24 نوفمبر 2020
هل تختلف حكومة الكاظمي في العراق عن سابقاتها؟
واجه تمرير حكومة الكاظمي صعوبات غير متوقعة، فالرجل تلقى دعماً كبيراً خلال تكليفه من كل الكتل النيابية، لكن في أثناء المفاوضات الأمور كلها تقريباً تراجعت إلى المعادلة التقليدية، حصتي كم وأين هي؟
إن طريقة التفاوض حول حكومة الكاظمي، وتسمية الوزراء، أخرجت الحكومة من الحالة الاستثنائية التي يمرّ بها العراق إلى الحالة المرفوضة شعبياً، حيث الرغبات الخاصة لم تلِن أمام الوضع الراهن المؤلم في جميع المجالات.
حائط الحصص الحزبية كان أصلب من قدرة رجل المخابرات الذي كانت كل الكتل حاضرة عند تكليفه بمرسوم جمهوري، بحيث أوصلت إليه رسالة غير مباشرة تقول إن قطع الطريق عليه كما كان الحال مع سلفيه ليس صعباً ولا بعيداً، لأن الحاكم هم الأحزاب، وليس هو، خاصة أنه يفتقر إلى الكتلة البرلمانية التي تقف خلفه. خاض الكاظمي المواجهات من أجل نيل رضى الكتل البرلمانية، الشيعية منها تحديداً، وجاءت النتيجة عبارة عن حكومة على شاكلة الحكومات السابقة التي دفع فشلها الذريع إلى الاحتجاجات المطالبة بالحقوق.
حكومة الكاظمي بعيدة عن روح الشارع المحتج. ولهذا، إياد علاوي الذي كان قد طرح اسم مصطفى الكاظمي لرئاسة الحكومة، في وقت كانت فيه القيادات الأخرى ترفضه، سحب في الأخير دعمه له، لأن الحكومة التي جاء بها مخيبة للآمال، ولا يوجد فيها من يمثل الشارع. الغالبية الساحقة من الوزراء مفروضة عليه من الأحزاب.
النظام في العراق ليس رئاسياً. لكن بما أن الوضع في العراق ليس طبيعياً، وأن الحكومة هذه لم تلد ولادة طبيعية، بل هي من رحم الاحتجاجات التي دفعت عادل عبد المهدي إلى الاستقالة، وكان المفروض أن تكون الحكومة استثنائية بجميع المعايير، وهو ما لم يحدث، ثم إنها مؤقتة بكامل الصلاحية. فالحكومة الجديدة تقليدية بكل المقاييس، ولا تملك روحاً مهنية مستقلة سوى الكابتن عدنان درجال لوزارة الرياضة والشباب، والباقون كلهم من الطينة نفسها التي أطاحتها التظاهرات. إذاً، ما الذي يمكن أن تفعله حكومة وزراؤها من الأحزاب التي ثارت عليها الجماهير؟
الروح التي تحكم تلك الحكومة هي نفسها التي كانت حاكمة في الحكومات السابقة، الأحزاب تدير الوزارات عبر وكلاء في دائرة تتحرك وفق المصلحة الحزبية، وخاصة من الناحية المادية والتعيينات، إذ من المعروف أن الأحزاب تكسب الكثير من الوزارة التي تحصل عليها، والوزير ليس حراً في الإدارة والتعيين، لأنه لو حصل فإن حزبه نفسه يقدمه إلى البرلمان لاستجوابه وسحب الثقة منه، والوزراء يتبادلون المصالح فيما بينهم، من حيث العقود التجارية ومن حيث التعيينات.
لم تأتِ حكومة الكاظمي بالجديد من حيث القوة المعنوية المتحكمة، فلم يبقَ شيء سوى قدرة رجل المخابرات، رئيس الحكومة الجديدة الشخصية. والسؤال هنا: هل سيكون الكاظمي قادراً على الإدارة بطريقة مختلفة عن سابقيه؟ هل سيكون قادراً على فرض رؤيته الشخصية التي نادى بها، وهو معروف بها عند القريبين منه على الكابينة الوزارية؟ خضوعه شبه الكامل في تسمية الوزراء ينبئ بوضع الكثير من علامات الاستفهام، وهل كان يملك شيئاً آخر سوى تلبية المطالب؟