31 أكتوبر 2017
هل تشن إسرائيل حرباً جديدة على غزة؟
يسود الأوساط الفلسطينية استنتاج مفاده بأن تركيز الإعلام الإسرائيلي، أخيراً، بشكل مكثف على إبراز مظاهر "تعاظم" قوة حركة حماس العسكرية في غزة، وتوسع هذا الإعلام في الاستناد إلى مصادر عسكرية في تل أبيب في إبراز معطياتٍ تعكس هذه المظاهر؛ يشي بالضرورة بتوجه إسرائيل إلى شن عمل عسكري جديد على قطاع غزة. وقد أفضى هذا الاستنتاج الذي تعاطت معه وسائل الإعلام الفلسطينية بجدية كبيرة إلى اقتناع قطاعات كبيرة من الغزيين بأننا على عتبة حرب جديدة. وتستند اتجاهات التحليل التي أفضت إلى هذا الاستنتاج إلى أسس غير متماسكة؛ حيث أن نشوب أو شن حرب جديدة يتوقف دوماً على توفر مركبات بيئة تفضي إلى نشوبها أو شنها. فتركيز إسرائيل على التجارب الصاروخية التي تجريها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، والحديث عن تمكّن "الكتائب" من إعادة بناء الأنفاق الهجومية، لا يعني، بالضرورة، أن عرض هذه المعطيات دليل على نية حكومة بنيامين نتنياهو المبادرة لشن حرب جديدة، فإسرائيل تؤكد، في الوقت نفسه، أن الحصار الذي يفرضه نظام عبد الفتاح السيسي على غزة أسهم كثيراً في تقليص القدرات التسليحية لحماس.
في الوقت الحالي، لا يمكن لإسرائيل أن تحقق هدفها الاستراتيجي المتمثل في تصفية بنية المقاومة في قطاع غزة من دون إعادة احتلال القطاع بالكامل، أو على الأقل السيطرة على مدينة غزة. فقد جزمت الوثيقة الاستراتيجية التي صاغها رئيس هيئة أركان الجيش، جادي إيزينكوت، ونشرتها قيادة الجيش، في خطوة غير مسبوقة قبل خمسة أشهر، بشكل واضح وصريح، بأن أية حرب مقبلة على قطاع غزة يتوجب أن تهدف إلى السيطرة على "مراكز الثقل السلطوي" لحركة حماس؛ ومنظومات القيادة التحكم في جهازها العسكري. ويعني إعلان هذه الوثيقة أن قيادة الجيش الإسرائيلي تلزم المستوى السياسي في تل أبيب بشروط الحرب في قطاع غزة التي تضمن تحقيق الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل، وضمن ذلك تصريح بإعادة احتلال القطاع. وقد جاء إصدار وثيقة إيزنكوت رداً على الانتقادات التي وجهتها النخب السياسية والإعلامية في تل أبيب لأداء الجيش خلال الحرب 2014، ولا سيما لعجزه عن حسم الحرب خلال 51 يوماً.
وقد تعاطت مراكز التفكير في إسرائيل مع الوثيقة على أنها "سياسية"، تأتي في إطار المواجهة بين المستويين، السياسي والعسكري، في إسرائيل. فمن الواضح أن إزينكوت يقول للمستوى السياسي إن ضمان تحقيق الأهداف الاستراتيجية في أية حرب مقبلة ضد غزة يتوقف على إعادة الاحتلال القطاع، وإن أي أمر بشن الحرب لا يتضمن هذا التفويض يعفي الجيش من المسؤولية عن تحقيق هذه الأهداف. وتدرك دوائر صنع القرار في تل أبيب الكلفة العسكرية والسياسية والاقتصادية الباهظة لإعادة احتلال قطاع غزة، والبقاء فيه. لذا، لم يكن من سبيل المصادفة أنه، باستثناء وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان، لا يوجد من بين النخب اليمينة في إسرائيل من يتحمس لخيار إعادة احتلال قطاع غزة. أما تسليط المستويات العسكرية الإسرائيلية الأضواء على مظاهر "تعاظم" قوة حماس، واستعادة بناء الأنفاق الهجومية، فيأتي تحديداً كاستخلاص للعبر من الحرب الأخيرة، حيث تم توجيه اتهامات للجيش والمخابرات الداخلية "الشاباك" بأنهما لم يتمكّنا من كشف الأنفاق، ولم يوفرا المعلومات اللازمة لتمكين المستوى السياسي من تحديد الأهداف التي يتوجب على الجيش تحقيقها في نهاية الحرب. ومما يقلص فرص شن الحرب حقيقة أن دوائر صنع القرار السياسي ومحافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب تعي، تماماً، أن حركة حماس غير معنية بأية مواجهة مع تل أبيب، وأن في مقدمة أولويات الحركة حالياً الحرص على ضمان توفير الظروف التي تقلص من تأثير الحصار الجائر المفروض على القطاع. وقد عبر نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، 23 يناير/كانون الثاني الجاري، عن هذا التوجه، في حديثه أمام صحافيين في غزة، عندما أكد أن حركته غير معنية بأية مواجهة مع إسرائيل.
في الوقت نفسه، لا يستند الرأي القائل إن إسرائيل قد تلجأ إلى الحرب على غزة للتغطية على فشلها في وقف تدهور عمليات المقاومة في الضفة الغربية إلى منطق سليم؛ حيث تتم عمليات المقاومة في الضفة الغربية بشكل فردي، ولا علاقة للتنظيمات بها. بالتالي، لن يؤثر أي عمل عسكري في قطاع غزة على وتيرة العمليات، بل قد يفضي إلى تصاعدها. من ناحية ثانية، في حال أفضت الاتصالات التي تجري، حالياً، على قدم وساق بين تركيا وإسرائيل إلى التوصل إلى توافق بشأن تخفيف الحصار على القطاع، فإن مثل هذا الاتفاق سيقلص أكثر من فرص نشوب حرب جديدة ضد غزة، على اعتبار أن حركة حماس ستكون معنية باستنفاد الطاقة الكامنة في الاتفاق، لتخفيف المعاناة عن الغزيين، وهذا ما يجعل لديها مصلحة أكبر في الحفاظ على الهدوء. كما أن تل أبيب التي ترى في تطبيع العلاقة مع أنقرة مصلحة استراتيجية لن تكون متحمسة لتصعيدٍ ضد غزة، يهدد فرص تحقيق هذا الهدف.
لكن، ما تقدم لا يلغي احتمال إقدام إسرائيل على عمل عسكري ضد غزة في المستقبل في حال أفضى الحصار واشتداد الضائقة الاقتصادية إلى انهيار منظومة الحكم وتوقف المؤسسات الخدماتية عن العمل في غزة، ما يعني سيادة حالة من الفوضى، ستتجلى بعض مظاهرها في تصعيد عسكري تجاه إسرائيل.
في الوقت الحالي، لا يمكن لإسرائيل أن تحقق هدفها الاستراتيجي المتمثل في تصفية بنية المقاومة في قطاع غزة من دون إعادة احتلال القطاع بالكامل، أو على الأقل السيطرة على مدينة غزة. فقد جزمت الوثيقة الاستراتيجية التي صاغها رئيس هيئة أركان الجيش، جادي إيزينكوت، ونشرتها قيادة الجيش، في خطوة غير مسبوقة قبل خمسة أشهر، بشكل واضح وصريح، بأن أية حرب مقبلة على قطاع غزة يتوجب أن تهدف إلى السيطرة على "مراكز الثقل السلطوي" لحركة حماس؛ ومنظومات القيادة التحكم في جهازها العسكري. ويعني إعلان هذه الوثيقة أن قيادة الجيش الإسرائيلي تلزم المستوى السياسي في تل أبيب بشروط الحرب في قطاع غزة التي تضمن تحقيق الأهداف الاستراتيجية لإسرائيل، وضمن ذلك تصريح بإعادة احتلال القطاع. وقد جاء إصدار وثيقة إيزنكوت رداً على الانتقادات التي وجهتها النخب السياسية والإعلامية في تل أبيب لأداء الجيش خلال الحرب 2014، ولا سيما لعجزه عن حسم الحرب خلال 51 يوماً.
وقد تعاطت مراكز التفكير في إسرائيل مع الوثيقة على أنها "سياسية"، تأتي في إطار المواجهة بين المستويين، السياسي والعسكري، في إسرائيل. فمن الواضح أن إزينكوت يقول للمستوى السياسي إن ضمان تحقيق الأهداف الاستراتيجية في أية حرب مقبلة ضد غزة يتوقف على إعادة الاحتلال القطاع، وإن أي أمر بشن الحرب لا يتضمن هذا التفويض يعفي الجيش من المسؤولية عن تحقيق هذه الأهداف. وتدرك دوائر صنع القرار في تل أبيب الكلفة العسكرية والسياسية والاقتصادية الباهظة لإعادة احتلال قطاع غزة، والبقاء فيه. لذا، لم يكن من سبيل المصادفة أنه، باستثناء وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان، لا يوجد من بين النخب اليمينة في إسرائيل من يتحمس لخيار إعادة احتلال قطاع غزة. أما تسليط المستويات العسكرية الإسرائيلية الأضواء على مظاهر "تعاظم" قوة حماس، واستعادة بناء الأنفاق الهجومية، فيأتي تحديداً كاستخلاص للعبر من الحرب الأخيرة، حيث تم توجيه اتهامات للجيش والمخابرات الداخلية "الشاباك" بأنهما لم يتمكّنا من كشف الأنفاق، ولم يوفرا المعلومات اللازمة لتمكين المستوى السياسي من تحديد الأهداف التي يتوجب على الجيش تحقيقها في نهاية الحرب. ومما يقلص فرص شن الحرب حقيقة أن دوائر صنع القرار السياسي ومحافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب تعي، تماماً، أن حركة حماس غير معنية بأية مواجهة مع تل أبيب، وأن في مقدمة أولويات الحركة حالياً الحرص على ضمان توفير الظروف التي تقلص من تأثير الحصار الجائر المفروض على القطاع. وقد عبر نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، 23 يناير/كانون الثاني الجاري، عن هذا التوجه، في حديثه أمام صحافيين في غزة، عندما أكد أن حركته غير معنية بأية مواجهة مع إسرائيل.
في الوقت نفسه، لا يستند الرأي القائل إن إسرائيل قد تلجأ إلى الحرب على غزة للتغطية على فشلها في وقف تدهور عمليات المقاومة في الضفة الغربية إلى منطق سليم؛ حيث تتم عمليات المقاومة في الضفة الغربية بشكل فردي، ولا علاقة للتنظيمات بها. بالتالي، لن يؤثر أي عمل عسكري في قطاع غزة على وتيرة العمليات، بل قد يفضي إلى تصاعدها. من ناحية ثانية، في حال أفضت الاتصالات التي تجري، حالياً، على قدم وساق بين تركيا وإسرائيل إلى التوصل إلى توافق بشأن تخفيف الحصار على القطاع، فإن مثل هذا الاتفاق سيقلص أكثر من فرص نشوب حرب جديدة ضد غزة، على اعتبار أن حركة حماس ستكون معنية باستنفاد الطاقة الكامنة في الاتفاق، لتخفيف المعاناة عن الغزيين، وهذا ما يجعل لديها مصلحة أكبر في الحفاظ على الهدوء. كما أن تل أبيب التي ترى في تطبيع العلاقة مع أنقرة مصلحة استراتيجية لن تكون متحمسة لتصعيدٍ ضد غزة، يهدد فرص تحقيق هذا الهدف.
لكن، ما تقدم لا يلغي احتمال إقدام إسرائيل على عمل عسكري ضد غزة في المستقبل في حال أفضى الحصار واشتداد الضائقة الاقتصادية إلى انهيار منظومة الحكم وتوقف المؤسسات الخدماتية عن العمل في غزة، ما يعني سيادة حالة من الفوضى، ستتجلى بعض مظاهرها في تصعيد عسكري تجاه إسرائيل.