالة واتّجاه كثيرين إلى الاتّجار بها وتعاطيها"، مشدداً على أنّ "الخلافات الأسرية تفاقم المشكلات، وتدفع الشباب إلى مزيد من التعاطي".
تجدر الإشارة إلى أنّ آباء كثيرين يلجؤون إلى القسوة والعنف في تربية أبنائهم، الأمر الذي يدفعهم إلى "أصدقاء السوء" وبالتالي إلى التماهي مع هؤلاء. ويرى مراقبون ضرورة تنظيم ندوات توعية للطلاب حول مخاطر المخدّرات الكثيرة وكذلك التدخين، لا سيّما الصحية منها.