هل استفاد الاقتصاد المغربي من تراجع كلفة الطاقة؟

12 أكتوبر 2015
من اليمين أنور زين وإسماعيل الحمراوي (العربي الجديد)
+ الخط -

تراجعت الفاتورة الطاقوية في المغرب بشكل ملحوظ بسبب تراجع أسعار النفط العالمية. فهل استفادت المملكة من هذا الواقع، وتم توظيف الوفورات لصالح الاقتصاد المحلي؟

إسماعيل الحمراوي: عدّل ميزان المدفوعات الخارجية

يؤكد رئيس حكومة الشباب الموازية إسماعيل الحمراوي، أن الحكومة المغربية دبرت بشكل جيد المرحلة الاقتصادية التي يمر بها المغرب اليوم، ويشدد على أن المسؤولين المغاربة أداروا بشكل جيد تراجع أسعار الطاقة العالمية، التي استفاد منها الاقتصاد المغربي بشكل إيجابي، وخلقت نوعاً من التوازن على مختلف الأصعدة، خاصة نسبة النمو وتراجع معدل البطالة، وتخفيض قيمة الواردات المغربية.

يرى الحمراوي الذي يشغل منصب مستشار وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية في تصريحه لـ"العربي الجديد"، أن انخفاض كلفة الطاقة النفطية بسبب تراجع أسعار هذه الأخيرة في الأسواق العالمية خلال الستة أشهر الأخيرة، مكن الاقتصاد المغربي من انتعاشة كبيرة، خففت بشكل لافت من ثقل الفاتورة الطاقوية، مما ساهم بشكل كبير في تعديل خسائر ميزان المدفوعات الخارجية التي تمتص ميزانية الاحتياط النقدي للمملكة.

ويضيف إسماعيل الحمراوي، أن التأثيرات الملموسة على الاقتصاد المغربي، يظهر أثرها الحقيقي في الرفع من تنافسية الاقتصاد المغربي، كذا استفادة المواطنين من تراجع أسعار مجموعة من المواد الاستهلاكية والخدمات، خاصة المرتبطة منها بشكل مباشر أو نسبي بالكلفة الطاقية، وهذا من وجهة نظر المتحدث ذاته، يؤدي إلى زيادة الطلب على الاستهلاك، مما يحفز المستثمرين على مزيد من الاستثمار وهو ما يؤدي بشكل من الاشكال إلى تراجع النفقات الطاقوية للشركات وبشكل طبيعي انتعاش سوق الشغل.

ويقدم الحمراوي، مجموعة من الأرقام حول سوق الشغل في المغرب وتطورها خلال الفترة الأخيرة. حيث يقول"إن معدلات البطالة في المغرب حسب ما أكدته أرقام المندوبية السامية للتخطيط أخيرا، انخفضت من 9.3% إلى 8.7% على المستوى الوطني". ويزيد حول مدى استفادة صناديق المغرب من تراجع أسعار النفط العالمية طيلة الفترة الماضية، بالإشارة إلى الأثر الإيجابي على صندوق المقاصة (صندوق خاص بدعم أسعار مجموعة من المواد الاستهلاكية الأساسية ومنها المحروقات)، والذي سيكون له النصيب الإيجابي الأكبر من انخفاض الفاتورة الطاقوية، حيث سيخفف عليه أعباء ضبط توازن الأسعار داخل الأسواق المغربية، ما سيمكن الدولة من تخفيض ميزانية دعم أسعار المحروقات.

ويؤكد الحمراوي، أنه من بين أهم مكاسب تراجع أسعار الطاقة العالمية للمغرب، تراجع كلفة الإنتاج داخل الوحدات الصناعية وغيرها، سواء التي تعتمد على مختلف المواد الطاقوية، ما سوف يجعل هامش الربحية مرتفعا طيلة هذه الفترة، والتحفيز على الرفع من مستوى الإنتاج.
ويضيف الحمراوي، أن الاقتصاد المغربي ربح مقارنة مع السنوات القليلة الماضية، أكثر من نقطتين في نسبة النمو الاقتصادي، التي دعمتها تراجع كلفة الطاقة، وتراجع نسبة العجز في الميزان التجاري المغربي، بالإضافة إلى تسجيل مردود قوي على مستوى الإنتاج الفلاحي المغربي خلال العام الحالي.

ويعرض رئيس حكومة الشباب الموازية، مكاسب أخرى للاقتصاد المغربي، حيث تراجع الدين العمومي، ودعم هذا الانخفاض تقليص الواردات المرتبطة بأسعار النفط، ما مكن الحكومة المغربية من تقليض نسبي ملحوظ في الدين العمومي الذي يكبل نمو الاقتصاد المغربي منذ سنوات، والذي يمثل أكثر من 60% من الناتج الداخلي الخام.

ويقول إسماعيل الحمراوي إن الحكومة المغربية مقبلة خلال الأشهر المتبقية من العام الحالي على طرح مشروع قانون المالية (الموازنة) لسنة 2016. ووصف الحمراوي مراحل الإعداد، بالمريحة نسبيا، نتيجة تضافر المعطيات الاقتصادية الإيجابية لصالح المناخ الاقتصادي المغربي. ويشدد على أن الحكومة تتوفر اليوم على مقومات تحديد هدف تجاوز نسب نمو تفوق الـ5%.

أنور زين: أداء القطاعات الانتاجية ظل ضعيفاً

يعتبر الأستاذ في الجامعات والمعاهد الاقتصادية، أنور زين، أن تقييم استفادة الاقتصاد المغربي من تراجع كلفة الطاقة يجب أن ينطلق، بالضرورة، من عمق عجلة الاقتصاد المغربي، ويطرح سؤالاً: "هل فعلاً استطاعت الحكومة أن تجعل لهذا التراجع أثراً ملموساً ومباشراً على الحياة الاقتصادية المغربية؟".

وقدم أنور زين في تصريحه، لـ "العربي الجديد"، مجموعة من المؤشرات، التي يعتبر أنها محددة في تقييم تأثير تراجع كلفة الطاقة، التي كانت تستنفذ ميزانية المغرب بشكل كبير، قبل تراجع أسعارها. وحسب المتحدث ذاته، المؤشر الأول هو نظرة على قطاع الأشغال العمومية، على اعتبار أن الدول هي المستثمر رقم واحد. وهنا يوضح أنور زين أنه بالنظر إلى قوانين موازنة المغرب خلال سنوات 2013، 2014 و2015، يتضح أن نسبة تنفيذ الاستثمارات، التي رصدت لها سيولة في موازنات السنوات المذكورة، تقف عند سقف 60% فقط، في حين أن الـ 40% المتبقية، حسب زين، هي نسبة مهمة لا يمكن تجاهلها. المؤشر الثاني، حسب أنور زين، ضعف أداء القطاعات الإنتاجية المغربية، التي تعتمد بشكل كبير على تحسن المناخ الاستثماري في المغرب. ويذكر من بينها القطاعات الموجهة للتصدير، وقطاع النسيج الذي يعيش أزمة تتفرج عليها الحكومة المغربية، وقطاع الصناعة الدوائية، الذي يرى أنور زين إمكانية تطويره بشكل كبير في دول القارة الأفريقية، بالإضافة إلى تراجع مبيعات الصناعة التقليدية في الأسواق الدولية، بسبب منافسة الدول المقلدة للمنتوجات المغربية. "ويجب أن نلمس نموّاً في هذه القطاعات إذا أردنا تصديق استفادة الاقتصاد المغربي، ومعه الشركات، من تراجع كلفة الطاقة"، يضيف زين.

ويشدد الأستاذ في المقاولات والتواصل على أن ما يعزز نسب النمو في المغرب، في السنوات الأخيرة، هو القطاع الزراعي، حيث أن المواسم الفلاحية الأخيرة كانت جيدة بسبب التساقطات المطرية. وبرغم ذلك، حسب وجهة نظر أنور زين، المؤشرات الاقتصادية تخبرنا بعدم اكتفاء الفلاح المغربي بالتساقطات المطرية فقط اليوم، بل في حاجة إلى توطين الإنتاجات التحويلية للمنتجات الزراعية المغربية، كي تستطيع التنافس دوليا. ويختم زين تصريحه، لـ "العربي الجديد"، بالقول: "الحديث عن استفادة الاقتصاد المغربي من تراجع كلفة الطاقة لصالح النمو، لا يمكن أن يقفز على أداء الشركات، والمشاريع العمومية كما أسلفنا الذكر، وبخصوص الشركات المدرجة في البورصة، فنتائجها الاقتصادية ضعيفة إلى متوسطة، منها الشركات الكبيرة الفاعلة في قطاع العقار".

المساهمون